كل المؤشرات تشير لنا على إن أردوغان يعمل و حتى هذه اللحظة لصالح بشار الاسد في كلا المرحلتين قبل السقوط و بعد السقوط .
لنبقى في مشهد الذي يجري الأن في أنطاليا , فحكومة أردوغان أصرت بعقد المؤتمر في مدينة أنطاليا , لماذا ؟ . فأنطاليا و من حيث السكان فأغلبية سكانها علويين و هم من نفس طائفة آل الأسد و كما هم موالون لنظام الأسد . كيف لعقد مؤتمر لمعارضة السورية في مدينة تركية مؤيدة لرئيس سوريا ؟ و بما إن أنظار العالم متجهة إلى مكان إنعقاد المؤتمر سيُرى للمهتمين في شؤون السورية مؤيّدي بشار حتى على الأراضي التركية . كما أن تركية دعت كل الأحزاب و أطراف سورية معارضة للنظام إلا الكورد , إلا إلى عددٍ لا يتجاوز تعداده أصابع يدٍ واحدة . فهؤلاء الكورد و لا أقول بدون إستثناء الموجودون في أنطاليا لا يمثلون إلا أنفسهم و أجزم أن المدعوون الكورد إلى أنطاليا هم كانوا أزلام الأسد و اليوم يبايعون أردوغان من خلال رعايته لجماعة الإخوان المسلمين لعلهم يحتلون منصباً هذه المرة ! . أما في الشق الثاني و الأهم هي إن تركيا و تحت إمرة حفيده العثماني أردوغان يلوّحُ بإسترجاع مجد العثمانيين عسكرياً و سياسياً في الشرق الأوسط و بلاد المسلمين و بدءاً من سوريا فقد قرر الأتراك دخول إلى سوريا من الأن تحسباً لسقوط بشار الأسد كما كشفت مصادرها لصحيفة إندبندنت في تحضيرهم للتوغل في الأراضي السورية و كلنا يعلم ما مدى التأثير السلبي على الأتراك عندما يسقط نظام الأسد و ما هي النتائج التي ستواجه أردوغان و حكومته . ففي سقوط الأسد : يعني الديمقراطية و الحرية و التعددية و التعددية الحزبية . كما هناك جيلٌ سوريٌ جديد رضع الظلم من ثدي النظام الأسدي إلى أن كرهها و يريد هو أيضاً إسترجاع كرامة السوريين المهدورة فكل حكومات التركية منذُ قيام الدولة التركية الحديثة مدانة و لها اليد في التطاول على السوريين أرضاً و شعباً في زمن الأسدين الأب و الأبن و سيدفعون الثمن غالياً , و لنبدء من تطاول الأتراك على الأراضي السورية . الشعب السوري لم و لا و لن ينسى أراضيه المحتلة و هي لواء إسكندرونة و قراها كما هو الحال من أقصى غرب سوريا إلى أقصى شرق سوريا و على عمق 90 كيلو متراً إلى داخل الحدود السياسية التركية إقليم هاتاي , كلس , أورفة هي أراضي سوريا أرضاً و شعباً و تراثاً , فلن يتريّث الشعب في المطالبة بحقه القانوني في إسترجاع ما سلبه أتاتورك . كما هناك على أراضي السورية إخواننا الأرمن القومية الثالثة في سوريا , و بعد سقوط آل الأسد فلن يسكت أي أرمني سوري في المطالبة بحقه من الأتراك و ما فعله العثمانيون بالأرمن في الإبادة الجماعية عام 1915إلى عام 1923 التي راحت ضحيتها أنذاك أكثر من مليون أرمني . بالتالي سيحركون القضية من جديد إلى أن يجبرون الأتراك بالإعتراف بالإبادة الأرمني التي سكت عنها نظام آل الأسد . أما في شأن الكوردي فهناك حسابات و حسابات يطول الحديث عنها لكن سنضع بين أيديكم القليل منها ( و ما هو حجم القليل هذا ؟ ) عندما تقرأ و تشاهد الشارع الكوردي من جميع النواحي سترى إن ظلم و هيمنة الحكومة التركية يتجاوز ظلم الأسد الحاكم للكورد في سوريا و ليس بالضروري أن يكون المرء من مؤيّدي حزب العمال الكوردستاني أو جناحهم في سوريا حزب الإتحاد الديمقراطي الكوردستاني ( ب ي د ) أبداً . لكن عندما يقرر أردوغان و حكومته إنشاء مراكز و ملاذات آمنة للاجئين داخل الأراضي السورية و لا سيما أن هذه المراكز ستتخذ على عاتقها توفير الحاجيات و الأمان للعرب دون الكورد و كما منعوا و سيظلون في منعهم للاجئين الكورد الفارين من لهيب النيران في سوريا في ظل أعمال العنف التي تقوم بها الحكومة ضد المتظاهرين في سورية الدخول للأراضي التركية فهذا يولّد الكره و الشعور بالعنصرية ( حتى في عمل الإنساني نجد الأتراك غير عادلين ! ) أما عن ماهية أردوغان في إنشاء ملاذات أمنة للسوريين داخل الأراضي السورية و إستعداده بحمايتهم عن طريق إدخال وحدات من الجيش التركي داخل الأراضي السورية فهي عملية غير معقدة لمن يعرف سياسة أردوغان . فالجنود الذين سيحمون الفارين من تحت القصف مدافع الأسد هم في الحقيقة لم يقدموا إلى سوريا بالأسباب التي أشرنا إليها آنفاً لاء بل إنهم هناك في سوريا كي يمنعوا الكورد من إقامة دولة خاصة بالكورد أو إقامة حكم ذاتي , أو حتى الفدرالية . كما إن أردوغان يريد إعادة هيبة الدولة التركية من حيث اللعب في أوراق شرق أوسطية و كي تطمئن على مصالحها الشخصية فأنها تدعم جماعة الإخوان المسلمين و بذالك تضمن بأنها مسيطرة على الشؤون في الداخل السوري , فهذا هو أردوغان و هذه هي حجم و نوع المساعدات الذي سيقدمها للسوريين في المؤتمر و بعد سقوط الأسد و كأنه يشير لنا هذا هو حالكم أيها السوريون في ظل الأسد الإهانة و عدم الشعور بإنسانيتكم أو إما انا لكم بالمرصاد بعد السقوط .
tedroskobani12@hotmail.com