هوزان إبراهيم :
الأستاذ غفور مخموري السكرتير العام للإتحاد القومي الديمقراطي الكردستاني , المعروف بحنكته السياسية و قراءاته النقدية للوضع الكردستاني بشكل عام , و المعروف أيضا بعلاقاته الطيبة مع كافة أطراف الحركة الكردية في سوريا , يقدم نقدا للواقع السياسي الكردي في سوريا أو كما اصطلحه (غربي كردستان ) من خلال مقابلة أجريت معه , و قمت باستنباط هذا السرد منها .
انطلق بداية من الواقع المعيشي الصعب الذي يعاني منه عامة الشعب , من خلال تأمين الأساسيات المعيشية من الخبز و حليب الاطفال و المحروقات و باقي المستلزمات , إضافة الى الأخطار التي تهدد حياته , إلا أنه يرى الحركة السياسية الكردية لم تكن بقدر المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقها لقيادة الشعب للخلاص , أو على الاقل تأمين أبسط الظروف المعيشية , فقد انجرت لخلافات إن بحثنا في ماهيتها سنجدها خلافات شخصية بين قادة الأحزاب و ليست نابعة من اختلاف أيدلوجي أو فكري , الأمر الذي أثر على مصداقية الحركة و جديتها في البحث حل لإنقاذ الشعب من واقعه السيئ , حيث فضل الكثير من هؤلاء القادة مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة , و إحدى هذه المصالح تمثلت في هجرتهم لإقليم كردستان عوضا عن البقاء مع شعبهم , ليكونوا في الصفوف الأمامية للمطالبة بحقوقهم و تحسين ظروفهم , و يردف قائلا : بعد سقوط النظام و استتباب الأمن و عند عودتهم من الإقليم , بأي وجه سيقابلون الشعب الذي تركوه و هو في أعز الحاجة إليهم , ليواجه الجوع و البرد و القتل دون قيادة توجهه و ترعى مصالحهم , بالإضافة إلى أن خلافاتهم السياسية و خلافاتهم على شرعية الجهات المعنية بتنظيم التجارة بين غربي كردستان و جنوبي كردستان و آلية الاستلام و التوزيع للمعونات , و طبعا المبطنة بخلافات شخصية و ولائية , هي التي أدت إلى إغلاق الحدود و من ثم فتحها من جديد في قضية شد و جذب , و بالطبع مرة أخرى المتضرر الوحيد منها كان الشعب , وأحد جوانب ضعف الحركة السياسية أيضا كان في عدم قدرتها على استيعاب و احتضان الحراك المدني و الشبابي , مما أدى لإقصاء أكبر فئات المجتمع الكردي و أكثرها نشاطا و فعالية ألا وهي الشباب , عن القرار السياسي و استأثروا به لوحدهم , كل هذه العوامل أدت إلى انفصال الحركة السياسية الكردية عن الواقع , حيث أضحت في وادٍ و عامة الشعب في وادٍ آخر .
بالنسبة لباقي أجزاء كردستان فإن قضية وقوفها الى جانب الشعب في غربي كردستان , هو واجبٌ أخلاقي قبل أن يكون قومياً , لأن غربي كردستان ساند كافة الأجزاء من جنوب و شمال و حتى شرق كردستان على الرغم من البعد الجغرافي بينهما , في ثوراتهم و لم يتوانى في بذل الدماء و الأموال لدعم نضال إخوانهم في سبيل نيل حريتهم و حقوقهم القومية , إلا أن هذه الأجزاء كانت مقصرة جدا في أداء هذا الواجب , و لم يكن بالمستوى المطلوب أبداً لا على المستوى الشعبي أو المادي أو المعنوي أو حتى على المستوى السياسي , حيث لم تعمل على توحيد الخطاب السياسي لغربي كردستان , بل تركته أسيرا لولاءات ما وراء الحدود و ظل مشتتا بين ثلاث مراكز قرار , و هي الحزب الديمقراطي و الإتحاد الوطني و العمال الكردستاني , حيث أن كلاً من هذه الأحزاب يحظى بعلاقات متينة مع بعض أطراف الحركة السياسية في غربي كردستان , فكان الأولى بهذه الأحزاب تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة و دعم هذه الحركة في سبيل توحيد مركز القرار عوضاً عن تشتيته فيما بينها , و جعله في القامشلي أو كوباني أو عفرين , و ليس في أي مدينة كردستانية خارج حدودهم , لأنهم الأولى باتخاذ قرارهم السياسي .
أما من الناحية الإعلامية الدعم الكردستاني أيضا لم يكن بالمستوى المطلوب , مقارنة بدعم الدول العربية للمعارضة العربية في سوريا من حيث الضخ الاعلامي و إطلاق الفضائيات , فالحرب الإعلامية باتت في أوجها و أصبحت تشكل جزءا هاما من أي صراع على الارض , و هذا الضعف الإعلامي أثر سلبا على الموقف السياسي الكردي , و لم تستطيع الحركة الكردية إيصال صوتها بوضوح لباقي فئات الشعب السوري و لكافة الأطراف الإقليمية و الدولية .
من خلال هذا السرد نجد أن القراءة النقدية للمخموري كانت شاملة لمكامن الضعف الذاتية و الموضوعية للحركة الكردية في سوريا , مبينا أسباب هذا الضعف وسبل علاجه من خلال جعل المصلحة الشعبية هي المصلحة العليا و منطلقا لأي توافق , إضافة لاحتضان الحراك الشبابي , و دعوة الأطراف الكردستانية لتحمل مسؤولياتها .