كاردوخ ميردرويش :
ترجمة كلمات الاغنية :
نزلت قدم خير من أعالي الجبال , عازمة على الحرب والقتال ..
وفي طيات حزامها الحريري , مسدس محشو بالرصاص ..
قدم خير يا ذات الحذاء المخملي , و الشعر المنحنى ...
أبهرني جمالك الفتّان , وألهب السلاح في يدك حماسي ...
سيلوذ أعداؤك بالفرار من الميدان , و يكون نصيب من يبقى النكبة والخسران ..
بادري سيدتي بالقتال .. و لسوف أبني لك هودجا" من الريحان ..
كي يقي عينيك الجميلتين من وهج الشمس ....
الأميرة الكوردية اللورية (قدم خير)، هي ابنة الامير (قند القلاوندي) ، أحد أمراء إمارة لورستان الصغرى في غربي ايران . كانت قدم خير الاميرة المدللة فارسة بارعة و ذات ذكاء و جمال و حكمة. وعرفت بالبطولة و الشجاعة و حب و عشق الكورد وكوردستان . و لدت في نهاية القرن التاسع عشر ، و تحوّلت بفضل صفاتها المتميزة الى مادة دسمة للعديد من الأشعار والأغاني الكوردية و خصوصا باللهجة اللورية، التي تغنت بصفاتها المميزة بحسنها وجمالها وشجاعتها والتي مازال صداها حتى يومنا هذا . عندما كبرت أميرتنا الكوردية قدم خير و شهدت الظلم و الاضطهاد و الدمار الذي يعانيه شعبها على يد الشاه و رجاله الذين لم يتوانوا يوماً في محاولاتهم لإبادة الشعب الكوردي و قتل زعماء العشائر و تهجيرهم من أراضيهم وبذلك فقد تولدت لديها روح النضال والفداء والتضحية بالغالي والنفيس من اجل تحرير ارضها وشعبها من دنس أولئك الاعداء المجرمين . خاضت الاميرة قدم خير اللورية الجسورة حربا شرسة ضد الشاه رضا خان بهلوي وثارت على سلطانه جراء قيامه بقتل أخيها الأمير شاه مراد خان، اخر امراء امارة اللر الصغرى غيلة و غدراً عام 1925م، فانتفضت انتقاماً له، حاملة لواء الثورة و التمرد، فوفقت في فترة وجيزة من جمع عدد كبير من المقاتلين حولها و عزمت على تحرير ارضها و شعبها من حياة الذل و الاضطهاد السائدة في ذلك العهد ، فارسلت بهذا الخصوص رسالة الى الشيخ محمود الحفيد عارضة عليه توحيد جهودهما بهدف تخليص الكورد من مظالم و الاحتلال الاجنبي ، فقد جاء في نص الرسالة انها تحارب في كوردستان ايران التعسف و الاستبداد و ترفض الخضوع لنير العبودية و أنها لا ترضى ان تتحول بلادها الى لقمة سائغة للاعداء . كما اوضحت للشيخ ان شقيقها قتل ظلماً و غدراً، فدعته الى توحيد قواتهما و امكاناتهما المتاحة في جبهة واحدة من اجل تحررهما المشترك في العراق و ايران مؤكدة في نفس الوقت استعدادها التام لوضع كل امكاناتها المتوفرة من الرجال و الاسلحة و الاعتدة تحت تصرف الشيخ محمود الحفيد، و بحسب قولها في الرسالة فان تلك الامكانات و التجهيزات كانت تكفيهما لمدة عامين. غير ان الشيخ الحفيد لم يستطع ان يلبي دعوتها للنضال كونه كان تحت اقامة اجبارية وكان يدرك جيدا بان تدخله كان يعني دخول بريطانيا إلى جانب الشاه بشكل مباشر لضرب الثورة كما كان يدرك بان تدخله سوف يؤدي إلى دخول العراق في الحرب ضد الثوار . عندها قررت الاميرة قدم خير أن تقود الحرب بنفسها فقامت بجمع الأنصار للدفاع عن قضية شعبها الكوردي ، داعية إلى الأستقلال و الانفصال عن أيران ، فلحق بها الكورد الفيليون بحماس منقطع النظير ، وبأعداد شجعتها على الاشتباك بقوات الجيش الإيراني بشن حملات الكر والفر عليها في جبال لورستان الوعرة حتى أنهكتها وغنمت الكثير من الاسلحة و المؤن الكافية و فرضت سيطرتها على أغلب مناطق لورستان وبروجرد . و ألحقت الهزائم تلوى الاخرى بجنود الشاه الفارسي المجرم . و عندما فشل الشاه الغدار في القضاء على ثورتها لجأ إلى المكر و الخديعة ، فأرسل إليها وفدا محملا بالهدايا و عرضا" بالزواج منها و وعدا" بإطلاق يدها للقيام بإصلاحات اجتماعية في بلادها لورستان ورفع مستوى معيشة سكانها على حساب خزينة الدولة . ولكنّ أميرتنا الشامخة قدم خير طردت وفد الشاه شر طردة ورفضت عروضه مدركة نواياه الشريرة و غضبت قدم خير من الوفد وأمرتهم ان يحملوا كل ما جلبوه من هدايا ، وان ينقلوا الى الشاه الغادر نص كلامها الآتي : ( انا لست امرأة لأتزوج ، إنما أنت امرأة ) . فأعاد الشاه الكرّة و أوفد بعثة من رجال الدين ورؤساء القبائل وعدد من موظفيه ومعهم مصحف عليه أثر كفه دلالة على قسمه بالقرآن الكريم بصدق نواياه , و أنّه قد أصدر عفوا" شاملا" عنهم , بلا قيد أو شرط ، و أن يعود كل مسلح لداره وعياله، واعدا" أن يعمر لورستان أفضل من السابق . و على الرغم من انها لم تكن المرة الاولى التي يقوم فيها الاعداء بخداع الكورد بأسم الاسلام . و مع ذلك صدق معظم الثوار الكورد وعود الشاه الغادر بعد حلفانه بالقرآن , وفي اليوم التالي اتجه موكب الثائرة صوب طهران ومعها أكثر من مائة مقاتل من أنصارها . ولدى وصول الموكب استقبل بحفاوة بالغة وكرم لا نظير له . إذ تقدمت مجموعة من نسوة البلاط واصطحبت قدم خير إلى القصر ، في حين توجه أنصارها نحو ساحة عامة عامرة بموائد الطعام من كل ما لذ وطاب . وقال شاهد عيان معمر أنه شاهد قدم خير في صباح اليوم التالي مربوطة من شعر رأسها بذيل بغل هائج وهو يطوف بها حتى تقطعت أوصالها ، بعد أن فتك الجند بأنصارها جميعا ليلة وصولهم إلى طهران . ومما يؤسف له أن تكون المعلومات المتاحة عن هذه الثائرة الكوردية البطلة قليلة ، حيث يقتصر معظمها على قصص وحكايات أصبحت جزءا من التراث الشعبي الكوردي ، وتتوسط صورتها معظم بيوتهم .
كاردوخ ميردرويش
