عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء
مصنف ضمن:

هل اصبح محمود درويش عقبة في طريق تطور الشعر في بلادنا؟


للكاتب العربي المصري رجاء النقاش، الراحل قبل فترة، مقالة لافتة يتضمن عنوانها سؤالا دالا هو: هل اصبح نجيب محفوظ عقبة في طريق تطور الرواية العربية؟
في هذه المقالة، على ما اتذكر،
تحدث النقاش عن العطاء الثري لصاحب نوبل العربي الوحيد، بدون حق، حتى الان، بعد حديثه هذا يعرج، تاشيرا وتلميحا، على ذكر كتابات روائية عربية، باتت معروفة مشهورة الى حد ما، ويخلص الى نتيجة مفادها ان هذه الروايات انما تحذو حذو محفوظ في رواياته، ولا تضيف اليها جديدا، علما انه على من يريد ان يكون من الكتاب حقا، لا كلاما فحسب، ان ياتي بجديد، وهذا الجديد هو نفسه الخاص به، والا الافضل له ان يصمت وان يخلد الى ذاكرة النسيان ريثما يحين الوقت فيتمكن من تقديم جديده.
في الفترة الاخيرة تذكرت هذه المقالة اكثر من مرة، تذكرتها وانا استمع الى كلام خطابي من على منصة ما، اراد له صاحبه ان يكون كلاما غير عادي، وتذكرتها وانا استمع الى شاعر شاب اعزه واحترمه وهو يتلو اشعاره في امسية خاصة، كما تذكرتها وانا استمع الى شاعر من الضفة الغربية المحتلة وهو يتلو بعضا من اشعاره في الناصرة، ذلك ان بصمات درويش على ما قدمه هؤلاء كانت واضحة حتى انها اخفت ما قدموه وراءها، فباتت هي الصدى وبقي صوت درويش هو الاصل.
في كل من هذه المرات كنت اتذكر مقالة النقاش، فاضع اسم محمود درويش، بدلا لاسم نجيب محفوظ، متسائلا: هل اصبح محمود درويش عقبة في طريق تطور الشعر العربي في بلادنا؟ هل اصبح هذا الشاعر، في شعره ونثره ايضا، يشكل عقبة كأداء امام كل من يريد اعتلاء منصة للتحدث؟ هل تمنكت طريقته في الكتابة ونبرته من الهيمنة على من يريدون ان يكونوا مبدعين في بلادنا، فجن جنونهم حتى انهم باتوا يعتقدون انه هو الابداع؟ جاهلين او متجاهلين ان عالم الابداع اكبر من اي شاعر ومبدع مهما علا شانه وارتفع صيته؟ ما الذي حدث لهؤلاء ولالئك من الاخوة؟ هل بهرهم ذاك الإهتمام بدرويش بعد رحيله حتى فقدوا جادة الصواب، فراحوا حينما يفكرون في الكتابة، نثرا او شعرا، لا يفكرون الا فيه وكأنما هو مالكٌ لاسرار الكلام دون سواه، ثم الا يعرف هؤلاء ان درويش ذاته كان معجبا بشعراء اخرين منهم المكسيكي اوكتاف باث مثلا؟
مهلا ايها المعجبون. الاعجاب امرٌ، والتقديس أمر آخر، ما تقومون به هو نوع من التقديس لن يتمخض عنه اي ابداع وسوف يكون في افضل حالاته، اكواما من الكلام تضاف الى اخرى سابقة، اهملها التاريخ ولم يولها اي اهتمام، لما حفلت به من زيف وبعد عن الاصالة، كونها غير نابعة من القلب، وكون اصحابها تنفسوا من رئات سواهم.
الابداع ايها الاحباء اكبر من اي شخص، مهما بلغ شانه، هي اكبر من هوميروس، شكسبير ودانتي، وهو اكبر من المتنبي وابو العلاء المعري واحمد شوقي. انه مساحة خاصة باصحابها اذا ما وصلوا اليها، كما حصل مع هؤلاء المذكورين، كتب لهم البقاء، حتى لو لم يستمع اليهم احد حاليا. انه نشيدنا الداخلي نتمكن منه فيكون لنا وللعالم، اما محمود درويش فانه لم يفعل سوى ما فعله الكثيرون وهو الجري وراء هذا النشيد الخاص به.

جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان