عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

أحمــد قاســــم : آن الآوان لنحكم بالعقل بعيداً عن العاطفة



أحمــد قاســــم :

الثمن باهظ, من حيث الأرواح وتدمير بلد. سوريا ستذهب الى ما لاندركه في الوقت الذي تتحكم الأنظمة المتناقضة والمتصارعة على مدى عقود من الزمن في السياسة وعلى مناطق النفوذ باستشراء غير معقول من المذهبية حيناً وقومية أحياناً تلبية لمتطلبات اللعبة من وقت لآخر.

إن بلاء إيران بقيادة الملالي لا تقل خطورة من الإرهاب العابرة للقارات. حيث أن اللحن الذي اخترع الملالي في طهران وترقص عليه الشيعة في كل مكان لا يختلف كثيراً عن أنغام القاعدة وبن لادن الذي طالب بإمارات اسلامية وإن شاء القدر حتى في وسط أوروبا أو استملاك قطعة أرض بمحازاة واشنطن لتكون إمارة التهديد والإرهاب ضد أكبر وأقوى دولة في العالم. مالفرق بين الماركسزمية والخمينزمية وبن لادزمية عندما يتعلق الأمر بحرية الإنسان؟ نحن أمام إنفكاك عهد الترابط الهش التي فرضتها علينا فرنسا وبريطانيا في عهود الإستعمار الإستيطاني الأسود, وتركت تركة كبرميل بارود لا يتحمل التغيير في الطقس وارتفاع شدة الحرارة, حيث ينفجر ويفجر ما استطاع التفجير بما حوله ونحوه.

نسيم الحرية بدأت من تونس, من أقسى شمال غربي أفريقيا لتتحرك باتجاه بما تشتهي سفينتها لتعبر ليبيا ومصر, الى اليمن في اقصى الجنوب الغربي لآسيا, ولتستغرق في سوريا الشام, حيث عتبة الشرق الاوسط وطقوسها المتنوعة والمتشعبة اثنياً وعرقياً. إنها خلطة إلهية, علينا أن نفهمها ونفكك رموزها . فمن يقول بأن هناك رابح في سوريا فإنه واهم. إن ما يجري في سوريا هو إختبار مخبري لإنتاج معادلة يعتمد عليها في إنشاء شرق اوسط جديد أكثر إستقراراً وعدالة ومساواة. لقد خلفت بريطانيا وفرنسا تركة استحال التمازج بين مكوناتها عبر تلك العقود الماضية وتحت خيمة أنظمة استبدادية ظالمة وفاسدة. حيث كانت تلك الأنظمة تمارس ابغض الحلال في حده الدنيا وأقصى المحرمات في حدها الأقصى باسم الدين تارة والقومية تارة خرى لتقمع الحريات بابشع آلات وأدوات القمع الممنهج.

المسيحيون مهددون في كل لحظة من لحظات حياتهم. اليهود مستنكرون في المنطقة ببغض وكره. الإزديون يعانون من الهوس الإسلامي المشوه السائد. المذاهب تتصارع من دون توقف.( الأقليات القومية)تحت مطرقة الأنظمة الإستبدادية وسندان القومية الكبيرة. وماذا بعد؟ الحريات تنتهك في داخل الأنفس...إنها آلام ووجع نحو شيء ما. إما الإجهاض وإما ولادة جديدة متعسرة بعد كل هذه العقود من الترمل والتهرول للطوائف والإثنيات في ثلاجة مغلقة كانت يستحيل فتحها لتنفجر اليوم وتنتج كوارث مدمرة بفعل الأنظمة أيضاً, كما نراها في سوريا اليوم.

 إن بناء الشرق الأوسط في عهود سابقة كانت مقدمة لإنفكاكها اليوم. إما أن نقبل بدون ردات أفعال مدمرة أو نتدمر معاً لنولد بشكل قد لا نرضاها في البداية ولنبدأ من جديد في بناء تكويننا المرضي, كما نراه في مصر اليوم وتونس أيضاً. إن في سوريا, وفي لحظة التدمير والقتل الممنهج من قبل النظام لكل من طال يده اليه, تختلف المعارضات والمكونات من الشعب السوري فيما بينها الى جانب تصارع قوى إقليمية على كامل مساحة سوريا لتكشف عن حقيقة مكنونات سوريا العرقية والمذهبية والدينية. إن خلاصة المكنون هي سوريا إما أن تكون بهوية جديدة تشبه وترمز إلى كل مكوناتها أولا تكون أبداً. فلا خوف على بقاء سوريا أو عدمها. فسوريا كانت لا تشبه أحد أبنائها, كانت صورة مشوهة البستها العروبة لتكون بلاء اليوم على رأس كل ساكنيها. الولادة المشوهة تنتج انسانا مشوعاً ليكون وبالاً على نفسه وعلى غيره. اكثر من ستون سنة وسوريا تحت رحمة العروبة الممزوجة بالاسلاموية الشعاراتية. اكثر من ستون سنة والشعب السوري بكافة مكوناته أرادت أن تستقر في داخلها من دون ترهيب وترغيب. لكن الأنظمة فعلت بعكس ذلك لترهب الإنسان وتؤسس لجمهورية الخوف والإرهاب باسم العروبة التي لا تكتفيها من الأرض الواسعة التي امتدت من المحيط الى الخليج, لتمتد الى افغانستان وغيرها الى بوسنة وهرسك وتبدأ بالفتوحات العربوية الإسلاموية البغيضة التي باتت كل نفس يشمئز منها.

نحن أمام انفكاك وتركيب جديدين, شئنا ام أبينا. إن لم نتفق على عقد فيما بيننا نحن( السوريون) فلنذهب الى ابعد من ذلك لنتفكك ونصنع لنفسنا أوطاناً بمسميات جديدة. نحن الكورد لا نقبل أقل من الديمقراطية التعددية التشاركية التوافقية, وأعتقد أن العلويون كذلك والدروز والمسيحيون بكافة طوائفهم والشراكسة والإيزديون ووووو الخ. تبقى الضئيل من السنة السلفية والأصولية والعروبيون المفترضون, تارة ينادون بدولة اسلاموية وأخرى بعروبة سوريا لتشويه صورتها من جديد ولنرجع الى نفق اكثر عتامة وظلمة مما نحن فيه.
الثمن باهظ, والتدمير مستمر, إما أن نكون كما نريد نحن الكل, وإما ان نفك العقد ونفسخ العهد ونذهب الى حيثما نريد لمحو سوريا من الخارطة كدولة متمازجة موحدة بالوانها وأشكالها الموزايكية وبدون خجل أو وجل.

أحمــــــد قاســـــــــم
 الكاتب والسياسي الكوردي السوري     5\12\2012 



جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان