عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

أحمـد قاسـم : الثورة السورية بين الإنحراف والإختطاف

kl:00,00 14|07|2013 Sawtalkurd

أحمـد قاسـم : 

السلمية كانت عنوان الثورة السورية.. الحرية والكرامة كانت شعارها.. وإسقاط النظام اصبح مطلباً لا تناز عنه.. بعد اختيار النظام العنف ضد المتظاهرين السلميين  لمعالجة الوضع. منذ بداية الثورة خطط النظام لتسليح الثورة وإدخال المنظمات الإرهابية على خط الثورة لإتهامها بأن ما تجري في سوريا ليست ثورة شعبية, بل مؤامرة ضد الشعب السوري لزعزعة الأمن والإستقرار في سوريا. وأن إختيارالحل الأمني هو السبيل الوحيد لمواجهة الإرهابيين الذين يستعملون التظاهرات غطاءً لتنفيذ المؤامرة حسب زعم النظام.

بعد بدء الإنشقاقات في الجيش السوري, وتشكيل ما يسمى بالجيش الحر, بدأت المنظمات الإرهابية تتحرك بأسماء عدة داخل الزواريب في احياء قديمة من المدن السورية للإستفادة من الفوضى الخلاقة التي بدأ النظام بنشرها في مناطق الإحتجاجات, وترك الشبيحة التابعة له تتحرك وسط الناس على شكل عصابات منظمة, مهمتها القتل والخطف والنهب والإغتصاب, لترهيب الناس وتخويفهم, متزامناً مع تدخل قوات الجيش والأمن لقمع المظاهرات السلمية والإحتجاجات. حيث بلغت عدد القتلى على يد النظام من المدنيين اكثر من ثلاثة آلاف قتيل, عدا عن آلاف الجرحى, وعشرات الآلاف من المعتقلين خلال ستة أشهر الأولى من السلمية. وأيقن النظام انه وصل الى حالة اللاعودة من استعمال العنف, وكذلك حالة الغليان الشعبي وصلت إلى ذروتها بعد سيلان دم الأبرياء فلا يمكن إيقافها بأية حالة من الأحوال. ولم يبقى أمام النظام إلا حالة واحدة للحفاظ على بقائه وهي فتح المجال امام منظمات إرهابية اسلامية, والتي كانت ترتبط بالنظام أصلاً لتنفيذ حروب خفية في المنطقة بالتعاون والتنسيق ضد أية عملية ديمقراطية, وخاصة في العراق بعد إسقاط صدام حسين ونظامه الدكتاتوري عام 2003 بتحالف دولي.

وبسرعة دراماتيكية غير مسبوقة, تشكلت مجاميع وكتائب مسلحة, وانتشرت على طول البلاد وعرضها, تتظاهر بالجهاد ضد النظام وإعلان دولة إسلامية, لكنها في الجوهر تشكل غطاءً شرعياً لحرب النظام ضد إرادة الشعب الذي انتفض من أجل الحرية والكرامة, وإنهاء نظام الإستبداد. وذلك, في وقت كان تشكيل جيش الحر في بداياته, وهو عاجز عن مقاومة عنف قوات النظام, مما سهلت الحالة لتلك المجاميع المسلحة الإرهابيين التسلل بسهولة الى داخل صفوف جيش الحر, وإيجاد حاضنة شعبية بين الناس لمقاتلة قوات النظام, إلى أن غيرت المشهد على الأرض بسرعة, فاقت التصورات, لتزرع الخوف في كل مكان من خلال تحركاتها المشبوهة وسط المدن ونوعية حربها ضد النظام.

تزامناً مع تغيير المشهد على الأرض, ويقيناً من المتتبعين والمهتمين بالشأن السوري, على أن الثورة اختطفت من قبل منظمات وكتائب اسلامية متطرفة وعنفية, وأن ما تجري في سوريا ليست إلا حرباً أهلية, طائفية, أكثر من أن تكون ثورة شعبية, ومع التحرك الروسي السياسي والدبلوماسي الداعم للنظام بكافة أشكال الدعم العسكري واللوجستي والإستخباراتي والإعلامي, أثرت على الموقف الأوروبي والأمريكي من الثورة السورية, ليتغير ويتبدل مع تغيير وتبديل المشهد على الأرض في الداخل السوري, حيث بات المشهد بكليته, على أن الإسلام السياسي بعقيدته المتطرفة والعنفية هو من سيخلف نظام بشار الأسد بعد سقوطه. وخاصة, أن المعارضة السياسية متفككة ومتشرزمة, وفي غالبيتها مرتزقة تبيع وتشتري الثورة في بازار النخاسة, في صالونات فنادق اسطنبول الفخمة والمغرية التي تسيل لعاب من كانوا فاسدين أصلا قبل اندلاع الثورة, حيث كانوا متعفنين في زواريب النظام, واليوم ينشرون عفونتهم وسط الثورة والثوار لكسب ثروة على حساب دماء مئات آلاف من القتلى وتدمير بلد بالكامل.

لقد تحركت مؤخراً أمريكا وأوروبا باتجاه انقاذ الثورة من الفاسدين المفسدين, ومن المنظمات الإرهابية التي ترتبط بمنظمات القاعدة بشكل خاص, لتشترط دعمها بالسلاح للثوار والمعارضة, وذلك بعد الحصول على ضمانات بأن هذا الدعم سوف لن تستفيد منه منظمات ارهابية ومجاميع مسلحة اسلامية متطرفة. حيث اخذت الجيش الحر كجهة شرعية للثورة المسلحة, وإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة كجهة سياسية تمثل إرادة الثورة السورية بعد ان يوسع إطاره ليشارك كافة مكونات الشعب السوري.

ومن هذه الأهمية بمكان, تحرك جيش الحر لإعادة تنظيم كتائبه وتشكيلاته المسلحة, والبدء بتشكيل ألأجهزة ألأمنية لتنظيف الجيش من المتسللين من قبل النظام, وكذلك من الإسلاميين المتطرفين, لإعادة ثقة الشعب بالجيش الحر, وعدم فتح المجال لعربدة الإرهابيين وسط الناس, وفضح حقيقتهم على أن تلك المجاميع والمنظمات ليست إلا الوجه الآخرللنظام يجب عدم إيوائهم. وبالتزامن مع اجراءات الجيش الحر يتحرك الإئتلاف الوطني من جانبه لترتيب بيت المعارضة السورية وتبني المشروع المستقبلي لسوريا على أساس تشاركي بين كافة مكونات الشعب السوري, لترى الجميع مكانتها في ذلك المشروع.

من هنا, سنرى تغييراً دراماتيكياً على المشهد السوري, عسكرياً وسياسياً. من جهة, سيبدأ الجيش الحر بمواجهة مخالفات الكتائب والمنظمات الإرهابية على الأرض, وملاحقة كل من يضر بمصلحة الشعب وأهداف الثورة لإعادة ثقة الجماهير بحقيقة الجيش الحر. وأن ما جرى بينه وبين مايسمة (دولة الشام والعراق الإسلامية) مؤخراً في ميناء اللاذقية, حيث تم تصفية كمال حمامي  عضو المجلس العسكري الأعلى التابع للجيش الحر أثناء إجتماعه مع عضاء التنظيم التابعة لتنظيم دولة الشام والعراق الإسلامية. إن تلك العملية هي بداية الفصل بين الجيش الحر والمنظمات الإرهابية, والتي ستؤدي إلى نزف كثير من الدماء, كون تلك المنظمات ترتبط بدوائر مختلفة إقليمياً ودولياً, أما غالبيتها تنسق أعمالها مع النظام في دمشق لتشويه الثورة أمام المجتمع الدولي, وإجهاضها من دون تحقيق أهدافها في الحرية والكرامة والنظام الديمقراطي التعددي التشاركي. ولكن الثورة والثوار والجيش الحر مجبر لخوض العملية ضد هذه الكتائب والمنظمات الإرهابية لتصحيح مسار الثورة من الإنحراف, والتخر من عملية الإختطاف التي تعرضت إليه من قبل هؤلاء الإرهابيين, لإعطاء الضمان للأمريكيين والأوروبيين أنهم بمقدورهم الحفاظ على ثورتهم من أجل حرية شعبهم, وسيواجهون كل العبثيين والبعثيين من النظام والإرهابيين. أما من جهة ثانية, سيبدأ إئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعاضة من جهته بإتصالات مكثفة مع كافة مكونات الشعب السوري لمشاركتها في صياغة مشروع لمستقبل سوريا ليكون ضماناً لحقوق كافة الطوئف والألوان العرقية والدينية, وبالتالي سيعيد ترتيب وضع الإئتلاف ليكون ممثلاً شرعياً للشعب السوري.

أحمـــــــد قاســــــــم
االكاتب السياسي الكوردي السوري     13\7\2013    





جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان