عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

أحمد قاســم : الأكراد والعلويون هما الضمان لوحدة سوريا



   أحمد قاســم :

أخترت هذا الموضوع لما له من اهمية بالغة لحاضر سوريا ومستقبلها... إن المكون الكوردي من شعب سوريا يعتبر المكون الأصيل, كونه مقيم على أرضه منذ آلاف السنين وله بصمات في بناء حضارة هذه المنطقة الإستراتيجية التي تعتبر صحناً لبوابة الشرق الأوسط, ومدخلاً لقلعة كانت الحضارات تتلاقى باستمرار على شكل غزوات وحروب طاحنة

طوال قرون عديدة... وكذلك المكون العلوي الذي استعرب خلال فتوحات اسلامية, وأسلم بالرسالة الإسلامية واندمج وذاب في بوتقة الثقافة العربية ليكون جزءاً من هذه الأمة التي تشكلت في غالبيتها على أنقاض اندثار العديد من القوميات الغير العربية. لكن ذلك لايعني أنهم انفصلوا بشكل نهائي عن جذورهم التاريخية... عندما نتجول في الساحل السوري ونتعمق في ثقافة هذا المكون نلمس بسهولة أن لهم خصوصية لاتشبه أي مكون آخر في سوريا, حيث أنهم أصلاء في مناطقهم أيضاً... والآن , ومع استمرارية الثورة السورية وما آلت إليها من متغيرات وتطورات تبرز حالة من التمحور حول الذات لكل المكونات التي تشكل منها الشعب السوري, ولتطفو على السطح تلاوين وتشكيلات ما كنا منتبهين لها في مراحل قبيل الثورة . حيث أن كل مكون بات يحسب حسابه لمواجهة المستقبل الذي ينتظره من خلال هذا الحرب المدمر بين المعارضة المسلحة وقوات النظام التي لا تبدو عليها أنها ستنكسر وستسقط النظام على أثرها خلال أسابيع والأشهر القليلة القادمة.



ليس خافياً لأحد بأن الإحتقان الطائفي بين السنة والعلويين حدثت شرخاً عميقاً تجاوز في عمقه الشرخ بين قوميتين متصارعتين  متخاصمتين على الوجود. حيث أن المجازر التي ارتكبها النظام في بداية الثمانينيات من القرن الماضي في حماة وحلب , والمحسوبة على انها كانت حرباً ضد الطائفة السنية على خلفية الحركة المسلحة للإخوان المسلمين ضد النظام في تلك المرحلة لم تنضمد جراحها حتى اليوم. وأن الحرب الدائرة اليوم بين النظام والمعارضة المسلحة باتت تأخذ شكل الحرب بين الطائفتين المتصارعتين, العلوية والسنية تهدد وحدة سوريا أرضاً وشعباً.. ومن المستحيل أن يلبي النظام مطاليب المعارضة إن لم يحصل على ضمانات دولية وإقليمية لحماية الطائفة العلوية من السنة في حال توليها للحكم في سوريا.. حيث ان روح الثأر معشعش في داخل أفراد هذا المكون, ومن حق العلويين التخوف من المستقبل الذي نجهله كلنا وسط هذه الحرب المجنونة..

ومع كل المخاوف, واستمراراً للتدمير والتهجير والقتل على مرئى ومسمع العالم وعجز المجتمع الدولي عن اتخاذ قرار لوقف هذا الحرب والإقتتال من خلال ردع النظام , تتحرك الأصولية والسلفية الإسلامية المتشددة للسيطرة على المشهد من خلال ممارسة العنف ضد كل من يعارضها.. حيث أن المجتمع السوري بطبيعته المدنية بعيد كل البعد عن الإسلام المتشدد والفكر الشمولي الإسلاموي العنفي.. إلا أن هناك من الدول الإقليمية , وتطبيقاً لمصالحها تدعم وتساند هذا الفكر المتشدد للنيل من سوريا وشعبها, كونها تختلف عن سائر الدول الإقليمية لما لعديد مكوناتها من بالغ الأهمية في لعب دور رئيسي للأمن والإستقرار في المنطقة. وأن الكورد والعلويين هما العامل الأهم للوصول إلى الأمن والأمان وترسيخ الإستقرار في حال فسح المجال للعب دورهما الإنساني والحضاري. وهذا يتطلب مناخاً من الطمأنينة لكلا المكونين من خلال طرح مشروع سياسي واجتماعي لمستقبل سوريا , تضمن حقوق كافة المكونات من المجتمع السوري من دون تهميش أي مكون لأسباب عرقية أو دينية أو مذهبية... حيث أننا نواجه الآن عكس ما تقتضيه المصلحة السورية شعباً ودولة من مخاوف حقيقية جراء سياسة النظام العنفية من جهة وسيطرة الإسلام السلفي السياسي على المعارضة المسلحة واستئثاره بالثورة من جهة أخرى. والذي نشاهده في سري كانية الكوردية خير مثال على ان كتائب الإسلام المتشدد لا تستهدف النظام فحسب, بل تستهدف سوريا كدولة وكشعب من خلال ممارساتها العنفية على الأرض وبدعم من الدول الإقليمية تمهيداً لإعلان إمارة إسلاموية تخضع لمصالح من يدفع لها الأكثر.

هنا, لابد من الإشارة على ان المكونات الأخرى من الشعب السوري الغير السنية والغير عربية اصبحت تشد من أذرها لتتخذ موقفاً أكثر وضوحاً تجاه المتغيرات والتطورات على الأرض ضماناً لأمنها وسلامة بقائها. وهي في ذلك تستند إلى موقف قد يتبلور لاحقاً من قبل الكورد والعلويين لما لهما من ثقل إجتماعي داخلي وإقليمي ودولي, حيث بمقدورهما تحديد مستقبل سوريا كدولة وكشعب في الوحدة والتفكك في آن معاً.. وهذا يعود إلى تبلور المواقف الدولية والإقلييمة تجاه ما تحصل من مآثر وتدمير وارتكاب للمجازر مع استمرارية العنف من دون رؤية واضحة لمستقبل سوريا إلى أين...

بات من الواضح جداً أن المجتمع السوري يتعرض لحالة من التفكك والفصل بين مكوناتها وفقاً للأصول العرقية والمرجعيات المذهبية والإنتماءات الدينية... حيث أن كل مكون لا يستطيع تدبير أمره باستقلالية تامة, فلا بد من أن يتوافق مصالحه مع مكون أو مكونات أخرى, وبالتالي سنرى تحركات لولبية حول المكونين الكوردي والعلوي لتشكيل محاور وتحالفات ضماناً لأرضية البقاء, في الوقت الذي يذهب المكون السني العربي نحو الإستقواء بالخارج للنيل من كل ما هو خارجاً عن إرادته من خلال تهميش الآخر وجعله رعية وخاضعاً لسياساته التي لاتعترف بالآخر إلا من دخل تحت مظلته. وبالتالي سنرى في القريب العاجل فرزاً إجتماعياً وفقاً للأصول لينعكس على مستقبل سوريا وبقائها كدولة متماسكة أو كانتونات غير متجانسة وغير منسجمة افقياً وعمودياً... وستبقى سوريا رهينة لقرار الكورد والعلويين وفقاً لما تقرره المعارضة ( السنية ) من الأصوليين والسلفيين المتشددين بخصوص مستقبل سوريا وضمان حريات وحقوق كافة المكونات من الشعب السوري... حيث أن سوريا ليست ملكاً للعرب السنة بل ملكاً لكل مكونات شعبها من الكورد والآشوريين والسريان والتركمان ومتنوع من المنتمين للديانات والمذاهب.
   
   أحمـــــــد قاســــــــم
   الكاتب والسياسي الكوردي السوري       29\1\2013




جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان