عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

أحــمد قاســم : العلويون في سوريا ضحايا للمد الإيراني


أحــمد قاســم :

سوريا لكل السوريين..هكذا كان يقال منذ أن حكم حافظ الأسد سوريا من بعد حكومات بعثية متعاقبة كانت تردد ليلاً نهاراً وجهاراً أن سوريا, سورية البعث, ومن ينتمي إلى سوريا فهو عربي, ومن الواجب عليه أن يكون بعثياً ليستحق أن يكون سورياً... لكن الذي أضاف اليه حافظ الأسد, كانت أكثر عمقاً في خطورتها, على أن كل الطوائف والمكونات من

 الشعب السوري هم عرب أصلاء.. وانتهج صيغة للخطاب السياسي حرم لأي قيادي بعثي وحكومي وفي الإعلام بشكل عام ذكر اسم( الكوردي ) وكذلك وللتكتيك منع ظاهرياً تداول اسم الطائفة العلوية والسنية وخاصة بعد أحداث بداية الثمانينيات من القرن الماض التي عرفت بأحداث ( حماة ) . حيث سارعت الطائفة السريانية إلى صياغة اقصوصة لها على أن اصولها ترجع الى عشائر عربية لكنهم اعتنقوا المسيحية وانتموا الى الكنيسة السريانية لإرضاء القيادة البعثية وعلى رأسها حافظ الأسد.. وكذلك حافظ الأسد بنفسه ذهب الى الجامع الأموي وأكد بنه عربي سني وينتمي إلى سلالة عدنان العربية الأصيلة. وحتى بعض من التركمان واللآشوريين والشراكسة هرعو الى الأصول العربية خوفاً من أن يتهموا بالتآمر على سوريا, وهي نظريةاخترع حافظ الأسد على أن من لاينتمي إلى سورية البعث والقائد فإنه يتآمر على سوريا كدولة وككيان يجب اقصائه ومحاسبته..... إلى جانب كل ذلك كان يجند العلويون في السلطة والقيادة والإدارة بحبكة وذكاء مع تهديد من يذكر بأن العلويون هم الحكام... وإثر انتصار الثورة الخمينية واعتلاء الملالي على سدة الحكم في ايران, سارع حافظ الأسد بمباركة الخميني ووقع عقد الشراكة في ممارسة سياسة مشتركة في المنطقة تحت يافطة مناهضة الإمبريالية والصهيونية وعلى رأسها أمريكا التي سميت بالشيطان الأكبر.. حيث باشر الأسد احتواء المعارضات من الدول العربية تحت مسميات عدة , ودعمهم بالمال. لكن في حقيقة الأمر كان ذلك غطاءً لدعم الحركة الشيعية والعلوية لتقويتها وتنظيمها بشكل جدي لتهديد الانظمة التي قد تعادي سورية وإيران من جهة, ومن جهة أخرى محاولة منهما( اي سوريا وايران ) لدفع الطائة من اجل استلام الحكم في المستقبل في البلدان التي تتواجد فيها الطائفتين التوأمين بشكل مقتدر. ونذكر مخاوف دول الخليج في بداية الثمانينيات عندما حاولت ايران دعم حركات الشيعية في تلك الدول في العلن, وخاصة في العراق, مما ادى الى دفع الخليجيين النظام العراقي لشن حرب على إيران, حيث دام ثمانية سنوات كلف الطرفين أكثر من مليون قتيل وخسائر مادية فاقت كل الأرقام. كان حينها حافظ الأسد المدافع الوحيد عن إيران بين كل الدول العربية, فقط بحجة أن إيران تناهض أعداء القومية العربية من الرجعيين العرب والدول الإمبريالية والصهيونية العالمية. وللتاريخ علينا أن نؤكد أن حافظ الأسد كان يستعمل قوة إيران في تمرير سياساته الشرق الأوسطية والدولية وخلق نوع من التوازن الدولي من خلال احتضان قيادة المعارضات العربية باسم العروبة والقضية المركزية التي تمثلت بقضية فلسطين, حيث نصب نفسه القائد الأوحد الذي لايتنازل عن حق العرب تجاه اعدائه بشعارات تتبدل وفقاً لمتطلبات المرحلة. من تشكيل جبهة الصمود والتصدي إلى إقامة التوازن الإستراتيجي بين سوريا واسرائيل بعد اتفاقية كامب ديفد في نهاية السبعينيات من القرن الماضي.

وخلال فترة حكمه استطاع حافظ الأسد بمساعدة إيران وبذكائه الذي يشهد له ان ينظم العديد من الحركات في الدول العربية باتت تهدد امن وسلامة كل دولة في حال مناهضة تمرير سياسات الأسد. من تشكيل حركة أمل وحزب الله في لبنان الى دعم ومساندة الأحزاب الشيعية في العراق وجبهة تحرير البحرينية في البحرين والمجاميع الشيعية في السعودية الى دعم حركة الحوثيين باسم الجبهة الوطنية لتحرير اليمن... الى السودان وحتى المغرب...

كان تحالف إيران مع سوريا تحالفاً لايقبل الإنفكاك لأنه مسَ مصير الدولتين في آن معاً ويخص الطائفتين من حيث الوجود على رأس الهرم في السلطة لدولتين, وأن أية خسارة تلحق لأحد النظام ينأثر الآخر بشكل مباشر..

وبعد رحيل الأسد واستلام ابنه بشار للحكم, والتطورات التي حصلت في المنطقة بأسرها, حيث بدأت موازين القوى تتغير في المنطقة بدءً من انتهاء الحرب الباردة وانهيار الإتحاد السوفيتي مع تفكيك حلف وارسو, بدأت إيران تستعمل سوريا كواجهة للدفاع عن نفسها تجاه ضغوطات دولية عليها, نتيجة لمحاولاتها الجادة من أجل امتلاك السلاح النووي منذ عدة سنوات. حيث دفعت حزب الله وحركة حماس بشن العديد من الهجمات على اسرائيل لعرض عضلاتها وليس لتحرير الأراضي كما يدعون, لتكلف لبنان خسائر لاتعوض في عدة عقود.. وكذلك التعامل مع كل التنظيمات الإرهابية في المنطقة وخاصة القاعدة منها لإستعمالها ورقة ضغط على السياسة الدولية التي تحاول اجبارها عن التخلي من تخصيب اليورانيوم للأغراض العسكرية. ومع الأسف الشديد الآن سوريا أيضاً تُستعمل النظام كمنظمة إرهابية ضد الإرادة الدولية في حربها ضد شعبها الأعزل الذي يطالب بالحرية والكرامة .

إن زج النظام الإيراني الآلاف من الإيرانيين واللبنانيين من حزب الله في معركة ضد الشعب السوري وأخذ النظام السوري رهينة و بدعم روسي لفك الحصارعن إيران, وإجبار المجتمع الدولي على غض النظر عن سياساتها التوسعية والتدخل في شؤون دول المنطقة سيكلف الشعب السوري مئات الآلاف من القتلى وتدمير سوريا بالكامل. لكن الخاسر الأكبر في هذه المعادلة المرعبة هي الطائفة العلوية التي وقعت في قفص الإتهام على أنها تمارس حرباً طائفية ضد الطائفة السنية من العرب السوريين, وأن دعم الخليج للمجاميع المسلحة السنية المختلفة الإنتماءات توحي على أنها تحارب المد الشيعي الإيراني على أرض  سوريا, و ضد العلويين الذين يرتبطون بالنظام الشيعي الإيراني إرتباطاً عضوياً, حيث أن تركيا في جوار سوريا تشاطر دول الخليج في هذا الرأي وتعمل من اجل إخضاع الطائفة العلوية بقوة السلاح والنار.

هنا مكمن السؤال الذي يطرح: فهل بمقدور العلويين الدفاع عن سياسة إيران إلى النهاية ولو كلف ذلك ما يكلف عدم بقائهم من وجودهم كمكون سوري أصيل؟

إن جميع المكونات من الشعب السوري تنتظر الموقف الوطني من إخوتهم العلويين لإتخاذ موقف يتوافق مع مواقف الشعب السوري بجميع مكوناته. ولا تكون طائفتهم وقوداً للدفاع عن النظام الذي يدافع عن السياسة الإيرانية في المنطقة, والتي ستكلف ذلك تدمير سوريا بالكامل. حيث أن ذلك ستجبر الشعب السوري في آخر المطاف إتخاذ موقف قد تسيء هذه الطائفة الكريمة التي هي بمحض إرادتها تدفع بالشعب السوري الى اتخاذ موقف يدين ما يقومون بها من إسائة للشعب السوري في هذه الحرب الظالمة من قبل النظام خلال دفاعها  ومساندتها عن عصابات النظام الفاشي والطاغي الذي يرتكب كل يوم جرائم يطال كافة فئات من شعبنا وتدمير أحياء من المدن بالكامل.

سوريا أصبحت ساحة لحرب إيرانية خليجية ـ شيعية سنية ـ يهدد كيان الشعب السوري بأسره كدولة وكشعب. ومن أجل إنقاذ سوريا من هذه الحرب الظالمة على الأخوة العلويين أن يبادروا و بحسن النية على أنهم غيورين على وطنهم سوريا من خلال طرح مبادرة ومشروع وطني متكامل تتوافق مع تطلعات الشعب السوري وطموحاتهم لتحقيق وبناء دولة العدل والمساواة أساسها الديمقراطية التعددية وحماية حقوق الإنسان والجماعات بكل إنتماءاتها القومية والدينية والمذهبية وإنهاء حكم ظل كابوساً على صدر شعبه طوال خمسة عقود, وآن الأوان عليه أن يرحل.


أحــــــــمد قاســـــــــم
الكاتب والسياسي الكوردي السوري       15\2\2013

جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان