عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

أحمــد قاسـم : الحوار والحل السلمي عنوان بلا حلول


أحمــد قاسـم : 

كان من الممكن أن يستقيل الأخضر الإبراهيمي من مهمته الموكولة إليه من قبل المجتمع الدولي للبحث عن حل للأزمة السورية من خلال لقاءات يقوم بها مع أطراف التي لهم صلة وتأثير على سيرالأحداث, عوضاً عن الأطراف المتنازعة في الداخل السوري من المعارضة والنظام بعد أن فشلت كل المحاولات السابقة بما فيها التي قام بها

 الموفد الأممي كوفي عنان وتجربة إرسال مراقبين للعمل على وقف أعمال العنف في سوريا. لكن إطلاق معاذ الخطيب فكرة إمكانية البدء بالحوار مع النظام من دون وضع خارطة الطريق لتلك الفكرة, وكأنه جاءت لتنقذ الأخضر الإبراهيمي من اليأس الذي وصل إليه وانسداد كل المنافذ أمام دبلوماسيته التي قام بها بدون توقف.
ومنذ إطلاق معاذ الخطيب رئيس الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية تنشطت الأطراف من جديد, وكأن بصيص أمل باتت تنير النفق المظلم الذي وصلت اليه الحالة السورية, ليسير الدم من جديد في عروق الأخضر الإبراهيمي, ويعرض الفكرة من جديد على كل من النظام السوري والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا, لإنجاح فكرة عملية الحوار, قد تنقذ سوريا من الجحيم الذي ينتظرها إن لم يتوقف العنف باسرع وقت ممكن.

بالتزامن مع تبلور فكرة الحوار والبحث عن طريق البدء به, سارع المجلس الوطني السوري وأطراف من الإئتلاف على رفض الحوار بدون شروط مسبقة, واشترطت على أن يكون الحوار على كيفية نقل السلطة لتسبق الحوار, وأن يتضمن الحوار على عملية رحيل النظام ورأسه كشرط مسبق لا تنازل عنه. أما هيئة التنسيق الوطني للتغيير رحب بفكرة الخطيب واعتبرها تطوراً نوعياً نحو التقرب إلى إيجاد حلول. وكذلك الأطراف الدولية, وبالخصوص الولايات المتحدة وروسيا وصفت بأنها مبادرة من معاذ الخطيب تتسم بروح عالية من الوطنية والجرأة من أجل إنقاذ سوريا من الدمار والمآسي التي تلحق بشعبها. وعلى أثر ذلك تحركت الدبلوماسية الدولية من جديد محاولة منها الوصول إلى مخرج بعد أن وافق النظام السوري من خلال مجلس الشعب على أنه مستعد لفتح الحوار مع المعارضة بطرفيها السياسي والمسلح بعد أن رفض الفكرة, واشترط على أن يكون الحوار في دمشق تحت سقف الوطن ومع المعارضة السلمية الوطنية.. أما المكان فاقترح الأخضر الإبراهيمي بعد الخلاف عليه أن تكون أحد المقرات للأمم المتحدة.

موسكو ستستقبل معاذ الخطيب رئيس الإئتلاف و وليد المعلم وزير خارجية سوريا, وقد تستقطب اطرافاً أخرى بالإضافة إلى الأخضر الإبراهيمي الموكل الأممي ليكون مشرفاً على كل اللقاءات والاتصالات بين الأطراف المتنازعة في الداخل بما فيهم الأطراف الدولية. لترى موسكو نشاطاً مكثفاً في الأيام القادمة لمناقشة الأزمة, وإيجاد مخرج للوصول إلى حلول لمحاصرة الأزمة, وبالتالي إخماد نار العنف والإنتهاء من هذه الأزمة التي تلقي بظلالها على أمن وسلامة المنطقة بأسرها. فهل سيرى الحوار بصيص أمل في النفق المظلم الذي أوصل النظام الحالة إليه, ومن ثم البحث عن المخرج وفق ما يطمح إليه النظام؟

يمكن القول بمنطق العقل, على أن كل الصراعات والحروب التي دارت بين الأمم والشعوب انتهت بالحوار والجلوس على طاولة واحدة من خلال عمل الوسطاء والجولات المكوكية التي سبقت اللقاءات المباشرة. وأن مبدأ الحوار لايمكن رفضه بأي شكل من الأشكال, لأنه هو السبيل الوحيد للوصول إلى الحلول التي قد لا ترضي الطرفين كما تطمحان إليها, لكن دائماً الحل الوسط هوالذي يرى النور إن وافقت الأطراف على ذلك, وإلا لايمكن أن يكون هناك حلاً على حساب طرف من أجل إرضاء الطرف الآخر.. وعليه تكمن العقدة السورية والأزمة التي تتفاقم يوماً بعد يوم.. النظام يتشبث بموقفه ويرفض الرحيل ولو دمرت سوريا بكاملها, والمعارضة لا تقبل بقاء هذا النظام الذي دمر سوريا وقتل عشرات الآلاف وما آلت إليه أحوال الأحياء من الشعب السوري من تهجير واعتقال وتعذيب واعتصاب...و..و..و الخ. والوسطية في الافاق غائبة تماماً. أي أنه لا يمكن إيجاد حل وسط في الحالة السورية لإنهاء الأزمة ووقف العنف والوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف.

كانت موسكو وإيران وبطرح من النظام السوري تبحث عن إجراء الحوار مع المعارضة. وقام النظام بصياغة عدة سيناريوهات من هذا القبيل عندما انعقد حسب زعمها مؤتمراً تشاورياً في منتجع الصحارى في دمشق برعاية فاروق الشرع نائب رئيس النظام, واجتماعات تشاورية في المحافظات من أجل البحث عن كيفية البدء بالإصلاحات وفقاً لأولويات الممانعة والمقاومة التي يتمترس النظام وراءها طوال حكمه . ومن ثم مؤتمر ما سمي بمؤتمر المعارضة في فندق سمير أميس في وسط دمشق بإخراج هزيل و مفضوح , ومؤتمر أنتج ما سميت بهيئة التنسيق الوطني للتغيير الديمقراطي التي يتزعمها حسن عبد العظيم, والذي بدوره ينفخ في بوق يتوازى مع طموحات النظام من حيث المضمون, وإن تبين لنا الإختلاف في الشكل.

بالتوازي مع استمرار العنف وحرق الأخضر واليابس منذ ثلاثة وعشرون شهراً, وإبادة الشعب السوري بغالبيته. حيث القتل والتهجير والإغتصاب والسلب والنهب والإعتقال والتعذيب والتدمير بكل أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة في أشدها حتى الآن, والمجتمع الدولي من دون خجل يبحث عن حوار وحل وسط لإنهاء الأزمة في سوريا... أعتقد أننا لو راجعنا تاريخ المجتمع الدولي لم نرى موقفاً لا أخلاقياً في تعاملاته مع الحروب والأزمات الدولية كما نراها اليوم تجاه الشعب السوري ومآسيه...
فهل سنرى الحوار بين الثورة والنظام , لنتوصل إلى حل سلمي من دون إسقاط ورحيل النظام الذي تجاوز كل القيم الأخلاقية في تعامله العنفي مع الشعب السوري؟

أعتقد جازماً بأن ما يدور من حوار ولقاءات بين ممثلي الدول بقصد الوصول إلى نهاية سلمية للحرب في سوريا, حلم لم يتحقق إلا بتغيير ورحيل النظام مع رأسه لو كلفت سوريا وشعبها المحو من خارطة العالم الديموغرافي. لأن جغرافيا بدون شعب لاتتغير.

أحمـــــــد قاســـــــــم
الكاتب والسياسي الكوردي السوري 20\2\2013




جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان