عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

أحمـــد قاســـم : تدمير سوريا على طريق الحل المفترض



  أحمـــد قاســـم  :

لم يبقى أمام المجتمع الدولي إلا مسلكاً واحداً, وآلية واحدة، وتوجهاً واحداً، وهو تدمير سوريا للوصول إلى الحل المفترض المنشود. ومنذ إندلاع الثورة السورية، كل الدول الأقليمية والشقيقة والصديقة والرفيقة والحبيبة تغازل سورية وشعبها على أنهم إلى جانب مطالب الشعب السوري المحقة فعلى الأسد أن يقدم الأصلاحات أو يجري تغييرات على البنية السلطوية للنظام، وهناك من طالب بخجل على أن يتنحى الأسد ويترك السلطة للشعب.
تركيا كانت من الدول السباقة وقفت مع الشعب السوري شكلاً ، وفتحت حدودها للهاربين من الموت، وتمثلت على هؤلاء المهجرين على أنهم ضيوف أعزاء وليسوا لاجئين لتمرير سياستها الخبيثة مع تحريض الناس نحو اسلوب تدميري لسوريا وتمليكهم السلاح، ليست من أجل الدفاع عن المتظاهرين، بل لإثارة فتن طائفية وإشعال حرب أهلية وطائفية من أجل تدمير سوريا. تركيا كانت سباقة في تحريضها المبطن لتأجيج الأزمة وإدامة النظام في حربه اللامحدود ضد شعبه، من خلال تصعيد الموقف اللاموقف على المنابر الإعلامية من دون أن تقدم شيئاً عمليا لدعم الثورة السورية. كانت بإمكان تركيا أن تلعب دوراً مفصلياً لإنهاء الأزمة بإسقاط النظام لمى لها من وزن وثقل نوعيين في تحوير السياسات الإقليمية وخصوصاً إنها تملك كل الحدود الشمالية لسوريا بطول ما يقارب ال 900 كم ، وما لها من تأثير على الجزء الغير القليل على المجتمع السوري، وخصوصاً في اللحظة التي ينتظر الشعب السوري منها موقفاً لإنقاذه من آلة القتل والدمار التي يستعمله النظام ضد إنتفاضته السلمية. إن التصعيد الاعلامي لمواقف تركيا وهبوطه ترك آثاراً سلبية بالمعنى السياسي لجوهر قضية الشعب السوري، وأن إنتقائيتها المشبوهة للتعامل مع المعارضات السورية تركت شرخاً عميقاً للساحة التي كانت من المفترض أن تلتقي عليها كافة قوى المعارضة للنظام، وهي من ساعدت بشكل فج تأجيج الخلافات بين قوى المعارضة وخصوصا  سياساتها المتبعة ضد وجود قضية الشعب الكوردي في سوريا وربطها بالأزمة المتواصلة بينها وبين الحزب العمال الكوردستاني على حقيقة وجود قضية الشعب الكوردي في ذلك الجزء من كوردستان. وكذلك اللعب على حساسية المواقف التي بدأت تظهر من جانب الأقليات العرقية والدينية والمذهبية بعد أن طغت على المشهد العنفي في سوريا لوناً طائفياً، وبالتالي أعطت مبرراً لإنزواء الأقليات في الجانب الصمتي المرعب والمخيف.

أما الدول الخليجية التي ربطت الثورة السورية على أنها ثورة ضد العلاقات السورية الإيرانية، فهي الأخرى حاولت من خلال أجنداتها تحوير الثورة عن مسارها باتجاه الضغط على إيران للكف من تدخلاتها المتواصلة في شأن دول الخليج العربي عن طريق تحريض الحركات الشيعية فيها لضرب الإستقرار في المنطقة من جهة، وإمتلاكها لأوراق السيطرة على المحور الإستراتيجي لإدارة المنطقة سياسياٌ وإقتصادياً في مواجهة المصالح الأمريكية. هذا، ومن الجانب الإيراني، فإن الدعم الإيراني اللامحدود للنظام السوري أعطى طابعاً مذهبياً للمشهد الصراع الإقليمي ، وكأن المنطقة دخلت في أتون حروب مذهبية مدمرة على خلفية الصراع على سوريا. وبالتالي فقدت الدول الخليجية مع استملاكها للشرعية التي تمتلكها الجامعة العربية السيطرة على الوضع المتفاقم على ارض سوريا، وكانت مبادرتها مضحكة ونكتة سياسية، في الوقت الذي واجهت بالرفض القاطع من قبل النظام بشكل دبلوماسي، لتعطي ضمان للنظام على بقائه ، ومن ثم اختراع وسيلة ميتة في الجنين عندما طرح مبدأ الحوار بين الأطراف بعد وقف العنف من أين أتت، لتطفي الشرعية للنظام، على أنه من حقه أن يكون طرفاً أساسياً في الحوار المزمع بدئه تحت مظلة الجامعة العربية، ولتتمسك النظام بهذه الوسلة فيما بعد، وحشد مجموعات من المعارضات المفترضة على شاكلة قدري جميل وزجهم في المعركة ضد الثورة و المعارضة الحقيقيين، وبالتالي فقدت الأزمة في سوريا بوصلةملاحتها وسط رمال متحركة في مواجهة عواصف متصادمة ومتلاحمة في معركة لاينتصر فيها إلا أعداء سوريا على أرضية أنقاض تدمير سوريا دولة وشعباً و حضارة، في الوقت الذي تتوافق الدول العظمى على إطالة هذا المشهد التراجيدي المخيف والمدمر، حيث يسقط يومياً اكثر من مئتي شهيد وتدمير أحياء بأكملها في غالبية المدن السورية وأريافها، وخصوصاً دمشق وحلب، لما لهما من موقع استراتيجي لقلب الموازين على الارض بين الجيش الحر وعصابات النظام .

أما المشهد الدولي الذي استوضح بجلاء على أن الدول الفاعلة في مجلس الأمن ليست لها مصلحة لحسم المعركة في الداخل السوري لصالح أي طرف من الأطراف، وهذا مما يجعل الوضع أكثر سوءاً على الأرض ليدفع بعصابات النظام إلى انتهاج اسلوب الأرض المحروقة في حربه ضد الشعب بأكمله من خلال قصفه العشوائي للمدن والأحياء بشكل جنوني، وكأنه يسابق الزمن في حربه التدميرية باستعماله لكافة قواته الجوية والبرية واستعمال المدافع والصواريخ على الوزن الثقيل ليس إلا نهجاً تريد العصابة من خلاله الحاق اشد أضرار بالبنية التحتية وتشتيت وتفكيك المجتمع السوري من خلال قتله وتهجيره اللامحدود وسط غياب اية مبادرة أو آفاق لوقف هذا العنف من قبل المجتمع الدولي، عدا عن تبني هذا المجتمع لإيفاد الأخضر الإبراهيمي وتكليفة لمتابعة مجريات الأحداث على الأرض من دون أن يقدم أو يلزم الأطراف إلى قرار يتخذه لإنهاء العنف.
     إذاً نحن أمام تراجيديا تدمير سوريا كدولة وكوطن وكشعب، لتغييرها في المرحلة اللاحقة على أنقاض الكوارث التي لحقت بسوريا وستلحقها في الأيام والأسابيع والأشهر القادمة. ومن هنا نستنتج أن نهاية الأزمة تكمن بنهاية سوريا كدولة متماسكةوشعب متماسك وكحضارة متماسكة.. وسيكون للتاريخ موقف فيما بعد.

  أحمـــــــد قاســـــــــم
الكاتب والسياسي الكوردي السوري     7\9\2012
تم النشر في 13,05 07|09|2012





جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان