أحمـد قاسـم :
احتفلت المرأة في عيدها العالمي في الثامن من آذار( ولو عندنا في سوريا هذا تاريخ شؤم لحياة الشعب السوري منذ خمسين عاماً لأنه يصادف استلام البعث للسلطة وغطى على عيد المرأة أيضاً. حيث كان يوم البعث اقدس من يوم المرأة...). بالإجمال يمر هذا العيد على المرأة وكأنها يناسب ما تعاني المرأة من الظلم والقهر النفسي
والجسدي طوال حياتها لتنغر في هذا اليوم على انها تمتلك يوماً من أيام السنة قد تفرح فيه بمجاملة من رجل يقدم لها وردة أو يرسم على خدودها قبلة باهتة....
المرأة في بلادي صورة من صور البؤس الإجتماعي مع امتلاكها القدرة على التحمل من استفزاز الرجل لها طوال حياتها.. وكأنها خلقت لتتحمل ذلك الكائن المهزوم داخلياً, المسيطر في مظهره الخارجي, والذي سمي ( برجل ).. لماذا سمي هذا الكائن الذكوري برجل؟ لا أعلم, فقط إنني أفسر حسب فهمي له بأنه عليه أن ينحني أمام انوثة المرأة, ويتعالى عليها بعد إشباع غريزته.. المرأة, تلك الكائنة التي لم تفقد حيويتها ابداً ولن تتخلى عن مسؤولياتها تجاه عائلتها مع الظلم الذي يواكب حياتها في كل لحظة من لحظات حياتها.. أعلم بأن المرأة تفتخر بزوجها حتى ولو كان أحدهم لا يستحق ذلك الإحترام من قبل زوجته, إلا أن وفاء المرأة لزوجها يفرض عليها ‘ لأن ذلك من آداب المرأة في بلدي....
لقد ابدع الرجل هذا اليوم كبدعة يرضي فيه المرأة على أنها محل تقدير واحترام عند الرجل.. هذا يجب أن يكون... كان في بلدي, قبل تشكيل (الدول ) التي اسميها مستعمرات لعائلات أو مجموعات سميت نفسها بالحكومات للسيطرة على الأرض والشعب, تراجعت فيها إرادة المرأة كثيراً. حيث كانت المرأة تمتلك من القرار ما يتوازن مع الرجل لو أضفنا أن كانت للمرة مكانة خاصة عند المجتمع القبلي لتشارك في أخذ القرارات المصيرية لصالح القبيلة أو العائلة.. بعد ولادة الدول الحديثة تقدم هؤلاء الحكام بإنشاء منظمات وهمية سميت بالمنظمات النسائية ليتعالوا على المنابر ويهتفوا ويخاطبوا النساء على أنهم مع حقوق المرأة وحريتها. ذلك الرجل الذي خرج من رحم المرأة ليغدر بها في كل لحظة من لحظات حياته... أما ذلك الكوووووود الذي اخترعوه لتشارك المرأة منظمات ومجالس الذكور ليس إلا بدعة أخرى من بدع ذلك الذكر الذي تأكله غريزته وتضعه في خانة الوحوش في كثير من الأوقات.
لا أؤمن بالمناسبات على أنها أعياد, بل إنها محطات لمراجعة الحسابات ووضع الأمور في نصابها الصحيح.. أما عيد المرأة التي أقيمت لها شكليات بروتوكولية من قبل الرسميين ليس إلا غدر للمرأة مرة أخرى ووضعها في خانة البؤس واليأس لإضمار طاقاتها وحيويتها. ما استطعت أن أغدر تلك التي أحببتها لأقدم لها وردة أو أرسم على خدها قبلة الغدر.. ذلك هو النفاق الذي يمارسه الرجل تجاه المرأة.. عندما يتعالى صوات في الفضائيات واقرأ على صفحات الجرائد أو على المواقع الألكترونية والفيسبوكيات اندهش أمام هذا الجيش المنافق الذي يدافع عن حقوق المرأة وأعرف الكثيرين منهم انهم لا يتعرفون بالحقوق بشيء, بل ينافقون على المجتمع بهذه الكلمات التي تتطاير مع نفخة هواء ليس لها صاحب.....
المرأة أيها الأصدقاء.. أيها الإخوة.. ليست بضاعة باهتة.. أو تلك التي خلقت من أجل إشباع غريزة الرجل. المرأة تلك التي قدسها الله عندما خلقها.. عندما خالف آدم كلمة الله اثناء تناوله التفاحة من يد حواء, لم يلعنه الله إحتراماً لتلك المحبة التي استقرت في قلب الإثنين, ليهديهما الله الأرض ويسخر لهما كل شيء . وبنى الله الأرض في أجمل طبيعة للتتوارثها الإنسان من بعد آدم إكراماً لتلك المحبة التي ترعرعت في داخل الرجل الأول والمرأة الأولى ولتمثل المرأة في الأرض عطاء الله عندما بدأت بالولادة الأولى, لتكثر من المحبة الإنس إلى يومنا هذا. فضل الله ذبح الذكر من الحيوانات على ذبح الأنثى, لأن للأنثى عطاء واستمرار لتكاثر النسل.. وكذلك حرم قتل النساء والأطفال في الحروب لما لهما من حرمة وقدسية عند الله. فكيف تقتل الآن الآلاف من النساء والأطفال في الحروب المجنونة؟ ونحن نحتفل بعيد المرأة وكأنها فعلاً تشكل خاصية عندنا من حيث هي كما أشاء الله.
المرأة في اعتقادي هي شيء من نور الله يجذبنا نحوها, لكننا نسيء التعامل معها نحن الرجال... أقول وأؤمن به, على أن الوردة تبقى أجمل على غصنها من التي تقطعها وتضعها في فاز كريستالي. وهكذا هي المرأة .. من لا يعرف ما هي المرأة لا يستحق الحياة.. ضعوا المرأة في مكانها المناسب.. إنها مدرسة ومنزلة وحياة.. لتكون في النهاية كل شيء, والرجل ضيف عليها ليس من حقه تغيير موقعها. فليس للمرأة عيد, أما عيد المرة هو لحظة ابتسامتها وشعورها بالحرية المطلقة.. إنها أجمل لحظات حياتها, لتحب بملء قلبها من دون تردد. وعلى أن تبقى على غصنها جميلة كما هي, تنافس فينوس بجمالية روحها, و تستقطب البلابل لتغرد في أحضانها أنا شيد الحب.
أحمــــــد قاســـــــــم
الكاتب والسياسي الكوردي السوري 10\3\2013
