
28|10|2011 Sawtalkurd .
"أقول لمجاهدي المقاومة كونوا مستعدّين اليوم، إذا فرضت حرب على لبنان قد تطلب منكم قيادة المقاومة السيطرة على الجليل وبتعبير آخر تحرير الجليل". هذه العبارات التي أطلقها الامين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله في خطاب له في 16 شباط 2011 يعتبرها مصدر مقرّب من الحزب بمثابة بلاغ عسكريّ، وليست مجرّد حرب نفسيّة لأنّ التحضير لاحتلال الجليل جارٍ على قدم وساق". وأضاف المصدر: "لقد تعلّمنا من خلال صراعنا التاريخي مع العدوّ الصهيوني ان نكون دوما على أهبة الاستعداد وان نعدّ العدّة ونكون حذرين دائما من هذا العدوّ الذي امتهن الغدر والإجرام، والذي اعتاد الاعتداء على لبنان من دون ايّ مبرّر، فحزب الله ومنذ حرب تموز 2006، بدأ يحضّر لمواجهة جديدة محتملة مع العدوّ".
ومؤخّرا نقلت اوساط عن لقاء موسّع عقده السيّد نصرالله مع عدد من قادة المقاومة ومسؤولي الحزب العسكريّين جرى خلاله التداول في قضايا أمنيّة وعسكرية وما يجري من تطوّرات متسارعة في المنطقة، ونقل عن نصرالله قوله للمجتمعين: "إنّ من يقولون بقرب وقوع حرب إسرائيلية على لبنان يبنون تحليلهم على معطيات جدّية. وآخرون ينفون وقوع هذه الحرب ربّما معتمدين على أسُس منطقية، ولكن أنا أؤكّد انّ النوايا العدوانية موجودة دائما تجاه لبنان".
معادلة جديدة
وكشفت المصادر انّ نصرالله اكّد خلال لقائه "أنّ حرب تموز أراد منها الإسرائيليّون أن تكون حرب "كسر عظم"، وأرادوا كسر عظام المقاومة، لكن المقاومة كسرت عظام الجيش الإسرائيلي. ثمّ أضاف: "إنّ أيّ حرب تقرّر إسرائيل شنّها في المستقبل ستبدأ من تل أبيب، لا من المستعمرات الشماليّة، إذ إنّ الإسرائيليّين سيشنّون عدوانهم من دون وجود أيّ خطوط حمر رسموها لأنفسهم في الحروب السابقة. وبالتالي، ستلتزم المقاومة بالمعادلات الجديدة التي رسمتها لنفسها"، معلنا وجود "الكثير الكثير من المفاجآت في جعبة المقاومة"، والتي ستؤدّي إلى "تغيير وجه المنطقة".
مصادر أمنية أشارت انّ قيادة المقاومة ومنذ الصيف الماضي اعلنت استنفارها العسكري السرّي بعد وصول تقارير تشير الى احتمال قيام اسرائيل بشنّ حرب خاطفة على لبنان، وبالفعل فإنّ المعلومات اكّدت انّ هذه الحرب كانت مقرّرة خلال شهر آب الماضي، بدليل انّه جرى في تلك الفترة رصد حركة غير طبيعية في المطارات الحربية الاسرائيلية، حيث لوحظ انّه تمّ إخراج مقاتلات حربيّة من مخابئها تحت الارض استعدادا لقيامها بمهمّات قتاليّة، ولكن تعديلا طرأ في اللحظات الاخيرة اوقف هذه العملية التي تردّد انّها كانت تحمل اسم "النحلة".
وتوقّعت قيادة المقاومة انّ إسرائيل تخطّط حاليّاً لحرب خاطفة، وهي تسعى هذه الايّام لتأمين الغطاءين الاميركي والاوروبّي للبدء بعدوانها ضدّ لبنان وربّما ضدّ ايران، والحرب الاسرائيلية هدفها محاولة ضرب "حزب الله" الذي تعتبره الخطّ الدفاعيّ الاوّل لايران في المنطقة، لتنطلق بعدها، وبتعاون اميركي واطلسيّ، لضرب ايران نفسها.
إستعدادات وتدريبات
المصادر أشارت الى انّ الاستعدادات العسكرية للمقاومة لا تتوقف وهي مستمرّة، ومن بينها قيام خبراء بتلغيم اماكن ومرتفعات وتلال في السلسة الشرقية يُتوقّع ان تستخدم من قبل العدوّ كأماكن هبوط للمروحيّات العسكرية الاسرائيلية، وكون السلسلة الشرقيّة في لبنان، تعتبر من الناحية الميدانية ساقطة عسكريّاً لتضاريسها وطبيعتها الجرداء التي لا تناسب طريقة عمل حرب العصابات، فإنّ المقاومة وضعتها تحت مرمى نيران مدفعيتها وصواريخها المنتشرة في اماكن عدة، بحيث ستواجه قوات العدوّ بكرة نار هائلة في حال حاول استخدام هذه المرتفعات في عمليّات إنزال مفترضة، كما يتردّد بغية محاصرة وادي البقاع.
وتؤكّد المصادر انّ من ضمن السيناريو العسكري المفترض الذي وضعته قيادة المقاومة إطلاق ما لا يقلّ عن عشرة آلاف صاروخ في أوّل لحظات الحرب باتّجاه العمق الاسرائيلي مستهدفة المطارات العسكرية والمنشآت والمرافق الحيويّة، على ان يتبعها عمليات اطلاق صواريخ من اماكن لا يتوقّعها العدوّ، خصوصا وأنّ "حزب الله" بات يملك خرائط تفصيليّة لمواقع المطارات العسكريّة الاسرائيلية، وحتى السرّية منها، وبات بإمكانه رصد أيّ عملية إقلاع لطائرات حربية من هذه المطارات، فيما باتت المياه الاقليمية تحت مرمى صواريخ ارض – بحر موجودة لدى الحزب. والمفاجأة الأكبر ــ تؤكّد المصادرــ امتلاك المقاومة أسرار شبكات الترميز والتربيع في مجال الاتّصالات العسكرية الاسرائيلية وزرع غرف تنصّت ورصد ثابتة وجوّالة مجهّزة بأجهزة تنصّت متطوّرة.
للسيطرة على الجليل
وكانت التقارير اشارت الى خطة او سيناريو عسكريّ وضعه "حزب الله" بالتنسيق مع كبار الخبراء الاستراتيجيّين الايرانيين يتركّز على قوّة عسكرية مؤلّفة من خمسة آلاف مقاتل، أنهت تدريباتها في معسكرات في إيران أُنشئت خصّيصاً لتحقيق هذا الهدف، وتتوزّع على خمسة ألوية عسكرية، أي ألف مقاتل لكلّ لواء، وجميع هذه القوّات تلقّت تدريبات على قتال خاص في مناطق مبنيّة تشبه المستوطنات الإسرائيليّة. وخُصِّص كلّ لواء من الألوية الخمسة، بقطاع محدّد في شمال إسرائيل، يجب عليه احتلاله، وقد جرت ملاءمة التدريبات الخاصة التي تلقّتها الألوية مع الظروف الجغرافية الخاصة بكلّ قطاع ومنطقة جغرافيّة، وكلّ وحدة عسكرية تعرف مسبقاً، حتى مستوى فصيل، المنطقة التي عليها أن تتعامل معها، والسيطرة عليها.
والهدف النهائي لهذه القوّة هو السيطرة على أكبر عدد من الإسرائيليّين كرهائن، كي تمنع الجيش الإسرائيلي من شنّ هجمات مضادّة. أمّا اللواء الثاني فقد كلّف احتلال مستوطنة شلومي، التي تبعد عن الحدود اللبنانية 300 متر، ويسكنها نحو 6500 نسمة، والهدف الأساسي من احتلال المستوطنة هو قطع طريق الإمداد عن الجيش الإسرائيلي، وتحديداً إرسال قوّات تعزيز من جهة الشرق إلى مناطق في الجليل الأعلى، حيث أعداد كبيرة من القوّات العسكرية الإسرائيلية.
أمّا مهمّة اللواء الثالث، فهي الوصول إلى أقصى نقطة يمكن الوصول إليها جنوباً، وتحديداً إلى قرى يسكنها فلسطينيّون (من عام 1948)، وتقع إلى الشمال من مستوطنة كرميئيل، أي المنطقة التي تستخدم لقطع الطريق على الإمدادات الإسرائيلية، لأنّها تحدّ الطريق الممتد من عكّا على شاطئ المتوسط إلى مدينة صفد، الواقعة في عمق الجليل. فيما كُلّف اللواء الرابع مهمّة العمل في القطاع الشرقي في جنوب لبنان، واحتلال مناطق في المستوطنات الإسرائيلية الآتية: المالكية ورموت نفتالي ويفتاح ومستوطنات تل هار يوشع، ما يمكّن "حزب الله" من السيطرة بالنيران، عن بعد، على المستوطنات الإسرائيلية الواقعة في أجزاء من إصبع الجليل. أمّا اللواء الخامس، فهو لواء احتياط استراتيجي، له مهمات خاصة موكلة إليه، ضمن الخطة.
A F P