يرى نبيل الحيدرى أن يهود كردستان يمثلون جزءا أصيلا وشعبا مهما في التركيبة السكانية الحقيقية فيها، كما أن لهم دورا رياديا فى تأسيسها وبنائها وتطويرها وخدماتها كما تثبته الوثائق العالمية والمصادر التاريخية.
تواجد اليهود فى كردستان منذ نفى الملك شلمنصر حيث كان يقوم بنفي سكانالمدن التى يغزوها وتهجيرهم قسرا. وعندها كان تهجير اليهود ونفيهم هو من أوائلالنفي والتهجير العالمي لأمة كبيرة عن وطنها وأرضها.
تعتبر أوضاع اليهود فى كردستان وما حولها فى تلك العصورمتميزة حتى عدت بعض مناطقها مركزا مهما روحيا وثقافيا ليهود العالم ومركزهم لدرجةاستقبالها المنفيين منهم من دول العالم لتثبت انفتاحها وحبها وبل ومركزيتهاومحوريتها فى يهود الدنيا ، وقد قام العديد من الرحالة اليهود برحلات علمية إلى كردستانللعثور على الأسباط العشرة ودراسة التاريخ اليهودي العالمي ومصادره الأولية.
يهود كردستان في إسرائيل
اضطرت الظروف القاهرة بعد الحرب العالمية الثانية إلى هجرةاليهود القسرية نتيجة ظروف قاهرة ومعاناة كبيرة لترك كردستان الغالية عليهم حيثبقوا متشبثين ومتمسكين بعادات وثقافات الكورد حتى فى اللباس والطعام والمعيشةوالتقاليد ولازالوا يتجمعون فيما بينهم فى مناسبات الكرد التي لم ينسوها وباتتمغروسة فى عقولهم وقلوبهم وذاكرتهم.
تمّ تأليف عدة كتب فى يهود كردستان أهمها يهود كردستانلأريك براور وهو أثنولوجي قام ببحث علمي فى المجتمع اليهودي فى كردستان فى القرنالماضي وفيه فصل مفصل عن تاريخ يهود كردستان الحافل بالإنجازات والمكاسب كمايتناول اليهودية الكردية فى ثقافاتها وعاداتها وطقوسها حتى الطعام واللباس والزواجوالولادة والدفن ومختلف المراسيم.
والكتاب الثاني بنفس العنوان فى السبعينات من القرن الماضيلأوراشفارتس وهى عالمة أنثولوجية درست يهود كردستان بعمق وهو كتاب رائع موثقبالصور والمصادر العلمية المختلفة.
والكتاب الثالث وبنفس العنوان أيضا لويس عمر قادرالذي يعتمد على المصدرين الأنفين ثم يضيف إضافات جديدة جميلة منها انخفاض الجماعاتاليهودية بسبب الإبادات الجماعية ضد اليهود وما يعرف ب" هولوكوست" المسببة لهجرة اليهود إلى أرض الميعاد وأهميتها من الناحية الدينية والتاريخية
وكتب أخرى منها كتاب هنرى فيلد عن جنوب كردستان، وكتابيونا صابر عن آثارهم الأدبية. كما ذكرهم ضمن يهود العراق كله، مؤلفون كثيرون منهم خلدونناجى معروف بعنوان"الأقلية اليهودية فى العراق"، ولكن الحقيقة أنهم ليسوا أقلية وأعدادهم كبيرة ويمكن تسجيل اعتراض كونهم أقلية، وكتابيهود العراق ليعقوب يوسفكوريه الذي يتناول تاريخهم وأحوالهم وهجرتهم،وكتاب مهم لمؤلفه العالم المسيحى يوسف رزق الله غنيمة في" نزهة المشتاق فى تاريخ يهودالعراق"، وكتاب لفاضل البراك وعنوانه" المدارس اليهودية في العراق"وغيرها.
كردستان مدعوة لإنصاف أبنائها المهجّرين
يعتبر يهود كوردسيتان من أقدم المجتمعات اليهودية فى تاريخالعالم وكان لهم طقوسهم ومراسمهم الخاصة والتي تمايزت عن بقية يهود العالم كما تذكرالمصادر أعلاه. إنّ التلمود البابلى الذي كتب باللغة الآرامية القديمة الخاصة بيهودكوردستان، قد ذكر أن اليهود قد استقروا فى كوردستان منذ أكثر من2800 سنة من الآن بعد نفيهم من الملك شلمنصر الثالث لكى يكونوا بعيدين عنمواطنهم ولا يمكنهم الرجوع إليها.
ولازال يهود كوردستان الذين هجّروا عن وطنهم كوردستانيتمسكون بذاكرتهم وذكرياتهم التى يحيوا عليها صباحا ومساءا قياما وقعودا فىأناشيدهم وأغانيهم وطعامهم وعاداتهم لدرجة أن ما رفقته كوردستان من بعض العاداتلازالوا متمسكين به تعبيرا عن الأصالة والتاريخ كما تذكر المصادرأعلاه.
إن يهود كوردستان هم الوثيقة التاريخية الناصعة فى تاريخكوردستان وتشهد على ذلك معالمهم وآثارهم فى شتى المرافق فضلا عن بيوتهم ومدارسهمالدينية ومقابرهم لكن ذلك كلّه غائب مغيّب لا يتم التطرق لها، لا من قريب ولا منبعيد، بينما نتوقع من كوردستان إقامة الندوات والمؤتمرات لدعوة أبنائها اليهودالكورد لبناء كوردستان وإحياء أمجادها وتاريخها والمساهمة فىبنائها.
وبعد زيارتى إلى كوردستان فى نوفمبر الماضى بناء علىالدعوة الكريمةلرئيس الجمهورية فى مؤتمر الأديان، دعوتُهُم إلى إرجاع حقوق اليهود كمكوّن أصيل ندين له فى البلاد وتاريخهاوحضارتها ونموها وإرجاع المواطنة أولا لجميع اليهود وإضافتهم فى الدستور كما ذكرتالأديان الأخرى وإعطائهم مقاعد برلمانية أسوة بغيرهم من الأديان والمذاهب ثم إرجاعأملاكهم وأموالهم المنقولة وغير المنقولة كما أرجعت لبعض العراقيين الآخرين وتمالتصويت والموافقة وصدر ذلك فى البيان الختامي الرسمي بحضور المسؤولين من القضاةوالوزراء وغيرهم.
إنّنا في الوقت الذى نفخر بكوردستان فى التطور والنمووالازدهار والانفتاح ، نطالب فى الوقت نفسه وبشدة السيد الكريم مسعودبارزانى والسيد مام جلال طالبانى والمسؤولين بإرجاع حقوقيهود كوردستان كما ذكرت فى بعض مداخلاتي فى مؤتمر الأديان وبحضور المسؤولين، وأنتقوم بإعادة المواطنة والجنسية إلى يهود كوردستان وأن تعطى مقاعد برلمانية لهمتوازى حجمهم الحقيقي أسوة بغيرهم من الأديان والمذاهب فى برلمان كوردستان وإرجاعحقوقهم وممتلكاتهم وأموالهم المنقولة وغير المنقولة لتكون كوردستان نموذج العدالة والإنصاف والديمقراطية وإرجاع الحقوق إلى أصحابها فإن ذلك سيحقق نموذجاحقيقيا للشعارات المرفوعة كما يحقق عدالة وبناءا ونموا ومستقبلا زاهرا.
العراق اليوم