عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

محمد رشو : قراءة في أسبوع مركز الجزيرة للدراسات حول المسألة الكوردية في المشرق :


محمد رشو :
ضرورة الحل السلمي والمخاوف (2)

ثمة قناعة تركية عميقة بأن الديمقراطية في تركيا تبقى ناقصة دون إيجاد حل مقبول للقضية الكردية، وقد سبق أن قال أردوغان -خلال زيارة له إلى ديار بكر معقل الأكراد- إن الديمقراطية في تركيا تمر عبر القضية الكردية، متعهدا بتحقيقها.

اليوم تبدو هذه القضية أكثر من ملحة، لا لوقف مسيرة القتل والدم وإنما لتحقيق رؤية تركيا للمستقبل، فدون إيجاد حل لهذه القضية لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار والسلام الداخلي في البلاد من جهة، ومن جهة ثانية تحقيق تنمية شاملة ونمو مستدام ونهوض اقتصادي شامل، ومن جهة ثالثة كسب الأكراد في المنطقة الذين يتوزعون بين تركيا وإيران والعراق وسوريا، حيث باتت قضيتهم تحظى باهتمام إقليمي ودولي، وتكسب المزيد من عناصر القوة الذاتية، والأهم هو نزع هذه القضية كورقة في الخاصرة التركية قابلة أن تتفجر في هذه اللحظة أو تلك، تبعا للصراعات الإقليمية والدولية.
ولعل هذه الأسباب مجتمعة تشكل دافعا قويا لحكومة حزب العدالة والتنمية لوضع القضية الكردية على سكة الحل السلمي، وإدراجها في الدستور الجديد الذي يجري إعداده.

الإحساس بالحاجة إلى حل القضية الكردية سلميا لا يعني بالضرورة أن الحل بات قريبا، لا لأن الثقة مفقودة فقط، بل لصعوبة تقديم تنازلات كبيرة من الجانبين تحقق الحل المنشود.
ومن دون شك، فإن أنقرة لا تستطيع فجأة إقرار مطلب الحكم الذاتي للأكراد، لأن مثل هذا الإقرار سيؤدي تلقائيا إلى رفع سقف المطالب الكردية القومية، وإقامة دولة كردية مستقلة من شأنها قلب الخرائط الجغرافية في المنطقة، حتى لو قال حزب العمال الكردستاني إنه لا يريد مثل هذه الدولة.

فضلا عن أن مثل هذا الإقرار ستكون له تداعيات كبيرة على الداخل التركي، وسيكون كافيا لاتهام حكومة العدالة والتنمية بالخيانة والعمل على تقسيم تركيا، حيث بدأ حزب الحركة القومية من الآن يردد هذه التهم، سواء لأسباب أيديولوجية أو انتخابية، فيما يقف حزب الشعب الجمهوري -المعارض والوريث التاريخي للأتاتوركية- بالمرصاد لسياسة حكومة حزب العدالة والتنمية في كل خطوة، على وقع الخلاف بشأن الأزمة السورية.

وفي الجانب الآخر، من المستحيل إقناع حزب العمال الكردستاني بنزع سلاحه وانتظار حل سياسي من أنقرة قد لا يأتي أبدا، كما من المستحيل الاقتناع بوجود رغبة تركية في الحل السياسي مع استمرار أنقرة في نهجها الأمني، حيث لا تتوقف حملات التمشيط العسكرية في الداخل، ويتواصل القصف الجوي لمعاقل الحزب في الداخل والخارج، فالمسألة تبدو له على هذا النحو أقرب إلى الاستسلام من الحل السياسي.

وعليه، حتى لو راهنت تركيا على صدور نداء من أوجلان للحزب بترك سلاحه (مع أن مثل هذا الأمر مستبعد من أوجلان الذي لم يفعل ذلك حتى في ظروف سيئة للغاية)، فإن القيادات العسكرية التي تقود الحزب على الأرض كفيلة بإفشال أي حوار لا يؤدي إلى حل سياسي شامل، يحقق الاعتراف بالهوية الكردية للأكراد والأمن والاستقرار لتركيا.
ومن دون شك، فإن التوصل إلى حل تاريخي للقضية الكردية في تركيا يحتاج إلى قرارات تاريخية، وإرادة حقيقة ونية صادقة، وخطوات عملية غير مسبوقة وجهود جبارة، لأنها وحدها الكفيلة بوضع القضية على سكة الحل الذي يعني غيابُه البقاءَ في دوامة النار والدم، في زمن لم يعد فيه من الممكن تأجيل القضايا الكبرى والمزمنة، ولاسيما أن قضية الحرية والكرامة لدى شعوب المنطقة أصبحت فوق كل شيء مع ثورات الربيع العربي.




جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان