صوت الكورد - الكردية نيوز أصدر مركز بحثي كردي في ألمانيا، دراسة حديثة تنتهي بتوصيات تفيد بوجوب تشكيل حكومة كردية انتقالية في سوريا، يمارس من خلالها الكرد حقهم في الحفاظ على الأمن داخل مناطقهم وإدارة شؤون إقليمهم ورعاية سكان هذا الإقليم.
ويقول المركز الكردي للدراسات والاستشارات القانونية "ياسا"، أنه نظرا لظروف الحرب الأهلية في سوريا والانقسامات الموجودة في المعارضة السورية من معارضة سياسية في الخارج وأخرى في الداخل وبين معارضة مسلحة وأخرى سلمية، وبالإضافة إلى "بعض المجموعات المسلحة الإرهابية"، يتوجب على الكرد في سوريا ممارسة حقهم في الحفاظ على الأمن في مناطقهم وإدارة شؤون إقليمهم ورعاية سكان هذا الإقليم.
ولتفادي الفوضى في إدارة هذا الإقليم وللحفاظ على سلامة سكانه، على الكرد في سوريا تشكيل حكومة انتقالية تقوم "بالإدارة الكاملة لإقليم كردستان في سوريا". وبحسب المركز، فان أفضل "أساس قانوني للحكومة هو انبثاقها عن برلمان منتخب بشكل حر ديمقراطي. ولكن بسبب ظروف الحرب الأهلية والأخطار المحدقة بالناخبين في حال التجمعات الكبيرة أمام صناديق الانتخاب، من الممكن "تشكيل حكومة انتقالية منبثقة من المجلس الوطني الكردي في سوريا ومجلس شعب غربي كردستان وممثلي المسحيين والتركمان وعرب الجزيرة (من غير العرب الذين استقدموا بموجب مشروع الحزام العربي ومشاريع التعريب الأخرى) والتنسيقيات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني والناشطين، وذلك لتمثل أكبر قاعدة شعبية وتكوين حكومة منبثقة من الشعب في إقليم كردستان مما يضفي عليها شرعية دولية".
وسبق أن نفى الناطق الرسمي باسم الهيئة الكردية العليا في غربي كردستان أحمد سليمان نبأ تشكيل حكومة أو غير ذلك من أشكال للحكم داخل المناطق الكردية في سوريا. جاء ذلك تواقتاً مع اعتبار عبد الحكيم بشار، سكرتير الحزب الديمقراطي الكردي السوري "البارتي"، أن فكرة إنشاء مجلس تشريعي كردي أو حكومة كردية، فكرة سابقة لأوانها، لافتاً إلى أنه لا يمكن "إنشاء إدارة للمناطق الكردية بمعزل عن المعارضة السورية".
حكومة الأمر الواقع
ويشرح المركز أنه في حالات الحرب الأهلية أو الاقتتال الداخلي تتشكل منظومة تشبه الدولة في شكلها ونوعيتها وتتمتع بوضع قانوني مشابه بعض الشيء للوضع القانوني للدولة. ولدعم السلم والأمن الدولي في هذه الحالة، يعترف القانون الدولي بالمنظومة الناشئة كحكومة الأمر الواقع المحلية. وتقوم حكومة الأمر الواقع المحلية بمهام شبيهة بمهام الدولة، ولذا تتمتع بحق احترام إقليمها وسيادتها من قبل الدول الأخرى وفق مبدأي حظر العنف وعدم تدخل الدول بشؤون غيرها، وبالمقابل على حكومة الأمر الواقع احترام هذين المبدأين أيضا.
وتقوم حكومة الأمر الواقع – بحسب الدراسة-، بالسيطرة الفعلية على إدارات الدولة وأجهزتها وعلى المرافق العامة في إقليم معين وتمارس سلطاتها عليها. وكما تقوم بطرد المؤسسة العسكرية والأمنية أو السيطرة عليها وٕإخضاعها لإدارتها. فهي حكومة تمارس السلطة الحكومية على جزء من أراضي الدولة بدون تفويض من دستور هذه الدولة. إذاً، فهي حكومة غير دستورية وفقا لمبادئ دستور الدولة الأم ولا تستمد شرعيتها من هذا الدستور بل تخالفه تماماً ولا تحترمه وتقصد مخالفته ولا تعترف بسريانه وتبرر وجودها من سيطرتها الواقعية على إقليمها وتستمد شرعيتها من حق يسود الدستور ويعلو عليه وهو حق الشعوب في تقرير مصيرها.
ومن الممكن أن تكون حكومة الأمر الواقع المحلية حكومة انفصالية تعمل على الانفصال عن الدولة الأم والمطالبة بحقها بأن تكون دولة وفق القانون الدولي، أو أن تكون حكومة الأمر الواقع المحلية حكومة بدون نزعة انفصالية أو برغبة السيطرة على كامل الدولة بل تهدف إلى إدارة المنطقة التي تسيطر عليها فعلياً. أما نشوء حكومة الأمر الواقع نتيجة النضال من أجل تحقيق حق تقرير المصير والتخلص من الاستعمار، فله وضع متميز في القانون الدولي حيث تُمنح حكومة الأمر الواقع حماية خاصة منبثقة من مبدأ منع العنف في القانون الدولي.
وترى الدراسة أن كرد سوريا فرضوا حكومة الأمر الواقع وعلى الدول التعامل معها. وقد تبنى المؤتمر الوطني الكردي في سورية المنعقد في مدينة قامشلو بتاريخ 26 – 27 اكتوبر 2011 مبدأ حق تقرير المصير كأساس للحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في سوريا وحتمية الاعتراف الدستوري بحق الشعب الكردي في تقرير مصيره. كما تبنت الهيئة الكردية العليا بتاريخ 25.11.2012 في هولير، عاصمة إقليم كردستان العراق، النظام الفيدرالي، ولو بشكل غير علني، وذلك كشكل للنظام السياسي في سوريا وكحل للقضية الكردية في سوريا، حيث يقوم الكرد مع غيرهم من أشوريين وعرب وتركمان بإدارة "إقليم كردستان سوريا" بشكل يضمن حقوقهم وتطلعاتهم جميع.
تضم أجزاء من الرقة والباب وجبال الأكراد
وعلى ما يوصي المركز، ومقره مدينة بون الألمانية، يجب احترام عدة أمور في مسألة هيكلة الحكومة، وأهمها تطبيق مبادئ الحوكمة أو الحكم الرشيد والذي يعزز الإنصاف والمشاركة والتعددية والشفافية والمساءلة وسيادة القانون، على نحو يتسم بالفعالية والكفاءة والثبات.
ويتضمن "إقليم كردستان سوريا" أو "غربي كردستان"، وفقاً للدراسة الكردية "مدن وقرى محافظة الحسكة، القسم الشمالي من محافظة الرقة، منطقة كوباني وقراها، القرى الكردية في منطقة الباب ومنطقة عفرين بأكملها. 25 كما هناك امتداد جغرافي للكرد في المنطقة الساحلية في جبال الأكراد وتوزع سكاني في أغلب المدن السورية الكبرى.
وتقول الدراسة بوجوب احترام "إقليم كردستان في سوريا" حقوق الإنسان وحرية الصحافة، مشيرة إلى أن مهمة إنجاح أعمال الحكومة الكردية تقع على عاتق سكان هذا الإقليم، من جميع الأطياف شعوباً وأحزاباً سياسية ومنظمات وأفراداً، والذين لهم مصلحة مباشرة في الاستقرار واستتباب الأمن وٕإرساء مبادئ الديمقراطية في حياتهم اليومية. كما على السوريين من خارج هذا الإقليم سواء في سوريا أو خارجها العمل على إنجاح هذه التجربة ودعمها.