عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

أحمـد قاسم : الحوار أم مواجهات من نوع آخر في سوريا


أحمـد قاسم : 

يركز المجتمع الدولي في هذه المرحلة العصيبة من حياة الشعب السوري على موضوع فتح الحوار بين المعارضة والنظام. وفي أثناء تصريح لوزير خارجية سوريا وليد المعلم في موسكو على قبول سوريا فتح الحوار حتى مع المعارضة المسلحة, في ذات الوقت تنهال الصواريخ الباليستية البعيدة المدى على مدينة حلب لتدميرها, وتفريغ سوريا من شعبها الذي يواجه اشرس نظام يشهده التاريخ الحديث...

كانت المعارضة تترجى من بشار الأسد قبل سنوات أن يقوم بإصلاحات يستحقها الشعب السوري نحو التغيير السلمي من دون تدخل خارجي, وعدم ترك الثغرات لتكون ذريعة لمن يتعمد لسوريا الشر ودفعها نحو التدمير. فبدلاً من أن يتجاوب بشار الأسد مع مطاليب المعارضة الوطنية بإيجاب, والتشاور معها على إيجاد آليات من شأنها تطوير سوريا نحو التغيير الديمقراطي بشكل سلمي, والحفاظ على امن وسلامة المواطنين وحفظ كرامتهم ومنحهم شيئاً من الحريات الشخصية وتفعيل دور المجتمع المدني, وكذلك دعم الحريات السياسية والثقافية والإعلامية من خلال تأسيس مؤسسات ديمقراطية في حدودها الدنيا, كأساس يعتمد عليها من أجل التطوير التدرجي نحو الأفضل خدمة للشعب والوطن والدولة, بعيداً عن التشنج بين السلطة والشعب. فبدلاً من ذلك, تقدم بشار الأسد بإصدار قرار اعتقال كل من يطالب بالتغيير والإصلاح, فكانت ضحية تلك المطاليب اعتقال قيادة الأمانة العامة لإعلان دمشق بتهم باطلة لا أساس لها من الصحة...

وبعد قتل أكثر من مائة الف من المواطنين وجرح ضعفهم, وتشريد وتهجير الملايين, وتدمير أكثر من نصف سوريا بالصواريخ والمدافع... وجعل من سوريا بؤرة للإرهاب من خلال إشاعة الفوضى وفقدان للامن.. وطوال ما يقارب من سنتين والشعب السوري يواجه الكوارث والمآسي, ويظهر الأسد على الشاشة ليهدد العالم أجمع من خلال تدمير سوريا وإبادة شعبها حيناً بعد حين.. والآن يظهر وليد المعلم ليعلن قبول النظام التحاور مع المعارضة حتى المسلحة منها, ليطبل ويزمر روسيا, وتطالب من أمريكا وأوروبا والدول الصديقة للشعب السوري أن يضغطوا على المعارضة للقبول بالحوار مع النظام ورأسه الذي ارتكب افظع المجازر بحق السوريين وتدمير سوريا من اجل بقائه... ومع ذلك, من يضمن ان النظام صادق على أنه يوافق الحوار مع المعارضة , ولكن بشرط ان يُحاسب من أَجرم بحق الشعب السوري وارتكب كل هذه الجرائم التي ارتقت إلى مستوى جرائم حرب, وجرائم ضد الإنسانية, وجرائم الإبادة الجماعية وتقديمهم إلى القضاء العادل.

من المعروف أن نظام البعث السوري وقيادته تمارس المراوغة والخداع بأبشع صورها. وأن ما يصرح به وليد المعلم ليس إلا تكتيكاً ونوعاً من المراوغة السياسية والدبلوماسية لإنقاذ النظام وحلحلة الخناق عن رقبته بعد ان أطلق معاذ الخطيب فكرة الحوار مع النظام وبشروط معروفة.. حيث أن النظام يدرك تماماً أن الوضع في سوريا يتجه نحوالمزيد من العنف ضد النظام , وأن مدينة حلب تتحول إلى أن تكون عاصمة للمعارضة, لتدار منها القيادة العملياتية العسكرية والإدارية للمناطق التي ستتحرر تباعاً من سيطرة النظام... ويعلم النظام أيضاً بأن اجتماع روما سيسفر عن شيء ليعزز مكانة المعارضة سياسياً وعسكرياً من خلال الدعم المالي واللوجستي بعد أن أكد على ذلك جون كيري وزير خارجية أمريكا ومطالبة المعارضة للحضور في الإجتماع, حيث وافقت المعارضة بعد إعلانها للمقاطعة...

النظام السوري سيوافق على الحوار مع الشياطين, فقط من أجل أن يحصل على مساحة من المراوغة الدبلوماسية ليتناور مع الدبلوماسية الدولية التي تتنشط في هذه الأيام مع تصعيد العنف الذي يستخدمه النظام ضد المدن بصواريخ سكود والباليستية التي تطلق من بعد أكثر من 300 كم لتدمر أكبر قدر من الأحياء, وخصوصاً في حلب, بعد أن أدرك أن حلب هي الفصل بين الهزيمة والإنتصار للجانبين على حدٍ سواء, أي بين المعارضة المسلحة وقوات النظام... ويقيناً أن الأسابيع القليلة القادمة ستتغير مجرى المعارك نحو منعطف أشمل وأخطر إن لم يتحرك المجتمع الدولي وبشكل سريع لإصدار قرار ملزم على النظام من أجل وقف العنف, وإلا, إنني أعتقد أن الوقت يتقرب إلى نهايته, عندها لاتفيد القرارات بعد أن تلتهب نيران الطائفية لتحرق البلد وتمتد إلى الجوار. لذلك أعتقد أن الحوار الذي يوافق عليه النظام هوالحوار من أجل التحضير لمواجهة المعارضة من نوع آخر تكون أكثر شراسة وأعنف قساوة... فهل بقي من يصدق هذا النظام بعد كل ما فعل ؟

أحمــــــــد قاســـــــــم
الكاتب والسياسي الكوردي السوري    26\2\2013


جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان