عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

مروان سليمان : الثورة السورية بين فكي السنة و الشيعة

kl:12,00 12|06|2013 Sawtalkurd

مروان سليمان : 

التاريخ مرحلة من المراحل الزمنية في عمر الإنسان و الشعوب، و في تلك المرحلة التي تعيشها الشعوب و تتفاعل مع الأحداث لا بل تصنعها أيضاً لتبقى شاهدة على المآسي و الويلات، أو الرفاهية و الترف ، و لكن تاريخ منطقتنا ليس فيه من الترف للشعوب بشئ سوى للسلاطين و الحكام و أصحاب النفوذ وتعيش الشعوب في هذه المنطقة من الأزل حالة من القهر و الظلم ، مشهدالدماء تكاد لا تفارقها و الإستغلال و العبودية و الإذلال تلاحقها من زمن إلى آخر، لإننا أيضاً نشاهد هذه الصور و الآلام و عشناها على أرض الواقع و تلمسناها و اليوم و بعد قيام الثورة السورية بدت الصورة أكثر وضوحاً من خلال الفكر الطائفي الذي هو ليس بجديد في المنطقة و لكن يتم أحيائه مما يشكل خطراً على الأمن و الإستقرار في المنطقة برمتها من خلال توزيع الخلايا الإرهابية لكل طرف في معظم بلدان المنطقة و ذلك لتحقيق أهداف بعيدة  لتكشف حقيقة الطائفية الإجرامية و زيف الوطنية التي كانوا و لا يزال الكثير  يتشدقون بها .
كفى كذباً و كفى نفاقاً، صمتكم أفضل و الكف عن الدس و التشحين و غسيل العقول و الأدمغة أفضل عمل تقومون به ، لا إنتصارات زائفة و لا ديمقراطية كاذبة و إنما أفعالكم الحقيقية هي التي سوف تبقى شاهدة على إجرامكم في هدر الدماء بدون حساب و تبقى الأنظمة و المنظمات الدولية و الأقليمية  من ذوات الضمير الميت شاهدة على هذه الأحداث و التخلف بدون أن تقدم أية مساعدة للشعوب المقهورة و المظلومة .

الخلافات المذهبية ليست وليدة اليوم و إنما قديمة تعود إلى ما قبل مئات السنين و من أهم العوامل التي زرعت بذور الفرقة المذهبية هي : الإختلاف الحاد بين العلماء في تفسير الآيات القرآنية و السنة النبوية و إجتهاداتهم الخاصة و الكيفية و المواقف المختلفة التي اختلطت فيها المفاهيم الفكرية و السياسية فكان الكثيرون يبتدعون الآراء و المدارس الكفرية و يفرضونها لتسويغها و تثبيتها  و التي تم تغذيتها في عقول العامة من الناس مما أدى إلى الإنتقال من المجال النظري إلى المجال العملي لتتحول إلى تعصب مذهبي كل يدعي صوابيته و أحقيته في حمل الرسالة و رفع الراية و التقرب من الرسول عن طريق سننه و شرائعه أو عن طريق التقرب من آل البيت و الإدعاء بالنسب، كما أن المصالح الضيقة بين خلفاء الرسول و الأهواء التي تقاذفت بين المسلمين جعلت الهوة أكبر بين الفرق، و كان أول فصل من فصول الخلاف في سقيفة بن ساعدة و التي كانت الخلافة من أهم عوامل الإختلاف فيما بين المسلمين و قادتهم و كان من أهم نتائجه الإنشقاق في الصف مما أدى  فيما بعد إلى ظهور فئات عديدة تناصب العداء لبعضها البعض من النواصب و الخوارج مروراً بالغلاة و الشيعة إلى السنة، و ما بين هؤلاء و أولئك سالت دماء غزيرة راح ضحاياه الكثير من الأبرياء و المغرر بهم في نصرة هذا و ذاك باسم الدين و الدفاع عن المقدسات التي أصبحت عبارة عن سلعة للمتاجرة.

فهل نستطيع القول بأن الإسلام دين للتفرقة و القتل و التدمير و التخريب؟ أم إن الإسلام إبتلى بمسلمين سيئين يشوهون سمعته ويطبقون قوانينه كما يريدون لا كما أراده الله، فإدعى البعض من رجال الدين بأنهم خليفة الله في الأرض  و من حقهم تصنيف الناس حسب مكانتهم ليس في الدنيا فقط و إنما في الآخرة أيضاً و يزعمون بأنهم من حاملي مفاتيح الجنة و النار يقدمونها لمن يشاؤوا و لمن يقدم فروض الطاعة العمياء لهم عبر غسيل للدماغ أو شراء ذممهم بالأموال أو بأفكار مبنية على الجهل و الخرافة كمسألة المهدي المنتظر و خلاص العالم على يديه و محاربة الكفار و المشركين و تخليص العالم من شرورهم، و أصبح كل من هب و دب يصدر الأحكام و التشريعات و الفتاوي التي تناسبه و تناسب أفكاره و يوزع الحسنات على الناس و يكفر الآخرين و كأنما وهب لنفسه التفويض الإلهي على الأرض ، مما أدى إلى أن يكون الدين وسيلة لتحقيق أهداف رجال الدين و الأنظمة في آن واحد لإبقاء الشعوب خدماً و عبيداً و ديمومة بقائهم في الحكم و الإستمتاع بالحياة الدنيا التي يمنعونها و يحرمونها على الناس في نفس الوقت.

فالتغيير في المنطقة يجب أن تتوفر فيه قبل كل شئ بيئة ثقافية صالحة بعيدة كل البعد عن الفكر الخرافي، تلك الثقافة التي تمثل قاعدة أساسية للتغيير الحقيقي و الناجح في المنطقة حتى نخرج من دوامة الأحقاد و الثأر و استقلالية القرار وهذا لن يأتي إلا بالإعتراف بالآخر و إحترام خصوصياته سواء كانت الدينية أو المذهبية أو القومية بعيداً عن التهديد و الوعيد و الإنتقام و المزايدات التي أتحفنا بها البعض كالمقاومة و الممانعة التي أصبحت سلعة تباع و تشترى في أسواق النخاسة و الدجل بعد إن أفلس أصحابها الطائفيون ، و يجب علينا أن نتخلى نهائياً عن صنع أبطال وهميين هدفهم التسلق على دماء الشعوب بمزايدات وشعارات أصبحت لدينا في سلة المهملات.

مروان سليمان
08.06.2013




جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان