محمد رشو :
مركبٌ تائهٌ عرض البحر، بلا قبطان، وبعديد الدفّات، رايته رايتان، ودفّته ضاعت بين الشمال والشرق، أما هيكله فمتصدّعٌ متشققٌ ويزداد تشققاً، العاملين على متنه كلهم قادة، يصدرون الأوامر لكن دون أن تلقفها أي أذن لتنفذها،
يكرهون بعضهم، يشتمون بعضهم، يقتلون بعضهم، ثم يجلسون معا على طاولة واحدة لتقاسم أي صيد من أي حجم كان، وهكذا حالهم منذ نصّبوا أنفسهم قادة على هذا المركب.
طاقم عمله لا يبحر إلا بعد قبض راتبه، حتى قبل أن ينزل الماء، يبحر بعبثية تجاه المجهول بحجة بحثه عن الكنز المأمول.
بحر مركبنا خليط من الوهم والكذب والرياء، قاتمٌ لونه، تعصف به عواصف الكراهية والأنانية لتحاول قلبه، إلا أن الخوف على الكنز ينقذ المركب.
طيور رميّة تلاحقه أينما حلّ، تنتظر بفارغ الصبر مصرع أحد الربابنة أو خروجه من المركب لتنقض عليه ناهشة ما تبقى من جسده وملتهمة حتى اسمه.
إلا أن الطامة الكبرى هي أن هذا المركب يحمل على متنه أحلام وآمال شعب برمته بانتظار كنزه الثمين الذي انتظره منذ آلاف السنين.