عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

أحمـد قاسـم : الهاجس الأمني والبحث عن الحلول



أحمـد قاسـم : 

تتحرك الولايات المتحدة الأمريكية في الآونة الأخيرة لإيجاد حلول ناجعة, وفرضها على النظام السوري . ومن اجل ذلك تتواصل مع من يسمون بالقوى الديمقراطية والمدنية, وتعمل لتدريب مجموعات تقود المرحلة الإنتقالية بعد سقوط النظام وإنتشاله. حيث أن الولايات المتحدة تبدو أنها عازمة للمسك بالمبادرة التي قد تنتهي من دراستها ووضع

خارطة طريق للبدء بتنفيذها. كل المؤشرات تدل على أن المجتمع الدولي بعد كل محاولاته مع النظام, أخفق في ايجاد وسيلة سلمية لإيقاف العنف في سوريا, في الوقت الذي لم يبدي النظام السوري أية رغبة لإيقاف نزيف الدم على حساب تنازلات يهتف بها الشعب السوري منذ سنتين. حيث بلغت حجم الدمار وعدد القتلى إلى مستوى مخيف, قد يصعب ترميمها وتضميد الجراح لسنوات...

لكن مع كل ذلك هناك هاجس أمني لدى المجتمع الدولي يدفعه إلى أخذ الحذر والحيطة في كل مبادرة يدرسه والبحث عن الممكنات لوضح حل من شانه إيقاف هذا الحرب المدمر في سوريا بعد أن تكاثرت عدد المنظمات المتطرفة من الجهاديين على طول البلاد وعرضها وخصوصاً جبهة النصرة التي اصبحت إنتشارها مخيفاً, وهي تحقق إنتصارات واضحة على الأرض عسكرياً. لذلك, تتخذ الولايات المتحدة إجراءات وقائية, تحسباً من أن تشكل تلك المنظمات خطراً على مستقبل سورياً, وتكون عائقاً أمام تشييد نظام ديمقراطي تعددي مدني بعد سقوط هذا النظام. حيث أن هذا الهاجس لا تقل أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية ذات الشأن عن أهمية إيجاد حلول سلمية إن أمكن. وعليه, اتخذت ولايات المتحدة مع بريطانيا وفرنسا, وبالتعاون مع تركيا والأردن قرار تشكيل قوة مسلحة من مجموعات علمانية ومعتدلة من الإسلاميين لتكون نواة جيش وجهاز أمن تواكب إسقاط النظام وتمسك بزمام المبادرة على مستوى البلاد لعدم إسقاط الدولة وانتشار الفوضى كما ترغب بها النظام من جهة وتلك المنظمات السلفية والأصولية المتطرفة والمسلحة من جهة أخرى, وبالتالي تفويت الفرصة على الجهتين للحفاظ على أمن المواطنين وعدم الإنجرار إلى حرب طائفية قد تودي بالبلاد إلى الزوال. وكما تقول المعلومات الواردة, أن الولايات المتحدة اتخذت على عاتقها عمليات التدريب بالتعاون مع تركيا والأردن وبريطانيا, أما الدول الأوروبية ذات الشأن مثل ألمانيا وفرنسا وبلجيكا تعهدت بالتسليح, والدول الخليجية التمويل المالي للعملية التي في طور التجهيز...
 
ومع كل ذلك لم تتخلى أمريكا عن البحث عن حلول سلمية لرحيل النظام من دون تدخل عسكري, وهذا ما تعهدت لموسكو على ما يبدو, على أنها تفضل الحل السلمي للأزمة وإيقاف هذا العنف المدمر الذي بات يؤثر ويهدد أمن وسلامة الدول الجوار, وخصوصاً أمن وسلامة إسرائيل في القريب العاجل إن استمر الحال على ما هو عليه الآن.. لذلك من الأولى أن تأخذ إجراءات وقائية لمحاصرة الأزمة ووضع نهاية لها وفقاً لخطة مدروسة على المستويين السياسي والعسكري. من هنا اتخذ باراك أوباما بعضاً من الإجراءات. أولها إرسال وزير خارجيته جون كيري لمناقشة أفكاره مع الدول ذات الشأن في المنطقة وأخذ الموافقة المسبقة لتنفيذ ما يفكر به.. وثانيها تكليف مجموعة من الخبراء لدراسة كل الإحتمالات السياسية والعسكرية على حدٍ سواء لوضع خطة مبرمجة مصانة تحقق النجاح من دون أن تتهور وتنزلق الولايات المتحدة نحو التدخل العسكري المباشر ... وثالثها, اتخاذ القرار على المستويين السياسي الدبلوماسي ـ على أساس الحوار بين الأطراف والدول ذات الشأن على طاولة مفتوحة ولزمن محدد ـ وعلى المستوى العسكري ـ تدريب المجموعات المعتدلة من الإسلاميين والعلمانيين لتكون نواتاً للتدخل العسكري بعد تسليحه تسليحاً على المستوى الإستراتيجي لإسقاط النظام وبناء البديل الديمقراطي ... وستواكب مع هذه الإجراءات تواصل اللقاءات مع ممثلي مكونات الشعب السوري بمختلف ألوانها القومية والدينية لزجها في العملية من خلال تشكيل معارضة سياسية جامعة من العرب والكورد والسريان والآشوريين والدروز والسنة والعلويون والمسيحيون... بحيث تشمل هذه المعارضة كافة الأطياف لتكون فاعلاً على المستوى الجماهيري, وبالتالي تستطيع أن تكون بديلاً قادرة على التمسك بالبلاد وعدم إنهيار مؤسساته المدنية كما حصل في العراق... ومن أجل تحقيق ذلك يجب على تلك المعارضة أن تتوافق فيما بينها على استراتيجية واضحة لقيادة البلاد من خلال وضع مشروع للمرحلة الإنتقالية كمسودة دستور للبلاد تؤمن حقوق الإنسان على مستوى الفرد والمجموعات, وكذلك حقوق القوميات التي يكون منها الشعب السوري, من العرب والكورد والآشوريين والتركمان... كل حسب خصوصياته القومية والجغرافية... هذا بالإضافة الى إلتزام المعارضة بقبول المواثيق والقوانين الدولية, وكذلك المعاهدات والإتفاقيات التي تلزم سوريا على عدم تجاوزها بما تضمن حقوقها وحقوق الدول الجوار في العيش المشترك بسلام وأمان ووئام, وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى...

أعتقد أن المرحلة القادمة ستشهد تحركات دولية أكثر نشاطاً وفاعلية, وستشهد سوريا مرحلة أخرى من العنف المتزايد من قبل النظام والمجاميع المسلحة المتطرفة على حدٍ سواء تسابقاً مع التقلبات على المستويين الداخلي والتفاعل الإقليمي وعلى المستوى الدولي لتقويض العملية الدولية سياسياً والتوجه نحو الحل العسكري والتدخل الدولي الغير مباشر عسكرياً..

أحمـــــــد قاســـــــم
الكاتب والسياسي الكوردي السوري    12\2\2013    




جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان