عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

حسني كدو : الثامن من أيار



حسني كدو : 



 إنتابني في صباح هذا اليوم تشاؤم وحزن وقلق  غير مألوف حيث أعتدت أن أكون نشيطا صباحا وأتوجه إلى عملي ،  أهو بسبب قراءتي  عن كهف يضم عظام أطفال وشيوخ ونساء ورجال ديرسيم  الكوردية البطلة  ؟ هذاالكهف  الذي حمى الكثير من الكورد وكان سيحمي الجميع لولا تهور الفتاة التي خرجت لتأتي ببعض الماء وشاهدها أحد الجنود ، ثم بدأ القصف على مدينة ديرسيم بالاسلحة الكيميائية  وعلى يد قائدة الطائرة  (صبيحة  أو( تركيا  )الأسم الذي أطلقه عليها أتاتورك  وهي أرمنية الأصل وأول إمرأة في سلاح الجو التركي ) وراح ضحيته أكثر من 70000 من أهالي ديرسيم في عام 1937  ، أم هو بسبب الأرهاق الجسدي والنفسي والإمتحانات التي على الأبواب؟ أم بسبب العشاء الثقيل الذي تناولته ؟ ،  أم بسبب وضعنا الكوردي المزري في سوريا ؟ أم بسبب هشاشة أحزابنا الكوردية  ومجلسنا الوطني وبيانه  الهزيل بشأن أحداث تل تمر ؟ أم بسبب بعد جامعتي عن بيتي  ؟بحثت  وفتشت في نفسي عن السبب لاجده ، كل شيء على ما يرام ،  العائلة بخير ، الراتب لم ينفذ بعد  ، أخبارالأهل حالها حال الاتصالات المقطوعة ، أخبار  سوريا لا تسر الصديق ولا العدو ، اللون الأحمر هو السائد ، جميع انواع الأسلحة جربت على البشر بما فيها غاز السارين والخردل  ، المعارضة المسلحة استخدمتها حسب تصريحات  كارلا دي بونتي ،  لكن الامم المتحدة لم تؤكد هذا الشيء، خطوط أوباما الحمر أصبحت من الماضي ولحقت بخطوط حليفه أردوغان ، ضمير أوباما وحزبه الديمقراطي في إجازة مفتوحة ، القارة العجوز لا تحل ولا تربط بدون الحليف الأمريكي ، الدول العربية لا حول  لها ولا قوة إلا بالله ، النظام يتمادى في جرائمه ، مجازر في كل جزء من سوريا ، لكن هذه أصبحت من الامور الاعتيادية .
رباه ! ما هو سبب إنزعاجي وتشاؤمي ؟  ثم تذكرت  إن اليوم هو الثامن من أيار، و إن هذا اليوم سيدخل التاريخ من أبوابه الواسعة سلبا أوايجابا ، وأن  كل ما كنا نحلم به  اصبح ضبابيا  ، وأخشى أن يصبح حلما ولم يعد عصريا وملائما مع روح العصر و مع روح أناشيدنا الحماسية وإعلامنا الناري  .
إذا الثامن من أيارهو سبب تشاؤمي وإنزعاجي ( كما هو الثامن من أذار سبب تعاسة معظم السوريين ) وقد يكون سبب تشاؤم الكثير من الكورد ، أو سبب فرحهم ، فالسلام والأمن والأمان والمساواة  هي أماني منشودة  وهي من أهم النعم على الإطلاق ، لكنني و بالرغم من إيماني بالسلام  والأخوة بين الشعوب حاولت إقناع نفسي بالحل و بخريطة الطريق بين أوجلان وأردوغان ، والقفز فوق  حلمنا الكبير وطموحاتنا القومية  التي ضحينا من إجلها بدماءنا رخيصة ولثلاثة عقود .
حاولت أن أقتنع في قرارة نفسي بصواب  قرار الإنسحاب وإلقاء السلاح لكنني لم أقتنع فجيلنا عايش نكبة  1975 في كوردستان العراق وعانى من تأثيرها النفسي ، و جيلنا خير شاهد على  الويلات والنكبات  الكوردية. 

لقد حانت اللحظة الحرجة واللحظة الصعبة  ، مستقبل أمة وشعب على المحك ، حزب العمال الكوردستاني بدأ بالإنسحاب ،  بينما الجانب التركي وفي اليوم الأول يعربد ويشيد المخافر  والنقاط ويضع علامات و إشارات فوق الجبال ويرقم الكهوف ، ويراقب تحركات الثوار بطائرات الإستطلاع  .
هل أردوغان وتركيا جادتان  وصادقتان هذه المرة في حلها للمشكلة الكوردية ؟ ألن يفعلوا ما فعله أباهم الروحي أتاتورك واستبدل  معاهدة سيفر بمعاهدة  لوزان  ؟ هل هناك ضمانات دولية لتطبيق الإتفاق ؟  هل سيتم الإعتراف بالكورد دستوريا ؟ هل سيكون لهم علما بجانب علم تركيا؟ جل ما أخشاه أن يكون  حصان أردوغان في إنتظارنا كما كان  حصان طروادة سببا في القضاء علىيها وفناءها  ،عندها ستلعننا الاجيال القادمة وستعاني هذه الأجيال كثيرا  ولن تقوم لهم قائمة  لمئات السننين وستترك أثارها النفسية في اجيالها القادمة كسابقاتها من الثورات الكوردية ولكن بنكهة واسلوب عصرنة لم استطع أن أهضمه أو أن أقتنع به.

أتمنى أن يكون تشاؤمي في غير محله و أن أكون مخطأ في مقولة سوء الظن من حسن الفطن ، وأن تكون أسبباب مخاوفي غير مبررة و مبالغ فيه  ، لأن الكورد في كوردستان تركيا مروا بتجارب مريرة قبل ظهور حزب العمال الكوردستاني   الذي إرتكب أخطاء كثيرة ولكنه  أعاد الحياة الى كوردها وأحيا فيهم الشعور القومي  ، والذين بدورهم كافحوا على جميع الأصعدة ومن المفروض انهم  وصلوا الى درجة جيدة من الوعي القومي والثقافي والفكري وفهموا اللعبة السياسية والواقعية السياسية و اندمجوا الى درجة كبيرة مع المجتمع التركي والثقافة التركية من غير أن ينسوا جوهر قضيتهم ولحمتهم الوطنية  وزعيمهم آبو و دماء شهدائهم  ، وأخيرا أهل مكة أدرى بشعابها ، والكرة أصبحت في الملعب التركي.

8-5-2013
حسني كدو





جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان