عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

أحمـد قاسـم : عندما يتوقف العقل عن حكمته

kl:19,04 03|07|2013 Sawtalkurd

أحمـد قاسـم : 

فكرت في هذه اللحظات بوضع سوريا وشعبها.. المدن تُدمر.. الشعب يُهجر قسراً وهرباً من آلات القتل المدمرة التي يستعملها النظام ضد شعبه بدون خجل ولا وجل.. أما المعارضات المسلحة في الداخل تتقاسم فيما بينها مقاسم الأحياء من المدن والأرياف, كل حسب قدرتها, وتتصرف حسب أهوائها تحت شعار واحد ( أنها تحارب النظام من أجل إسقاطه ) أما فعلياً, فهي تساعد النظام على بقائه بطريقة تعاملها مع الحدث والثورة.. أحاول كثيراً ن أقنع نفسي بأن بهذه السلوكية الفوضوية واللامسؤولةـ إن صح التعبيرـ سنسقط النظام الإستبدادي في البلاد.. لكنني أفشل, وينتابني خوف كبير على أن سوريا في طريقها إلى الزوال, لأنها لا تمتلك القوة الحقيقية, ما تجعلها تتعافى من محنتها.. لم اسمع, ولم أرى, ولم قرأ في كتب التاريخ ثورة تشبه بحيثياتها الجوهرية ثورة سوريا.. المقاتلون في الداخل يفتقدون قيادة مركزية لإدارة المعركة مع النظام وفق استراتيجية عسكرية لقلب الموازين.. وأنا أعني ما أقول. أما تشكيل تلك الكتائب المسلحة بهذا الشكل العشوائي والإعتباطي, وفرضها على قيادة الجيش الحر من دون الخضوع لإمرتها, والعمل تحت إشرافها, دخلت سوريا في فوضى من الحرب التي لاتثمر إلا زيادة في الفوضى وعرض حياة الناس إلى الموت والتهلكة, وكذلك دفع قوات النظام باتجاه تدمير المدن بأكملها وتهجير ساكنيها إلى المجهول. 

الآن, أعتقد أن عدد القتلى تجاوزت المئتي ألف قتيل, وتدمير أكثر من مليوني منزل, وتهجير أكثر من عشرة ملايين سوري بين الداخل والخارج, والمشروع مستمر من دون توقف, إلى أن تُخلى سوريا من السكان, وتُدمر ما بقي من المدن .. ولكن السؤال الذي يحاصرني دائماً هو : لماذا تفعل المعارضة بسوريا وشعبها بهذه الطريقة المشوهة والمشبوهة؟ في كثير من الأحيان أستنتج بأن غالبية المعارضة التي تعمل الآن على الساحة العسكرية والسياسية هي من صنيعة النظام نفسه ولنفسه ليتمسك برئيسيات المحاور وإدارتها حسب إستراتيجيته, وعدم ترك المجال للمعارضة الحقيقية لأخذ المبادرة. وإلا كيف سأقنع نفسي بأن ما سيجري على الأرض وما تفعله المعارضات السياسية والعسكرية هي بعيدة عن سيطرة النظام؟ أم أن من يدير هذه المعارضات لم يمتلكون عقلاً أوفاقدين للحكمة. 
حقيقةً, بغض النظر عن الموقف الدولي تجاه ما تحدث في سوريا من كوارث إنسانية, إلا أن المعارضات تتحمل القسط الأكبر من المسؤولية لأنها هي من تتبنى هذه الثورة وتدفع بالشعب لمناهضة النظام, في وقت كل الدول الإقليمية والدولية بما فيهم الشعب السوري تترجى وتتوصل الى المعارضات لتوحيد موقفها وتنظم نفسها تحت مظلة واحدة وفي إطار يحدده مشروع سياسي يكون بمثابة خارطة طريق للوصول إلى ما سيطمح اليها الشعب السوري من الحرية والكرامة بعد إسقاط النظام, إلا أنها تتشرزم أكثر كلما تحاول التوحد, وكأن لعنة الله وقعت على هذه المعارضات بشقيها السياسي والعسكري. عادة عند الكوارث تتحد كل فئات الشعب لمواجهة ما ستنتج من أذية ومآسٍ, ودفع الحالة نحو الخلاص والأمان, أما الذي أراه فإن المعارضات السورية تدفع بالحالة إلى المزيد من التهور والتدهور. 
الآن, والمجتمع الدولي تحضر لإنعقاد مؤتمر دولي سمي ب جنيف2 .. إلا أن روسيا تؤكد على استحالة انعقاد المؤتمر من دون حضور المعارضة السورية موحدة, وأن العمل من أجل توحيد المعارضات يتطلب جهداً وزمناً.. لذلك فإن إنعقاد المؤتمر يتطلب أشهراً للتحضير .. أما النظام, فإنه صاحب قرارٍ بمقدوره الحضور او عدم الحضور لأنه الطرف المعني وله قيادة مركزية تمتلك القرار.. أما المعارضات كما سبق وقلت إنها تفتقد القرار لإفتقادها قيادة مركزية تمتلك شرعية التمثيل للثورة . إذاً, وسط هذه المعادلة الصعبة المشمئزة إلى أين ستصل سوريا وشعبها المسكين؟ 

أعتقد أن الحكمة فاقدة في عقول من يدير المعارضات في سوريا, لأنهم لا يمتلكون الإرادة, وإن إرادتهم ممتلكة من قبل من يديروهم من أهل المصالح الدولية والإقليمية. وعندما أقول المعارضات لن استثني منها أحد, عرباً وكورداً وأقليات, القومية منها والدينية. وأن هذه المعارضات بمجملها وبغالبيتها دفعت بسوريا نحو التدميروالتهلكة تنفيذاً لأجندات أقلها بعيدة عن مصالح الشعب السوري. حيث أن النظام مدان ويجب محاسبته وملاحقة مرتكبي الجرائم قانونياً بعد إسقاطه, فعلينا أن لا ننسى بأن أجندات المصالح السيئة هي أيضاً تشارك النظام لإكمال الجريمة. فالجرائم التي ترتكب في سوريا هي جرائم منظمة بحق الإنسانية, وهي ترتقي في أكثر من حالاتها إلى جرائم التطهير البشري والإبادة الجماعية. 
لا أعتقد أن الذي يجري في سوريا من فعل الإنسان الذي يملك العقل والحكمة معاً, بل من فعل إنسان يملك عقلاً شريراً هدفه الإبادة الجماعية من دون أن يدرك النتائج. والمعارضات بحكم مأجور الإرادة تساهم في تنفيذ مشروع الإبادة, وتبقى النهاية على طاولة المجتمع الدولي ليحدد مصير سوريا وشعبها وفقاً للقوانين والمواثيق ولائحة حقوق الإنسان( إن بقي في سوريا بشر يستحق الرحمة من الله والبشر). 

أحمــــــــد قاســــــــم 
الكاتب والسياسي الكوردي السوري 3\7\2013 




جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان