عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

د آلان قادر : الحوار مع الذئاب؟


د آلان قادر :



مقدمة
دون ادنى شك أن الحوار هو وسيلة حضارية،عقلانية،يلجأ إليها الناس ذوي البصيرة،وسعة الصدر وقدر جيد من التسامح وقبول الآخر،بهدف حل النزاعات والخلافات المستعصية حول طاولة المفاوضات،بدلا من الاحتكام إلى لغة القوة وحق القبضة.والحوار مهما كان طبيعته يحتاج إلى توافر عدة عوامل وشروط كي يكون ناجحا ومثمرا،وهي على سبيل المثال وليس الحصر:
1-أطراف الحوار وطبيعتهم
2-ما هو موضوع الحوار و الأهداف التي يسعى كل طرف تحقيقها؟
3-الصلاحية القانونية  للمتحاورين،أي هل لديهم تخويل أو تفويض باتخاذ القرارات المطلوبة أم لا؟
-4زمان ومكان الحوار
لم يكن اختيار عنوان المقالة بشكل اعتباطي أو من قبيل الصدفة،بل انسجام تام مع حدث الساعة الذي يشغل الشارع الكوردي في هذه الأيام.،سيما اذا أخذنا بالحسبان أن  قادة" بعض" الأطراف الكوردية سوف تحاور هؤلاء الذئاب الشرسة ،لعل وعسى أن تنتزع من مخالبها الكاسرة بعض الحقوق للشعب الكوردي ،بعد ان سلبته تلك الذئاب حتى من حق الصراخ باللغة الكوردية.وعلى الرغم من ورود معلومات جديدة حول الغاء اللقاء، بيد أن هناك بعض الأطراف التي لم تتخل عن تلك الفكرة ومستعدة للقاء مع النظام ولو مقابل فتات الموائد.
وإذا انطلقنا من الشروط الواردة أعلاه،المطلوبة توفرها سوف نجد أن طرفي الحوار هما "بعض" ممثلي أحزاب كوردية من جهة وسلطة قمعية دكتاتورية وارهابية،تحكم البلاد ومنذ  1963 بالحديد والنار.طبعا يصعب جدا وبناء على كافة المعايير السياسية والاجتماعية وأنماط التفكير وصف أولئك "الممثلين" الكورد بالديمقراطية.ولاسيما أن جميعهم لم  يصلوا إلى سدة القيادة بوسائل ديمقراطية،والأنكى من ذلك أن  هناك آخرين ملتصقين بكرسي الزعامة منذ خمسين عاما أو أقل وكأنه لابديل لهم على الأطلاق. بنظرة بسيطة سوف نجد أن طرفي الحوار متناقضان إلى أبعد الحدود.
ان موضوع الحوار وكما نعلم من خلال وسائل الاعلام هو ذات شقين: قومي يتعلق بحقوق الشريك الآخر للشعب العربي في سوريا وهم الكورد،ووطني يهدف إلى دمقرطة البلاد واشاعة مناخات الحرية وحقوق الانسان والاصلاحات المطلوبة في كافة مناحي الحياة.
فالطرف السلطوي وبعد أن وجد نفسه أمام وقائع ومستجدات جديدة على الأرض،لاسيمابعد الثورة السورية المظفرة،ثورة الشباب التي هزت أركانه،جعلته يفقد توازنه والكثير من بريقه الكاذب،وأرغمته أن يكشف عن وجهه الحقيقي المعادي للسوريين جميعا.ولاسيما سقوط حتى ورقة التوت،أي الممانعة وإلخ من الخزعبلات  التي اختبئ خلفها لسنوات طويلة من ممارسة الديماغوجية والكذب والدجل المفضوح. ومن هنا سعيه الحثيث للخروج من المأزق والعزلة الخانقة داخليا وخارجيا والتقاط الأنفاس ولكن على حساب المصالح القومية العليا للشعب الكوردي ومستقبل التعايش المشترك مع كافة الطيف السوري المتنوع. أما الطرف الكوردي فقد وجد نفسه وللمرة الثانية يلهث خلف الشارع الكوردي،متفاجئا بثورة الشباب الكورد البواسل،كما حدث اثناء انتفاضة البطولة في العام 2004، الذين برهنوا وبصورة واضحة انهم ينتمون إلى جيل الفيسبوك والثورة المعلوماتية،مدفوعين بآمال وطموحات إلى الحرية والديمقراطية واحترام حقوقهم  في الكرامة الانسانية ومستوى لائق من العيش الكريم،ولايريدون أن يقرر مصيرهم أشخاص،ذوي تفكير متخشب  ومحنط،ينتمون، إلى حقبة الحرب الباردة وما قبل سقوط جدار برلين،يستحيل عليهم التأقلم مع زمن العولمة وثورات الشباب.يسعى ممثلي تلك "الأحزاب"التي وافقت على التحاور مع النظام الفاشي،وبكافة الوسائل الخروج من عزلتهم و وانتحال ثورة الشباب الكورد بعد أن أجهضوا الانتفاضة الشعبية الأولى في العام  2004وبناء على تعليمات النظام ووعوده الجوفاء لهم باعطاء الكورد بعض الحقوق التي كانت من قبيل كلام الليل يمحوه النهار.
ومما يثير الانتباه أن السلطة الحالية وبحسب كافة المعايير القانونية والسياسية، هي فاقدة للشرعية أصلا  واغتصبت السلطة بالوراثة ومسرحية تعديل الدستور الهزلية.أي انها تفتقد صلاحية وحق اتخاذ قرارات حاسمة وجذرية،لاسيما بعد الخرق المنظم والفاضح لحقوق الانسان.والأخطر من هذا كله،ارتكاب عمليات الإبادة الجماعية  والهولوكوست بحق السوريين،حيث تم احراق آلاف الجثث وذر رمادها في عرض البحر المتوسط.،ناهيك عن وضع العديد من جثث الضحايا في المستوعبات ورميها في البحر.
لسنا بحاجة أن نفسر دواعي أو حاجة النظام إلى الحوار في هذا الوقت بالذات،حيث أن الثورة السورية زلزلت الأرض من تحت أقدامه وأرغمته على تقديم الكثير من التنازلات التي سابقا كان يرفض حتى الخوض فيها،مثلا  اخلاء سبيل السجناء السياسيين،لأن رأس الطغمة الفاشية بشار الأسد،كان يرفض حتى وجود سجناء سياسيين لديه.
بعض المزايا البيولوجية والسيكولوجية للذئاب
 بما أن تاريخ البعث منذ تأسيسه وحتى هذا اليوم سواء في العراق أو سوريا وطريقه إلى السلطة معبد بجثث الملايين من البشر وبدماءهم البريئة،لذا لا أجافي الصواب اذا وصفت قادة البعث بالذئاب الشرسة والعدوانية شأنهم في ذلك شأن زعماء الرايخ الثالث مثل هتلر،غوبلز وهيملر وغيرهم..
فقد أثبت العلماء ان شراهة الذئب ليس لها حدود.وهو يلعق آخر نقطة من دماء الضحية التي أريقت على الأرض والسبب هو أن سيكولوجية الذئب مبرمجة على نحو وعن طريق الوراثة،عدم معرفته متى يحصل على الوجبة القادمة.فالدماء التي أريقت في درعا وبانياس وضواحي دمشق وحمص وحماة وتل كلخ وجسر الشغور وقبلها في قامشلو وعامودا  خير دليل على شراهة ذئاب بشار الأسد وحاجتهم إلى اراقة المزيد من دماء السوريين.
وبما أن حاسة الشم لدى الذئاب تتميز بالحدة والقوة،لذا فهي تستطيع شم رائحة الدماء على مسافاة كبيرة جدا.إذا الويل للشخص الذي ينزف دما على مقربة منهم وهذا هو تفسير انتقال ذئاب بشار من الشبيحة وقناصة حزب الله والحرس الثوري الإيراني من مدينة إلى أخرى ومن قرية بعد قرية لقتل السوريين وازهاق ارواحهم،لمجرد مطالبتهم بالحرية ولابأس من قصفهم حتى بالحوامات والمدفعية وتدمير البنية التحتية وممارسة سياسة الأرض المحروقة.
 يقال أن الذئب يذهب للبحث عن الفريسة، سواء بمفرده أو ضمن القطيع،وهو يصبح أكثر عدوانية وجموحا عندما يكون ضمن القطيع،وقد شاهدنا مقاطع الفيديو والصور الرهيبة التي تقشعر لهولها الأبدان، المستوحاة ليس من أفلام الخيال أو الرعب للمخرج المعروف هيتشكوك،بل من شتى المدن السورية وكيفية تلذذ قطعان بشار وماهر الهمجية بمشهد  مئات الشهداء من السوريين والرقص على أجسادهم بعد تشويهها وتهشيم رؤوسها،بالضد من كافة الأعراف الانسانية والدولية ولاسيما القانون الانساني الدولي ومعاهدات جنيف لعام  1949 وماهدة مكافحة جريمة الجينوسايد لعام 1948.
ومن المعروف أن عواء الذئاب يدخل ومنذ الأزل الرعب إلى النفوس البشرية،ذلك الصوت الحاد يخترق الأسماع،يتلجلج في السماء، وقد ابتلى السوريون أيضا وفي كافة أرجاء الوطن المحتل بتلك الذئاب الجارحة وهم يصرخون في وجه السوريين،يشتمونهم بأقذع الكلمات وينتهكون أعراضهم.وخير دليل على ذلك أن أحد ذئاب بشار الأسد وبعد تلك المجازر في درعا،يسأل إحدى السيدات: وهل مازلت تريدين الحرية يا فلانة؟؟
لقد حذر السيد المسيح عليه السلام، من الذئب في جلد الخروف، أي الرسول الكاذب والمخادع وقد خدع هذا الرسول الكاذب الشعب السوري،على مدى إحدى عشرة سنة وقبلها والده لمدة ثلاثون سنة وتحت شعارات الوطنية والقومية وتحرير فلسطين والوحدة والحرية والاشتراكية،الفارغة من أي مضمون ولكن عندما طالب السوريون بالحرية والكرامة الانسانية، تعرضوا للقصف بالمدفعية ونيران الرشاشات والقناصة وقذائف الهاون.

يقول المثل الروسي عن الذئب:مهما أطعمت الذئب،يظل متجها بأنظاره نحو الغابة،وعلى هذا النحو ان أقطاب البعث سوف يظلون ذئابا مهما تلونوا وغيروا أقنعتهم وتكلموا بلسان البشر،لأنهم من طينة أخرى،لذا من الغباء جدا محاورة  هؤلاء الذئاب والجلوس معهم خلف طاولة مستديرة ومد اليد لأشخاص ذات طبيعة بربرية وآياد ملطخة بدماء السوريين.
انني مقتنع تماما انه لايجوز بأي شكل من الأشكال الثقة بأقطاب سلطة البعث، بناءا على تجارب مريرة سابقة وخبرة طويلة أولا، كونهم ذئاب شرسة  حقا في هيئة بني آدم وهم وسوف يبقون هكذا حتى وان أخفوا أنيابهم في قفازات من حرير ثانيا. وصدق من قال:من لايعرف التاريخ،عليه أن يجربه مرة أخرى.

د.آلان قادر،حقوقي ومتخصص في القانون الدولي العام، رئيس الجمعية الكوردية للدفاع عن حقوق الانسان في النمسا.
 النمسا في 08.06.2011

جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان