عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

روني علي : سوريا .. واللا خيار سوى الموت

kl:18,18 24|05|2013 Sawtalkurd

روني علي  :

 مع أولى صرخات السوريين وطلقات الموت، مروراً بالخراب والدمار، وما لحق بالإنسان قبل أي شيء آخر، وصولاً إلى كل هذا القتل والتقتيل، والوطن الذي ينزف طولاً وعرضاً، ولم يزل، فإن نغمة التصريحات والمواقف، الإقليمية منها والدولية، تزف بين الحين والحين، نعوة هلاك الوضع في سوريا، معتمدة وسائل وأساليب مختلفة، من بينها ضخ الدماء في شرايين آفة التشرذم والانقسام داخل الجسم المعارض والكيانات المسلحة، والتي تفرز ما يمكن تسميتها بمقصلة الرؤوس، وكأن الحدث السوري قد أماط اللثام عن نزعة التسلط، عبر الأجندات وفوهات البنادق، ليستحوذ كل وبحسب قوته، وقوة المشاريع التي تشد من أزره، على المتبقي من الركام السوري، ويجتهد بهدف الانقضاض على برك الدماء، وتفتيت الأرض والإنسان بحسب ولاءاته وميوله، سواء بالترغيب أم بجز الرقاب، في خطوة قد تشكل بالنسبة له، المدخل نحو التربع على عرش الامتيازات، دون أن ينسى هذا الكل، الحديث عن الثورة، وضرورة سقوط النظام، ومن ثم التغني بوطن الأمن والسلم والأمان، وبالإنسان المتحرر من قيود القهر، تحت سقف العدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية ..؟؟؟!!!! .

   فما يجري في واقع الأمر، ليس سوى اغتصاب للوطن وتخريب في الإنسان، وإن كان البعض يحاول أن يهذب من وقع الأهوال، ويبررها عبر مقولات فضفاضة " ضريبة الثورة" و"ميراث منظومة الاستبداد".. وكأن في ذلك صرف للأنظار عما يحدث في الكواليس، ومن لدن مراكز القرار، والمتحكمين بزمام ومصادر الكيانات الفاعلة على الأرض، من ضخ فاضح وفاقع في نافورة الدم السوري، بهدف كسب الوقت، بغية القضاء نهائياً على أي من مقومات العودة بالبلاد إلى رشدها ومكانتها. فالسوري الذي كان يواجه نظاما مستبداً، بات اليوم في مواجهة أكثر من مظهر للاستبداد، والسوري الذي انتفض بحثا عن كرامته، بات يبحث اليوم عن إنسانيته، لا بل أصبح يحتاج إلى أكثر من جواز سفرـ سياسي، طائفي، مذهبي، قومي، مناطقي .. إلخ ـ كي يتمكن من اجتياز حقول ألغام الوطن.. ويبدو أن كل ذلك هو من نتائج موبقات العهر السياسي، ذاك العهر الذي يتجلى بأبهى صوره في مماحكات ما تسمى بمؤتمرات أصدقاء سوريا، واجتماعات الجامعة العربية، وارتماء الغالبية الغالبة من متسلقي "الثورة" في أحضان مراكز الضخ، إلى جانب النيران "الصديقة" التي تحصد الأرواح، كنتيجة طبيعية لكل ما ذكر. كل ذلك بموازاة تغول أجهزة الاستبداد ـ المستفيدة من حالة التخبط المعارضوي ـ في سفك الدماء، ومحاولاتها إيجاد نسخ بديلة عنها تحمي وجودها ـ بالوكالة ـ في العديد من المناطق، التي خلقت انطباعاً وكأنها باتت خارجة عن قبضة النظام.. 

  فأصدقاء سوريا المدّعون، ومتسلقي الثورة وتجار الأزمات، وانسجاماً منهم مع لعبة المصالح والمكتسبات، لا يتورعون عن القيام بأي فعل في سبيل الحفاظ على توازناتهم، ولعل نتائج كل المؤتمرات وكل التحركات الدولية، تذهب باتجاه التأكيد على حقيقة واحدة، وهي أن ما يجري في سوريا هو حرب بالوكالة، وأن البلد قد تحول إلى مستنقع لتصفية الحسابات بين الكبار، وأن كل الحروب الساخنة منها والباردة، ستجد تجلياتها في الدم السوري، خاصةً وأن لوحة السياسة الإقليمية تشير، بأنه ما من مستفيد من قيام تجربة ديمقراطية في البلد، وأن دول الجوار وما بعد الجوار ـ الخليج ـ ستكون المتضررة الأولى من مثل هكذا تجربة، نظراً لتعقيدات أوضاعها الداخلية، والتشابه في العديد من القضايا التي تؤجج الوضع السوري، كقضية الديمقراطية والتعددية وحرية الرأي والتعبير، وأيضاً بينة الأنظمة والقضايا المذهبية والطائفية والقومية، والتي من شأنها ـ فيما إذا نجحت التجربة في سوريا ـ أن تقلب العديد من الطاولات رأساً على عقب، وأن تطيح بالكثير من الرؤوس، لا بل ستعيد النظر بالخارطة الجيوسياسية للمنطقة، وتدك معاقل البعض من الاتفاقات الدولية، وفي مقدمتها سايكس بيكو، وهذا ما لا يسمح بحدوثه، سواء من قبل السياسة الدولية أو الإقليمية، ولعل في المحاولات الحثيثة التي تبذلها مراكز القرار الدولي بهدف لي عنق تجارب الربيع العربي، ومحالة الإبقاء عليها ضمن الحدود المسموحة لها، ودعمها لبذور الردة في أحشائها، وأيضاً تشجيعها أو غض النظر عن عمليات النهب المنظمة، بهدف سرقة سوريا والسوريين من قبل الجوار، خير دليل على ما نذهب إليه.

فواقع الحال يؤكد بأن السوري، وبمختلف مشاربه وانتماءاته، بات في خطر محدق، ومهدد في وجوده، وقد يعيش أطول حرب داخلية، هدفها إنهاك الجميع وتمزقه وتشتته، وتكون نتيجتها ـ بفعل الأجندات ـ أن لا غالب ولا مغلوب، والجلوس ـ القسري ـ إلى طاولة الحوار، تحت يافطات مختلفة، دون أن يتحمل أي من حواضن تلك الأجندات، ورعاة مشاريع الموت، حتى المسؤولية الأخلاقية عن شلالات الدماء التي سفكت . 
   من هنا نقول؛ إذا كان لابد من عقد مؤتمرات حول سوريا، فنحن بحاجة إلى مؤتمر واحد ووحيد، وليكن عنوانه " الكف عن النفخ في الدماء السورية " وإن كان ذلك صعب المنال، بحكم أن إطراف الصراع في البلد تفتقد إلى أي خيار من شأنه إخراج البلد من عنق الموت، وذلك لافتقاده إرادته وقراره الوطني المستقل ...





جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان