الكاتب.. هوشنك أوسي
إن أتى المدح لشخص من نظام فاسد، فهذا يعني أن هذا المرء فارق ضميره، وبات مشتبهاً به. وفقدان الضمير، هو فقدان القيم والأخلاق. ومع انعدام القيم والأخلاق في المرء، لا يشفع له الماضي الجيّد للراهن السيّئ والرديء والمشبوه. والمرء براهنه، لا بماضيه. قد يكون المرء، بعثيّاً، أو موالياً له، لكنّ، مواقفه الأخيرة، والمناهضة لفساد واستبداد البعث، تشفع له للخلاص من الماضي. ولنا في حالة المفكّر السوري الطيّب تيزيني خير مثالاً. ذلك ان تيزيتي كان يقول دوما عن النظام السوري بأنه "نظام وطني"، ويدافع عنه باستمرار، ويتحاشى نقده بجهرٍ وحدّة. والآن، وفي سنّه هذه، يشارك في الحراك المعارض، وفي الاعتصامات، ويتعرّض للاعتقال. وكذا حال البرلمانيين السابقين؛ مأمون الحمصي ورياض سيف...، وآخرون، ممن كانوا في صفّ النظام، ثم انشّقوا عنه.
البعض من المفلسين، وباعة الكلام، والمتاجرين بالقضيّة الكرديّة، ممن كان لهم ماضي وطني وقومي مشرّف، وكانت تربطهم علاقات وخدمات وطنيّة مع أنبل وأشرف ثورة كردستانيّة معاصرة، لا يخجلون الآن من دماء ذويهم، التي سالت على ذرى كردستان الشماليّة، ومنذ ما يزيد على عقدٍ من الزمن، يستميتون، ساعياً وراء كسب رضى الأمن السوري، إلى أن حظوا بالعمل لديه كمستشارين للشؤون الاعلاميّة والسياسيّة، برتبة نعال وقنادر!. أولئك الباعة، لا يحتاج النظام إلى ارتدائهم كـ"قندرة"، إلا في مواسم القلق والحذر والترقّب والأزمة، والخشية من الغليان الكردي. وسبق أن تمّ استخدامهم في انتفاضة الثاني عشر من آذار، على منابر إعلاميّة، سورية وعربيّة، تحت إشراف ورقابة استخبارتيّة، للنيل من الحدث الكردي الآذاري، ومحاولة تشوييه. بعد مرور الحدث الانتفاضي الآذاري الكردي السوري، أعادهم النظام السوري مرّى أخرى خزانة القنادر والمسلاّت، حتّى يحين موسم الخوف والخشية من الاندلاع الكردي لدى النظام السوري. وها قد حان الموسم، وها هو النظام يرتدي قندرته مجدداً. ومن شديد الأسف والمرارة، إن أحد هذه المخلوقات البائسة والمفلسة، تربطني به صلة قُربى . وأعلنها، أنني منها براء، ما دام قد اختار لنفسه هذا الدرك الأسفل من مولاة النظام الفاسد والمستبدّ، الذي دمّر البلاد، وأهلك العباد، بالظلم والقهر والجور والفساد والاستبداد.
وربما أن النظام السوري بلغ به البؤس والحضيض بمكان إلى أن صار يلجأ إلى "مسلاّت" صدئة، و"قنادر" مهترئة وبالية ومفضوحة. ذلك أن النظام، أكثر ما يرعبوه أن يصل الكرد والعرب والسريان والعلويين والسنّة والدروز...، إلى التفاهم والانسجام على صيغ معارضة مشتركة، مناهضة للفساد والاستبداد. ذلك، نراه يستخدم "مسلّة" كرديّة، للنيل من أيّ تقارب كردي _ عربي معارض، مهما كانت مستواه ضعيفاً، داخل أو خارج الوطن السوري. والحقّ، أن هذه "المسلّة" فقدت صلاحتيها، بفعل الافتضاح والتكرار والاهتراء والتقادم.
قصارى الكلام: من يدير ظهره لشعبه وقضايا، يدير الشعب ظهره له. من يسعى التملّق والتزلّف من النظام الفاسد والمستبدّ من دمشق، هذا يعني أنه بالارتزاق شيء، وتبنّى قضايا الشعب الكردي في سورية شيء!. السمكة تُفسد من رأسها. ولا يستقيم القول: إن النظام فاسد ومستبدّ، لكن رأسه صالح وعادل وحنون، ولا يتحمّل وحشيّة ونهب وفساد نظامه!. النظام الذي يقمع شعوب سورية، ولا يعترف بالهويّة القوميّة الكرديّة في الدستور، ويضمن حقوق هذا الشعب في الدستور، لا يمكن أن يُقال عنه أنه نظام وطني. النظام المشتبه به في جرائم ومجازر العراق وليبيا ولبنان، ليس غريباً عنه أن يسحق شعبه. النظام الاستبدادي والفاسد، من طينة النظام السوري، لن تنفع في ترقيعه والتسويق له ثرثرات وتخرّصات "المسلّة" التي أطلّت علينا مجدداً، من جريدة رامي مخلوف!. سورية، آجلاً أم عاجلاً، ستجد طريقها للحريّة والعدالة والديمقراطيّة، وأولئك القنادر والمسلاُت، سيكون مثواها، مزابل التاريخ، بمعيّة النظام السوري.
كاتب كردي سوري