عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

أن تكون طبلاً في كردستان العراق!.


الكاتب ..هوشنك أوسي 
قباحة الأفعال، لا تغطيّها نداوة الأقوال. والإهانة التي تعرّض لها كرد العراق، من حكومة الإقليم، يجب ألأّ يتوقّع الكرديّ السوري أو التركي أو الإيراني، أن يحظى بمكرمة واحترام وتقدير، ما لم يكن طبلاً في كردستان العراق. ذلك أن من يقمع الكردي العراقي، كيف له أن يمنح هامش الحريّة في التعبير عن الهويّة والألم لكرديّ سوري أو تركي أو إيراني، إذا خالف هذا التعبير مصالح قيادة الإقليم؟!. ولعلّ مكر القباحة والخسّة، لدى قيادة كردستان العراق، ليس في أن تمنع المجلس السياسي الكردي في سورية، من الاحتفاء بدماء شهداء انتفاضة الثاني عشر من آذار في كردستان الجنوب غربيّة، بل في فظاعة ووقاحة صمت الساسة الكرد وأحزابهم ومثقفيهم على هذا التعاطي البشع وارتضائهم لهذا الإذلال!. هنا مكمن وخامة البؤس والعجز والتلف، والجعجعة، التي تعتري الفعل والخطاب والذهنيّة السياسيّة، القبليّة، المستبدّة بكرد سورية!. هذا البؤس الذي أشرت إليه مراراً، في مقالاتي السابقة، حين كنت في الوطن، سنة 2008، بعد مقتل الشباب الكرد الثلاث، في قلب مدينة قامشلو!.
يوم بعد آخر، تذيق قيادة كردستان العراق، كرد سورية كأس الذلّ والمهانة والاستهتار والاستحقار...، ولكن، بعض الظرفاء من الكتبة، وشيع الزواريب السياسيّة الكرديّة السوريّة، لا يألون جهداً عن قول: وهل من مزيد!.
اعتقد أن هذه المقولة للينين: "في كل مجتمع حثالة. وللمثقفين أيضاً حثالة". وهذه الأخيرة، حال نزولها في كردستان العراق، تبدأ قيادات الإقليم، بصرف معاش تقاعدي لها، ويتمّ توظيفها رتبة طبول!. وحين سئل أحد قيادات الديمقراطي الكردستاني عن سبب توظيف أحد "عتاة" الفساد في الحركة الحزبيّة الكرديّة السوريّة، وإهداءه فيللا، وفزر الخدم والحشم له...!. فردّ القيادي: "كلب ينبح أمام دارنا، أفضل من كلب ينبح علينا". هكذا ينظرون إلى مثقفي كردستان سورية!. صديق آخر، يعمل في إحدى قنوات التلفزة الكرديّة العراقيّة، وهو كردي سوري، قالها بالحرف الواحد: "نحن مجرّد فلاحين نعمل في إقطاع". لم يصدمني هذا الوصف، بقدر ما صدمني القبول، تحت ضغط الظروف القاسيّة للكرد السوريين التي تستغلّها احزاب كردستان العراق. وأردف الزميل الاعلامي: "يشتروننا بثمن بخس. أغلا واحد فينا، ثمنه 1500 دولار". قالها بمرارة وأسف وتهكّم وازدراء داخلي!.
شباب أكراد سوريون وعراقيون، اعلنوا عن أنفسهم تحت عنوان: "مبادرة مساندة غربي كردستان"، وحاولوا القيام بسلسلة من النشاطات بمناسبة الذكرى السابعة لانتفاضة الثاني عشر من آذار في كردستان العراق. فماذا كان جواب حكومة الإقليم؟. منعت هذا النشاط، ليس لكونه خطر على أمن وسلامة وازدهار ورقيّ الإقليم الكردستاني، بل لكونه إذعان لمطلب سوري، لا غير!. وترجيح كفّة المصالح على الكردايتي!. والسؤال: من يرضى بهكذا مواقف مخزية ووقحة؟!. ثم يأتيك أحدهم ليقول: "بارزاني الأبن هو سرّ أبيه"!. هذه العبارة، قالها مصطفى طلاس في بشّار الأسد أيضاً. وبالفعل، هذا الكلام مصيب، لجهة التوكيد على القول الكردي المأثور: "rêya xwar ji gayê pîre" (الخط الأعوج من الثور الشائخ). ويضرب هذا المثل للدلالة على سوء المنشأ.
مناسبة هذا الكلام، هو أنه، لو لم يُفرض الملا مصطفى بازراني رجل أمّي على معشر من المتعلّمين والمثقفين من قيادات الحزب الكردي السوري، (مع كامل احترامي للجانب القومي والوطني لهذا الرجل الراحل)، لما وجدنا حالة الاستهتار بالمعاناة الكرديّة السوريّة ودماء شهدائها، من قبل حكومة الإقليم الكردي العراقي!. بمعنى، الموقف الذي صدر في يوم الثاني عشر من آذار من حكومة الإقليم، حيال أحزاب كرديّة، وشباب كرد سوريين، يريدون تعريف شقيقهم الكردي العراقي بحجم مظالم المواطن الكردي السوري، هذا الموقف لا يمكن أن تجد له أيّ تفسير، إلا بعد العودة لثلانين سنة خلت، في مؤتمر ناوبردان!. تلك المقدّمة، أدّت لهذه النتيجة!. ولعلّ أبسط ما يمكن قوله في تعاطي حكومة إقليم كردستان العراق مع آلام ومظالم الكرد السوريين، بأنه يحيلنا الى نتيجتين مأساويتين:
اشتراك حكومة إقليم كردستان العراق، في نحر شهداء انتفاضة الثاني عشر من آذار، في ذكراها السابعة.
قبل سبع سنوات، كان على جمهور فريق الجهاد، بلع شتائم بلطجيّة وجنجويد البعث الأسدي، التي كالوها لقيادات كردستان العراق، في 12 آذار 2004!. ولما جرى ما جرى!.
بالعودة الى الطبول المثقوبة، من ماركة محازبي الدكاكين السياسيّة الكرديّة السوريّة، والتساؤل: كيف لهم أن يبرروا هذا الموقف الشنيع والقبيح الذي أبدته قيادة الإقليم الكردستاني!؟. ولا غرابة أن يطالعنا بعض الظرفاء، ووفق نغمة الإعلام السوري، ويبدأ بسرد الازدهار والعمار والنهضة في كردستان العراق...، ولا ينسى اقحام الزعيم الكردي الأسير عبدالله أوجالان في الأمر، وكيل الشتائم له!؟.
في مقالي "زعيمنا المفدّى... زعيما الخالد"، والذي نشره موقف إيلاف، لاقى المقال نسبة معقولة من القراءة والمتابعة، واستفزّ الجهل والنفاق في بعض المحازبين الكرديين السوريين الظرفاء. لدرجة أن أحدهم، أتى بمقالٍ سخيفٍ له، وألصقه كتعليق!. وفي هذا الموقف، أهان الحزبي الظريف مقاله ونفسه، قبل بدأه حفلة الشتائم تلك!. وعاضده آخرون من نفس الطينة النتنة إيّاها!. لكن عدد التعليقات، وصلت لنحو 70 تعليق!. وهذا مؤشّر على نسبة معقولة من القراءة. وما لفت انتباهي، أن أحدهم، وفي مسعى ردّ النقد عن الزعيم الكردي، الملا مصطفى بارزاني، أتانا بقصيدة محمد مهدي الجواهري. دون أن يشير إلى أن الجواهري، كتب معلّقات في مدح الدكتاتور حافظ الأسد!. وأتى آخر بثياب مسعود بارزاني الكرديّة وجمدانته للدلالة على عمقه الفكري وتراكمه المعرفي ودهائه السياسي وعراقته الكردواريّة!. هذا هو سقف الحجّة والقرينة "الفكريّة" لدى هذا النفر من المحازبين الكرديين السوريين!.
حاصل القول: شعرت بشديد الإهانة والاحتقار، حين عرقلت حكومة الإقليم نشاط شبانبا الكرد السوريين، الذين أرداوا تنوير الرأي العام الكردي العراقي، بما يعانيه الكردي السوري. والموقف الشريف والوطني والقومي الذي يجب على الأحزاب الكرديّة أن تبديه كردّة فعل طبيعيّة، هو إغلاق مكاتبها في كردستان العراق، وإصدار بيانات شدبدة اللهجة ضدّ بؤس وإذعان حكومة الإقليم للإملاءات السوريّة!. وعلى كل المثقفين الكرد السوريين، تقديم استقالاتهم للمؤسسات الاعلاميّة الحزبيّة التي يعملون فيها، تنديداً وشجباً للموقف المخزي والمؤلم الذي أبدته حكومة الإقليم حيال مناسبة عزيزة على قلوب الشعب الكردي السوري!. وإلاّ، فخلاف ذلك، هو الارتضاء في مزاولة مهنة الطبل والطبّال في آن!.
كاتب كردي سوري

جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان