حسني كدو :
عام بأي حال مضى، عام استباح فيه النظام السوري كل ماهو سوري، عام تكاليفه كانت باهظة، عام فقد فيه السوريون الآلاف من أطفالهم وشبابهم ونساءهم وشيبانهم , عام حل الخراب معظم المرافق العامة .
لقد كان عام 2012 صعبا وطعمه مر كطعم العلقم , ولونه كان أحمر قان ، فارتوت منه الأرض وامتزج بالخبز والماء، فأصبح السويون يتنفسون دماء , ويشربون مياه بلون الدم , ويأكلون خبزا منغمسا بالدماء، لقد عاش السوريون تحت جحيم البراميل التي تنهمر فوق روؤسهم، وصواريخ سكود التي تدك بيوتهم المتصدعة , لقد طبق النظام وجرب جميع أسلحته على هذا الشعب الذي يطالب بالحرية، لقد تحول هذا الشعب إلى حقل تجارب لأسلحته الفتاكة التي لم تُجرب طيلة أربع عقود على الجبهة الاسرائيلية .
لقد بقيت سويعات على هذا العام الجائر الظالم المتخاذل، هذا العام الذي كنا نأمل أن يكون عام انتصار للثورة السورية، عام خلاص من الطائفية والظلم والاستبداد والتظرف الأعمى، عام يكون فيه الشعب السوري حرا كريما سيدا، غير أن فقهاء الظلام, تجار الحروب وأعداء الحرية والشعوب ساندوا النظام من الداخل والخارج وأصروا أن يمدوا في عمر هذا النظام , حتى يحول سوريا إلى خراب ودمار، فلا النظام استطاع أن يهزم الثورة ولا الثوار استطاعوا أن يهزموا النظام بل أصبح القتل هواية للنظام وكل يقتل ويدمر من دون تحديد الجهة و الهدف، لقد تحولت كل المحافظات السورية إلى مراكز وأهداف مشروعة للنظام .
لقد حل الخراب والدمار، وماتت القلوب والأبدان، وخلت البلاد من أصوات الحكماء وأصبحنا نعيش على صدى ووقع بيانات عدد القتلى اليومي، ونترقب استخدام الأسماء والأنواع الجديدة من الأسلحة والطائرات , ونترقب أسماء الأشخاص اللذين تمادوا في نهب البلد , وقتل الناس ثم انشقوا وأصبحوا أبطال.... ونترقب أسماء كتائب جديدة كانت في الأمس القريب لصوصا وقطاع طرق، وأسماء كتائب متطرفة وإمارات إسلامية سلفية، وأصبحنا نسمع ونتعرف على وجوه كانت من أعضاء وأزلام النظام ثم أصبحت مع الجيش الحر.
لقد كان من حق السوريين بعد كل هذه التضحيات والأكلاف أن يحلموا بعام جديد، عام ثورته انتصرت على الظلم والاستبداد , عام يسوده المحبة والسلام والوئام , عام انتصر فيه الحق على الظلم والباطل .
لكن عزاءنا في العام الجديد الذي نأمل أن يحمل في ساعاته الباكرة أنباءا سارة تزف بشرى الخلاص من هذا النظام الجائر الذي حول الحياة الى ممات , و السعادة الى كأبة , والفرح الى حزن , تزف بشرى سوريا جديدة بعلم جديد , وثقافة تسامح جديدة , سوريا ديمقراطية لكل ابناءها , كل طائفة تمارس طقوسها دون خوف أو منة , كل عرق يمارس ثقافته وحضارته ولغته بكل يسر وأمان , كل ينعم بخيرات وطنه ضمن دستور عصري يحفظ حقوقه ,أمنه يسهر عىلى راحته وسكونه لا على تعذيبه وترويعه.
عام نضمد فيه الجراح , عام الشفاء للجرحى والحرية للمعتقلين , عام نرفع فيه شعار سوريا دولة مدنية ديمقراطية تعددية ,عام يتحد فيه الامة السورية ضمن نظام فيدرالي يلتف حوله جميع شرائح وطبقات الشعب السوري الذي يستحق حياة افضل.
أما كورديا فقد كنا بعد درعا مباشرة , وكان شعارنا واحد واحد الشعب السوري واحد , و كان عاما صعبا فقدنا فيه قادة وشخصيات وطنية وشبابية , وهاجرت قادة أحزابنا, وعقدنا اجتماعات هنا وهناك , وازدادت عدد أحزابنا وتنسيقياتنا وانسحاباتنا من المؤتمرات , كما ازدادت انشقاقاتنا مثل اتحاداتنا الذي بقي حبر على ورق بالرغم من مساعدة الأشقاء وتذليلهم للصعاب , وحاكت المؤامرات من شخصيات كنا نحسبها اصدقاء لنا , صمدنا في وجهها صمود الابطال بالرغم من الفرقة والخصام, وكدنا أن نصطدم ببعضنا البعض و لا نزل , وزدادت الأحوال المعيشية سوءا , وشحت المواد , وذعرت النفوس بعد أحداث سري كانييه .
أما عزاءنا في العام الجديد , هو ان يسقط النظام مع فجر العام الجديد وأن يحل السلم الأهلي والتعايش السلمي بين جميع مكونات الشعب السوري , وان يوحد العام الجديد كلمة الكورد وهدفهم ولمرة واحدة في حياتهم , وان ينال الشعب الكوردي حقوقه المشروعة في جميع أجزاء كوردستان المنسية عالميا.
وكل عام وتصبحون على وطن بدون البعث والاسد.
الرياض 31-12 2012
حسني كدو