فاروق الأيوبي :
قيصر
الدب الروسي خرج من جحره واثق شرس، بوتين، زعيم الأوليغارشية العظمى تجاوز فترة المكاسب المادية إلى مرحلة بسط النفوذ السياسي على محيطه الجيوغرافي
الشاسع، لفرض هيبته و إرادته بهدف تأمين مكانة إستراتجية مرموقة لاءقة بروسيا القادمة، ذلك بالقوة بالأبتذاذ أو بتبادل المصالح كما أنه لن ينسى إهانة الغرب له في ليبيا العام الفاءت... الصين من خلفه حليف ضمني شبيه، الصين مكتفية حالياً بشعوبها و قارتها و بمواجهتها الإقتصادية لأمريكا و لها مبدءها المعروف { ليس المهم لون القط، المهم هو أن يصتاد الفأر }. من آمامه إيران، ذراع مثيل مسلح يزداد قوة بعد قوة، نفوذ و إمتداد، توازن لقوى تتحالف إستراتيجياً، لدول متعاظمة عسكرياً نووياً و إقتصادياً، و تركيا في هذا الخضم تريد سلتها بلا عنب، حيث الحلف الآطلسي غدى مظلة ملءها ثقوب.
قيصر موسكو من يردعه عن سوريا اليوم؟ بعد الفشل الديبلوماسي، ديبلوماسية تحققت بالآصل لإستهلاك الرأي العام في الدول الديموقراطية و توفير المهل لنظام عصابة الأسد حتى أن ينهي الإنتفاضة السورية فلم ينجح بل كسر و أنحصر. من ردع قيصر البارحة عن غروزني الشيشان عندما دمرها في القوقاز، عن جيورجيا أو مجزرة مدرسة موسكو مع أنه حينها كان أقل قوة و نفوذ من الآن؟أوربا الغربية رهينة أزاماتها الإقتصادية المتفاقمة و حاجاتها الماسة للنفط و الغاز، لم يعد بحوذتها سوى الدبلوماسية العقيمة المختومة ببيانات الشجب و الإدانات، مرفقة أحياناً ببعض المساعدات العسكرية السرية و الإنسانية الدعاءية، للحفاظ على ماء الوجه، أو لإطالة عمر الأزمة ربما أثناء ذلك تحصل ظروف طارءة تسمح لها بالتحرك لتحقق بعض المكاسب؟ أو الويلايات المتحدة الأمريكية في فترة إنتخابات و بإنتظار صحة إقتصادية جديدة بعد حروب فاشلة منهكة؟ كما أنها ستعطي الأفضلية لحل مشاكلها الداخلية، و أقتنعت مؤقتاً بمحمياتها و نفوذ دون منافس في المنطقة، ليس هناك ضرورة ماسة و مكسب يغريها بالتدخل و المجازفة ما دامت إسراءيل في سلام و آمان. من المحزن و المضحك أن معارضاتنا في الخارج صافة بالدور على عتبات إسطنبول،باريس، لندن الرياض و قطر و الطبخة مطبوخة ضمنياً بين قوى ذو القرار الفعال، معارضاتنا لم تشم حتى راءحة الطبخة لأنها مسطومة الأنف، معميية بالطمع بالمناصب الحكومية المفترضة يوماً ما و المساعدات. سذج كعادتنا نتخيل آحلامنا حقاءق، هاءجين أو غفل و مياه الوصاية الروسية الإيرانية تسيل من تحتنا دون أن نحس.
قيصر موسكو لن يتردد لحظة واحدة بالتحالف مع إسراءيل أو مع إيران لتمكين مآربه في الشرق الأوسط بإخضاع الأنظمة الإسلامية و العربية لأمر واقع، بغض النظر عن أي قييم و مبادئ إنسانية إديولوجية،إنه من فصيلة ستالين و هتلر فجراءمه العسكرية البوليسية و المالية بداية بشعبه الروسي ثم شعوب القوقاز ستستمر بإفتراس الشعب السوري يوم بعد يوم عن بعد، بهدوء و برودة تقشعر لها الأبدان.
قيصر بلءم، إبتذاذ أم جبروت إنصاع له ساسة حلفاء في دول آسيا الوسطى و شرق أوربا طلباً للدعم و الحماية، نظام عصابة الأسد الأحمق إنزلق بين مخالب الدب الروسي عوضاً عن أن ينضم لشعبه السوري داخلاً التاريخ من بابه العريض، منقظاً بذلك نفسه و شعبه، فماذا نأمل الآن من شبح ديكتاتور موسكو الملثم ؟ سوى وصاية شيطانية علينا أي كان النظام أو الحكومة الجديدة، منذ بداية الثورة السورية و الدب الروسي متربص لنا في وكره بصبر و حنكة وكأنه يقول للثورة، للغزالة السورية أركضي هوجي في كل الإتجاهات نهايتك في أحشاءي رغم أنف، المتوسلين و الهاءجين المؤججين المتحمسين وعلى رأسهم تركيا و فرنسا... وقاحة إظهاره حق الفيتو في مجلس الأمن و قراءة تصريحات وزير خاريجته، لافروف المتصاعدة تدريجياً خير دليل.
عصابة الأسد تحولت إلى ورقة وضيعة، حقيرة بيد قيصر الماسك الآن بحبل مشنقة بشار فلن يشد بالحبل إلى بالثمن الباهظ و بعد التأكد من حليف جديد لموسكو في دمشق و المرشحين السوريين لخلافة الأسد كثر، حليف عميل كما هو الحال في أوربا الشرقية و آسيا الوسطى المغلقة المرتبطة ببعضها البعض مع روسيا العظمى الحديثة، ناسجة فيما بينها عوامل لها مميزاتها الخاصة، سوريا ضمن حدود صيد محظورة للإمبراطوريه الروسية فخر و طموح لكل روسي يحترم نفسه ؟؟ هاهي فرصة تاريخية ذهبية للجاسوس القديم، للاعب الجيدو بوتين حتى أن ينفرد بالقرار من موسكو إلى بيروت دون منافس جدي.
قيصر العصر يشير لمن يريد أن يفهم و بدبلوماسية شرسة، أنه ليس هناك حل ممكن في سوريا دون إرادة روسية فيجب على الجميع، معارضات، شعب و نظام أي كان، أن ينصاعوا و يقروا بإرادة قيصر ، ثم يعترفوا عاجلاً أم آجلاً لروسيا بجميل الخلاص من محنتهم هذه... و إن لا فأمامهم عقود خراب وحرمان، كما كان الحال نوعاً ما في أفغانستان 1978 عندما تدخل السوفييت وقتلوا محمد داوود خان و نصبوا محله ضباط خدم، عبيد كنور محمد طراقي...وقتها الغرب خزل المناضل أحمد شاه مسعود عندما طلب منهم الدعم و التسليح ثم قتل فترة وجيزة بعد عودته من باريس... الآن الأمر لروسيا أقل كلفة و أسهل، حيث داخل البيت السوري من هو مستعد للعمالة مقابل البقاء أو بدعم و تأيد حكومته الجديدة، هذه شلة منشقين عن جيش النظام مهيءة لخدمة موسكو، لماذا العجلة إذاً و النتيجة شبه مضمونة يقررها قيصر في الوقت المناسب دولياً، حتى ذلك أفعلوا ما شءتم من جلسات في مجلس الأمن، من حروب أهلية، أقليمية تنشط الإقتصاد العالمي بتصنيع و بيع الأسلحة...أما نشوء أنظمة دينية تلتف حولها قوى شعبية تشجع و تؤجج شعوب مجاورة له و في القوقاز، هذا،لا /نييت. أنظمة عميلة للغرب و أذياله في المنطقة هذا غير مسموح به بعد اليوم، لا/ نييت.
الدولة السورية و مؤوساساتها مهددة بالأنهيار، في مهب رياح خطرة، خطر الأطماع الداخلية و العربية و الخارجية مع عدم الإستقرار و مخلفاته، الفوضى الشريرة أول ما تظهر و تتكرث في مثل هذه الظروف الحساسة، الثورة السورية بدأت سلمية نظيفة طاهرة للخلاص من نظام دكتاتوري ظالم، ثورة على الواقع يعني فوضى، إن شاء الله خلاقة بناءة محققة لطموح الشعب السوري العظيم. خيانة عصابة الأسد ونظامهم المشين للوطن و الشعب، طمعهم الآحمق بالتسلط مع أنظمة عربية ليست أحسن حال و خلق، و منهم من أستغلوا الوضع السوري لتصفية حساباتهم و تحقيق مآرب خسيسة، بينما الشعوب العربية طالما كانت مسكينة لا حول لها و لاقوة، و الدول المجاورة ضعيفة أم عدوة لا آمل منهما، كل هذا سرعان ما جعل الثورة يتيمة منذ بدايتها، فضاقت ساحة الرجاء و وصل بنا المآل إلى خيارات آحلاهما مر:
/1/
أن نخضع لقيصر بشكل مباشر أو غير مباشر كما يخضع له شعبه الروسي بعد مهازل إنتخابية، تخضع له شعوب القوقاز بالقمع، الإرهاب أو الإغراء، بهذا نتجنب مصير الصومال، أفغانستان أو ما شابه، و المحزن أنه في بلدنا عملاء تتكاثر متسلقة على الثورة تسعى لذلك منذ آمد...
/2/
إستمرار الثورة لسنوات طويلة منهكة، تتحول لحرب أهلية حقيقية مدمرة للدولة و الوطن و المجتمع صراعات بين مرتزقة كبيت الأسد و شرزمتهم أو من يليهم و ثوار شرفاء مع الجيش الحر مدعومين من حلفاء قصر بسوء أو بطيب نيية و العالم سريعاً ما يتجاهلنا و ينسانا كما نسي الشيشان، دولياً موسكو تستلم الوصاية و تحصل على الفاكهة ساقطة، ناضجة في حضنها.
/3/
تدخل دولي يؤدي لتقسيم البلد لدويلات مشرزمة كما حصل في البلقان، إسراءيل و إيران طبعاً قوى إقليمية مهيمنة و قيصر الحكم الأكبر يقرر لهما بدم بارد من الكرملن
/4/
الجيش الحر يقوى ويخلع النظام الأسدي ثم يستحيل عليه تسليم السلطة السياسية إلى معاراضات شتى مغرورة، ممزقة غبية، معمية البصر و البصيرة بالتعصب الديني أو الطاءفي والجاهيلية المتأصلة في المجتمع و الصراع على المناصب...[ المخزي و المحزن أن هذا قد بدأ يتفشى و نظام الأسد لم يزل قاءم، أليس هناك سبعة حكومات و الحبل على الجرار ؟] في ظروف كهذه الجيش الحر سيضطر بتثبيت نظام عسكري سلطوي، لا سمح الله ربما يجعلنا نندم على بيت الأسد الملعون، و ثورتنا تختم بديكتاتورية جديدة يخضع لها الجميع مدعية أنه ينقصنا ثقافة وتربية ديموقراطية أو دينية لننعم بحرية كاملة و لسنا آهل لسيادة أنفسنا بأنفسنا...
/5/
تنحسر الثورة لاسمح الله فيضعف الجيش الحر متحولاً لمجموعات قتالية متفرقة هشة ينضم إليها و بإسمها عصابات دولية شتى تحارب ناشطة في ضواحي المدن إلى عقود، عاملة على إستنزاف النظام الحالي أو القادم وحكومته الشكلية بهذا تشل إستقرار و تقدم البلد و مؤوسساته معطية زريعة التأخر و الفشل لمن يتحكم بها، كما هو الحال الآن في الجمهرية الجزاءرية
/6/
حصلت في درعا شهر آذار العام من الماضي، صدمة هاءلة موجتها كان يمكن أن تنحصر في حوران فقط و تنتهي بسلامة مع بعض الإصلاحات لولا خيانة جديدة لبيت الأسد لولا غرورهم الآحمق. لكن على نفسها جنت براقش، بمشيءة الله أمتدت صدمة الموجة هذه إلى دمشق و سوريا ربما المنطقة بأشملها مما أيقظت و شجعت دول غريبة على التدخل بشؤوننا و التدويل... الظبية السورية على الآرض جريحة تنزف و ليس من مسعف مجير، عن بعد الدب الروسي متربص جاءع يطمع منذ قرون بالبحر الأبيض المتوسط الدافئ، فمن سيردعه عن بلع الظبية المزبوحة ؟
/7/
العام الماضي ناديت بتضامن كافة شعوب بلاد الشام، لسحق نظام شرزمة الأسد و الإستباق بتنظيم أمورنا بخلق جبهة إنقاذ وطني شاملة تضم الجميع، لنصرة الشعب داعمة جيشه الحر، لتجنب الفوضى الناتجة عن الثورة و حصر الأزمة داخلياً بين السوريين أنفسهم ...أما اليوم فالأمر تعقد أكثر بكثير، أصبح شبه مستحيل أمام التدويل و الطموح الروسي، و للممعن مخالبه ظاهرة للعيان رغم الفرو المموه و ما النظام الإيراني سوى مخلب من مخالبه هذه لتقاسم الكعكة... النداء لكافة الشعوب الإسلامية و العربية، خاصة في آسيا الوسطى و القوقاز بالإستعداد و التضامن معاً لمواجهات و تضحيات باهظة جسيمة، طويلة الآمد إن آردنا حقاً الحفاظ على هوياتنا الدينية و القومية و الثقافية و ثرواتنا على رأسها حريتنا المقدسة و كرامتنا كشعوب ذو سيادة.
فاروق الأيوبي
تم النشر في 11,26 08|09|2012