عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

د.م.درويش : وختامها، ربما جحيم؟


د.م.درويش :

من المنطقي والواقعي أن يقرر الشعب السوري مصيره بعد كل القمع والظلم الذي أصابه خلال العقود الماضية، وبعد كل التضحيات التي قدّمها خلال الواحد والعشرين شهراً ونيّف وحتى اليوم، ولا أظن أن الشعب السوري الثائر سيترك

 خياره ومصيره بيد مساومين مثل لافروف المساند للنظام السوري، وبيد الإبراهيمي المُستسلم أمام جميع الأطراف المُشاركة في المشكلة السورية.
ما صرّح به لافروف بعجز الروس عن إقناع رأس النظام السوري بالتنحي، هو إمًا لعبة دبلوماسية مُبتدعة أو حقيقة يُراد بها باطلاً، فإذا كانت لعبة دبلوماسية، فالأمر ليس غريبا أن يصدر عن الروس المُساندين للنظام والدّاعمين له، فهم جزء من المشكلة بنظر كل الثوار السوريين وأصدقائهم، أمّا إذا كان الأمر حقيقة، فحق النقض الذي استخدموه عدّة مرات في مجلس الأمن لم يعد له معنى ولا يمكنهم أن يبرّروه بكل حججهم، كونهم اعترفوا مُؤخّراً بعجزهم علناً، وبناءاً عليه، ما عليهم إلاً أن يُمرروا قراراً في مجلس الأمن يتضمن البند السابع ويُلزم النظام باحترام القرار الدولي تحت طائلة المسؤولية الأولى والأخيرة عن كل جرائمه وتجاوزاته في سوريا.
أماً ما بدر عن الإبراهيمي فهو بمثابة استسلام للدكتاتورية المُمنهجة واعتراف باطل بشرعية النظام وتراجع واضح عن التحليل والتشخيص الواقعي للشأن السوري، وبالتالي ما صرح به هو مجرد هروب نحو الاستسلام والخنوع لتهديدات النظام باستخدام الأسلحة الفتًاكة وعلى نطاق واسع، كما أن تصريحه ينمً عن تقبًله بهمز ولمز الروس ومُراوغاتهم التاريخية.

إن تصريحات الإبراهيمي المُختصرة تُشير إلى أمور أخفاها عن العلن ولم يجرؤ عن قول ما دار بينه وبين رأس النظام وما قاله رأس النظام تحديداً، كما أن تصريحاته لم توضّح علناً ما دار بينه وبين لافروف وما قاله لافروف هامساً بإذنه، كي يخرج الإبراهيمي بجملة نهائية مفادها: إمًا الحل السياسي أو الجحيم.
كل المهتمين بالشأن السوري يعرفون جيدً أ ن لا تراجع في الثورة السورية ولا توقّف،ً فطريق العودة أكثر كُلفة وصعوبة من طريق المُتابعة والاستمرارية، وهذا ما يُفسّر بعض ما قاله الإبراهيمي نقلاً عن الأسد، بأن الحل السياسي سيزداد صعوبة يوماً بعد يوم، أي انًه يخشى استمرارية الثورة وتعرمرمها وديمومتها حتى النهاية التي يخافها ويرتعش من شكلها منذ الآن، لذا بدأ يُهدّد بالشكل الآخر من العنف كما جاء على لسان الإبراهيمي واصفاً إيّاه بالجحيم.

لن أتطرًق لمناقشة الحل العسكري فهو بات معروفاً للجميع، والجميع يعرفون بأن النظام هو الذي اختار الحل الأمني والعسكري منذ البداية، والجميع يعرف من يدعم النظام وكيف تتم مساندته من بعض الأطراف العربية والإقليمية والدولية.
أماً الحل السياسي المنشود منذ مؤتمرات جنيف وكل مكوكيًات الإبراهيمي وسفسطائيات لافروف، التي تصب جميعها في سبيل بقاء النظام ورأسه حتى سنة أخرى مع إمكانية بحث موضوع ترشحه مُستقبلاً في عام 2014 ، هذا الطًرح المسنود لافروفياً وإبراهيمياً يُغفل دور الشعب السوري الثائر ويُهمّش الحراك الثوري السوري بكل أشكاله كما يتجاوز كل المعارضة السورية، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: طالما النظام يريد البقاء وفق الحل السياسي المنشود، فالحراك الثوري بكل أشكاله يجب أن يبقى قائماً ويتصرف بشكل يتناسب بنديّة حيال ممارسات النظام، وبهذا ستكون الثورة السورية آنية التفاعل وبآلية ثنائية، أي بالتظاهر سلمياً للبحث عن تحقيق مطالبها المشروعة ً أو بالرّد عسكرياً لردع النظام ودحره في أنسب وأقرب وقت وشكل ممكن ومشروع.، ويبقى على مختلف الأطراف في المعارضة أن يحدًدوا مع الفاعلين في المجتمع الدولي أن يحدًدوا آلية التحول التاريخي في سوريا فيما إذا احترمت كل المطالب المشروعة للسورين.

الحل السياسي كان ممكناً، ربما، في الأشهر الستًة الأولى من الثورة السورية حيث كانت الثورة سلمية بكل أدواتها ووسائلها، أما الحل السياسي المطروح في هذه الأيام وفق لافروف ـ الإبراهيمي والذي يترجم هيمنة النظام على مضمون هذا الحل باشتراطه ببقائه رافضاً تنحيه، لا أعتقد أنً هذا الحل سيكون مقبولاً من الشعب السوري الثائر بعد أن قام النظام بقتل وتشريد وتهجير الملايين وتدمير الكثير من القرى والمدن السورية بالإضافة لإستخدامة للأسلحة الثقيلة وحتى الكيماوية مؤخراً، والتهديد باستعمالها على نطاق واسع في سبيل فرض حل سياسي على النحو الذي طرحه لافروف وكأنه الناطق باسم النظام السوري وكما نقله الإبراهيمي المتسوًل المُتهالك المُستسلم على أبواب دمشق وموسكو، وهنا أتساءل أو أسأل لافروف والإبراهيمي: هل الجحيم الموصوف حسب الإبراهيمي، هل هو ختام للثورة السورية أم ختام للنظام السوري ومتى؟ ربما ستكون الإجابة في الأيام أو الشهور القادمة وخاصة عندما سيكون السوريون على أبواب النظام في دمشق واللاذقية.

كاتب وباحث كوردي، 30/12/2012



جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان