12|04|2011 صوت الكورد .
الشرق الأوسط..القاهرة: هيثم التابعي في عام 1925 رفض أبناء الشام بشكل قاطع الانتداب الفرنسي وما فعله من تقسيم طائفي في سورية، حيث تقطعت البلاد إلى دويلات طائفية، فرفع سلطان باشا الأطرش قائد الثورة السورية حينذاك شعاره الشهير «الدين لله والوطن للجميع»، وكان هذا الشعار صفعة في وجه هذا التقسيم الطائفي لسورية وعلى دربه تسير ابنته منتهى الأطرش، التي ترى أن النظام السوري سوف يسقط عاجلا أو آجلا، لأنه لا يزال يحكم بنفس الفكر القديم الذي عفا عليه الزمن، مطالبة الرئيس السوري بشار الأسد بالاستماع للشباب والتنحي والعودة إلى صفوف الجماهير، قائلة «الدم السوري الغالي قد لوث ثوبه».
ونفت منتهى الأطرش، خريجة كلية الآداب جامعة القاهرة عام 1967 والصحافية صاحبة القلم الجريء والمتحدثة الرسمية باسم المنظمة السورية لحقوق الإنسان (سواسية)، في حوارها لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من دمشق، وجود أي مؤامرة ضد سورية، مؤكدة أن السلطات السورية هي التي تستخدم العنف المفرط ضد الشعب السوري.
* كيف يمكنك تفسير المشهد السياسي في سورية الآن؟
البعض متفائل بوجود إصلاحات حقيقية سيقوم بها النظام السوري، ولكنني غير متفائلة بالمرة، فالرئيس بشار يعالج وضعا سياسيا دقيقا ومعقدا بطريقة طائفية، هو يلعب بالنار لأن اللعب على الطائفية في سورية سيجعل الأمور تخرج عن السيطرة وقد ينقلب السحر على الساحر.
* إذن، هل تخشين من عراق جديد في سورية؟
في سورية كلنا إخوة، لا فرق بين درزي وسني وعلوي وكردي، كلنا سوريون، كلنا نعيش في أحياء واحدة، جولة في دمشق وريفها وكل المدن السورية تؤكد ذلك، ولكن ما يحدث الآن مختلف تماما، فالنظام السوري يستخدم نظرية «فرق تسد»، فيخيف العلويين من مستقبلهم إذا ما سيطر السنة على الحكم، ويعرض 15 ألف ليرة على شباب العلويين لحمل السلاح ضد السنة في دوما (ريف دمشق)، ليصور الوضع بأنه فتنة طائفية، لكن تلك النظرة الضيقة للأزمة ستغرق البلد.
* النظام السوري يردد أن هناك أيادي خارجية وراء ما تشهده سورية.
أنا أنفي ذلك تماما، الأيادي الخارجية غير موجودة بالمرة، هي ثورة شعب جائع للديمقراطية والحريات، شعب يعيش في مرحلة تاريخية تعدتها كل شعوب العالم من عشرات السنين، ولا توجد مؤامرة، المؤامرة تحاك ضد الشعب السوري، في بانياس ألقى الأهالي القبض على أربعة من «الشبيحة» و«الزعران» (البلطجية) اعترفوا للأهالي بأنهم مأجورون لقتل المتظاهرين.
* هل هناك أياد إيرانية تتحرك من وراء الكواليس في دمشق؟
لا يمكنني أن أحكي عما لا أعرفه، ما وراء الكواليس لا يزال مجهولا بالنسبة إلي، ولكن إيران تؤيد النظام السوري بقوة وترتبط معه بمصالح استراتيجية قوية.
* هل تخشين من تكرار سيناريو حماة مرة أخرى؟
ما يحدث في دوما ودرعا يماثل ما حدث في حماة، قوات الأمن التي من المفترض أن تحمي الشعب والمتظاهرين السلميين توجه الرصاص لصدورهم ورؤوسهم، في دوما يعتقلون المصابين من المستشفيات ويقتلون الجرحى في الشوارع بدم بارد، إسرائيل نفسها لا تفعل ذلك فينا، فلماذا كل هذا الدم؟!
* في رأيك، لماذا ثار السوريون في هذا الوقت؟
40 سنة من الظلم، 40 سنة من القهر، 40 سنة من البطش، 40 سنة من الخوف، 40 سنة من نزيف الوطن وقمع الحريات. أؤكد لكم أن الثورة اندلعت في تونس وستعم الوطن العربي كله، الشعوب العربية لها ثقافة واحدة ونحن أبناء وطن عربي واحد نثور معا ونهدأ معا.
* كيف يمكنك أن تصفي النظام السوري؟
ببساطة النظام السوري من مخلفات النظام السوفياتي، أكل عليه الزمن وشرب، عصر الفرد الواحد والحزب الواحد أصبح جزءا من التاريخ، أنا مندهشة كيف أن بشار الأسد طبيب وغير قادر على مواكبة التطور الرهيب الذي يحدث في محيطنا. هم لا يزالون يستخدمون «الشبيحة» رغم أنه كارت محروق والعالم كله يعرف ذلك، ولكن تكتيكات بيت الأسد ومخلوف وشلش لا تتطور.
* في ظل الأحداث في سورية.. ماذا تقولين للرئيس بشار الأسد؟
أنا قلت له من قبل في حديث أم أو أخت كبرى لابنها، إن الشباب لهم مطالب، أعط لهم أذنك واستمع لهم، تحاور معهم. ولكني الآن ومع كل ذلك الدم المراق لا يسعني إلا أن أقول له تنح يا دكتور بشار أفضل لك ولسورية، احقن دماء شعبك الذي لوث ثوبك، وتنازل عن السلطة الآن مرفوع الرأس، أنت طبيب أسنان يمكنك أن تعيد فتح عيادتك وتعمل طبيبا. وأذكره كيف أن أبي سلطان الأطرش، كقائد للثورة السورية الكبرى لم يبحث عن كرسي، رغم أنه عرض عليه مناصب عليا، ولكنه كان يفضل دائما أن يكون من الشعب ولم يرد إلا مصلحة البلاد.
* في رأيك.. هل اقترب نظام بشار من السقوط؟
المنطق يقول إن تلك الأنظمة العفنة لا بد أن تسقط وترحل، أنظمة فردية شمولية لا تواكب العصر مطلقا، أرى أن كل شيء وارد، هو لا يزال يحكم بنفس الطريقة التي حكم بها أبوه، بنفس الفكر القديم، الذي عفا عليه الزمن، وسيسقط عاجلا أو آجلا.
سلطان باشا الأطرش مع شخصيات سورية بينها من اليمين صبري العسلي وفارس الخوري وإلى يسار القوتلي الرئيس ناظم القدسي
كلما طالبنا بالحرية والديمقراطية قالوا لنا إننا دولة مواجهة، وإن مواجهتنا مع إسرائيل أهم من القضايا الداخلية الضيقة، هم يتحججون بالمواجهة مع إسرائيل، والآن يقولون إن النظام السوري قومي ولم ينحن للغرب. ونحن أيضا لن ننحني للغرب ولن نقبل الأيادي لننال رضا أحد، سورية العزة والكرامة لا تنحني مهما تغيرت أسماء حكامها.
* هل يدور في رأسك أسماء بعينها قادرة على قيادة سورية للمستقبل؟
سورية كلها كفاءات، على سبيل الذكر لا الحصر، هناك الدكتور عارف دليلة وهو اقتصادي بارز ولديه رؤية محددة، كذا الدكتور هيثم المالح المعارض السوري المعروف، وأيضا هناك سوريون بالخارج مثل الدكتور برهام غليون أستاذ علم الاجتماع السياسي، وكلها أسماء لها ثقل سياسي وعلمي وشعبي في الشارع السوري. وهناك العديد غير تلك الأسماء من القادرين على حكم سورية بعزة وكرامة، فحكم سورية ليس حكرا على أسرة الأسد.
* وسط كل ذلك التوتر، هل يمكنك أن تقدمي حلا وسطا للأزمة؟
الحقيقة أن دماء الشهداء تشوش تفكيري، ولكن سنترك له مهلة حتى 25 أبريل (نيسان) الحالي، وهو الموعد الذي طرحه لتقديم حزمة إصلاحات.. بعدها نرى ما الذي سيحدث.
* في رأيك.. أي نوع من الإصلاحات ترضي السوريين؟
عقد مؤتمر وطني للاستماع للآراء المختلفة ورؤى المفكرين والمثقفين لسورية في المستقبل، ورفع يد الأمن عن الحياة الطبيعية في سورية، والتوقف عن إراقة الدماء.