عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

محمد رشو : سوريا وسيناريو التقسيم


محمد رشو : 

في خضم الإصطفافات الجديدة في الشارع السوري، بات الرجوع إلى الجذور هو السمة الغالبة لأغلب الطوائف و الأعراق المشكلة للنسيج الاجتماعي في سورية، فالاقتتال الحاصل الآن أصبح حرباً أهلية بكل معنى الكلمة، فالإسلاميين الأصوليين يقاتلون العلويين، حتى أنهم يقاتلون الكورد العلمانيين في مدينة سري كانييه، بينما

 المعارضة الإسلامية المعتدلة الممثلة بالإخوان المسلمين تراجع دورها بشكل كبير لصالح الجماعات المتطرفة و الجهاديين، هذه الحروب الجانبية أضاعت الهدف الأساسي من الثورة الذي هو إسقاط النظام البعثي.

هذه المعارك و المجازر التي ترتكب على أساس طائفي أو عرقي قسمت سوريا إلى أقسام أربعة هي:

الجزء الكوردي: و هو الجزء الشمالي من سوريا و يشمل محافظة الحسكة و القامشلي و شمالي محافظة حلب، و هذه المنطقة ذات أغلبية كوردية، وهذه المنطقة غنية بالنفط و أراضيها صالحة للزراعة وتحوي العديد من المناطق الأثرية.

من المعلوم أن الانتماء الكوردي هو قومي أكثر من كونه ديني، و التوجه العام علماني. إلا أن المعارضة السفلية، وبأمر من جهات خارجية، قامت بتوجيه بوصلتها شمالا بدلا أن تهاجم معاقل النظام في دمشق، فشنت حربا لا داعي لها في بعض المناطق الكوردية ضد الكورد، إلا أن الكورد قاموا بتشكيل لجان حماية شعبية تابعة للهيئة الكوردية العليا، حيث قاموا بحماية المدن الكوردية.

كما أن الفدرالية تعد المطلب الأساسي للكورد في سوريا، و هذا المطلب جاء بسبب الظلم التاريخي و سياسة الإقصاء و التهميش التي مارسها النظام ضدهم منذ تولي حزب البعث السلطة في سوريا، كما أن الكورد يحظون بدعم دولي و إقليمي جيد، الأمر الذي سيجعل من الكورد المستفيد الأكبر من الثورة السورية، لكن بشرط توحيد الصف الكوردي و توحيد المطالب بين الأحزاب الكوردية المختلفة عقائديا.

الجزء الدرزي: و سيشمل الإقليم الجنوبي من سوريا و الذي يشمل هضبة حوران. أغلب السكان من الطائفة الدرزية، و هي طائفة باطنية إسلامية، هذا الجزء حاليا يعتبر مؤيدا لنظام بشار الأسد، إلا أن هذا التأييد غير مطلق، و إنما ينطلق من مبدأ الخوف من الإسلاميين الذين ارتكبوا بحقهم العديد من المجازر سابقا، بينما نظام البعث أمن الحماية لهم من هذه الجماعات. الدروز لا يختلفون عقائديا عن الاسرائيليين، فهم يشكلون الصف الأمامي من لواء كولاني في جيش النخبة الإسرائيلي، بالتالي إسرائيل ستدعم بشدة إنشاء فدرالية أو حكم ذاتي درزي لحماية حدودها الشمالية من الجماعات المتطرفة.

الجزء العلوي: و يشمل منطقة الساحل السوري و التي تحوي محافظتي طرطوس و اللاذقية، وهذه المنطقة ذات أغلبية علوية، جزء كبير منها مؤيد لنظام بشار الأسد، إلا أن هناك جزء اضطر إلى تأييد هذا النظام بسبب التهديد المستمر من قبل جماعات المعارضة بإمكانية ارتكاب مجازر بحقهم، الأمر الذي يحصل يوميا في سوريا في سلسلة القتل الطائفي.

سيحظى هذا الجزء بدعم دولي من روسيا و الأمم المتحدة بحجة حماية الأقليات، كما أنه يحوي قاعدة روسية حربية، و بنية تحتية ممتازة، و ميناء، كما أن بشار الأسد قام بتسليح أبناء هذه المنطقة لتأمين سلامته و سلامة عائلته في حال سقط النظام في دمشق، حيث سينتقل إلى هذه المنطقة ليعلنها دولة علوية أو إدارة ذاتية أو فدرالية.

الجزء السني: ويشمل المنطقة الداخلية من سوريا، و هذه المنطقة ذات أغلبية سنية وتشكل أكثر من 50% من مجموع السكان، و قد تدمر أكثر من نصف هذه المنطقة بسبب الحرب الدائرة حاليا، و تشمل أراضي فقيرة بالموارد، و جزء كبير منها عبارة عن بادية.

هذا الجزء سيكون في حالة حرب دائمة مع باقي الأجزاء، بحجج مختلفة، إلا أن السبب الأساسي سيكون اقتصادي، أما الدعم فسيكون سعودي وقطري، كما أنه ضمن هذه المنطقة هناك تيارات معتدلة و علمانية ستعاني هي الأخرى من التوجه السفلي الذي سيحاول فرض نفسه بالسلاح.

لقد بدأت بوادر هذا التقسيم تبدو على الأرض بشكل أكثر وضوحا يوما بعد يوم، و سياسة التطهير الطائفي جارية على قدم و ساق، و يبدو أن سوريا باتت ملعبا للعديد من الدول الإقليمية و الدولية ، و مكانا لتصفية الحسابات، و كل هذا على حساب وحدة و سلامة الشعب السوري.



جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان