عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

هوشنك أوسي : حسن صالح وعيسى حسّو

 

16|12|2010 بروكسل

لا تستمدّ قضايا الشعوب جدارتها وأحقّيّتها وعدالتها من عمقها وأبعادها التاريخيّة والجغرافيّة والسياسيّة والثقافيّة والقانونيّة وحسب، بل من جسارة وعزم وإصرار وإرادة وإيمان مناضيلها أيضاً. وبعض الأشخاص، في فترة ما، يصبحون رموزاً لقضايا شعبهم، نتيجة النضال الذي خاضوه دفاعاً عن هذه القضايا. والنضال، قبل أن يكون وعياً، هو إرادة وعناد ناضج وقويم. ولئن مناضلينا السوريون، كرداً وعرباً، في سجون نظام بشّار الآسد، وآل بيت عمومته وخؤلته، هم الآن يلقّنون جلاّديهم دروساً في الوطنيّة والتوق للحريّة والديمقراطيّة ودولة المواطنة والحريّات والعدالة والمساواة، وجدت أنّه لزامٌ عليَّ أن تكون الأسطر الأولى التي أخطّها، بعد وصولي للعاصمة البلجيكيّة بروكسل، مهداة إلى مناضلَين كرديَين سوريَين، يقبعان في زنازين البعث وطغمته الفاسدة الحاكمة. وفي شخص هذين المناضلين، أن تكون هذه الأسطر، مهداة إلى كل المناضلين السوريين، الذين أخذ النظام السوري من أعمارهم، وزجّ بهم في غياهب سجونه الرهيبة، وأبعدهم عن أهلهم وذويهم ورفاقهم قسراً وظلماً. هذان المناضلان هما: حسن صالح وعيسى حسّو.
نقاط وأمور عدّة، تجمع هذين المناضلين، مع وجود التباين السياسي والايديولوجي بينهما. كلاهما، معروف عنه طيبة القلب، مع الالتزام الشديد بالمبادئ والطروحات التي ينادي بها ويدافع عنها. كلاهما من الذين نالت السجون من عمرهم، ولم تنل من إرادتهم وكبريائهم الوطني والقومي والسياسي. كلاهما من المُصنّفين كـ"متطرّفين"على لائحة النظام السوري، والبعض ممن يعتبرون أنفسهم معارضي هذا النظام، ومنهم بعض أحزابنا الكرديّة، مع شديد الأسف.
حسن صالح، لم ألتقِ به إلاّ مرّة واحدة. وكان لقاءاً عابراً، بدى فيه صالح منفعلاً، ملقياً كلاماً، كيفما اتفق، على كاتب هذه الأسطر. وبدى لي، طيّب القلب، رغم انفعاله. وليس له في قلبي ووجداني إلاّ التقدير والاحترام. كان ذلك، في قاعة القضاء العسكري بدمشق، على خلفيّة مشادّة كلاميّة بيني وبين السيّد فؤاد عليكو. وأعتقد أن صالح، كان ولا زال، عرضة لاستثمار واستنزاف، من قبل بعض قيادات حزبه، هو أدرى منّي بهم. ومعلوم أن طيبة القلب والنوايا الحسنة، لا تنفع في العمل السياسي، وغالباً ما تكون وبالاً على صاحبها. بخاصّة إذا كان محاطاً بمعشر من عتاة التحايل والمخاتلة والضليعون في فقه التجيير والتحوير.
عيسى حسّو، لم ألتقِ به أبداً. وجرت بيننا بعض المكالمات الهاتفيّة، أثنى فيها على ما أكتب، ذاكراً أنه يتابع مقالاتي. أحد الأصدقاء قال لي مرّة: كلما خرج عيسى حسّو من السجن أو الاعتقال أو التوقيف، يتّجه نحو قبر ابنه الشهيد، "فرهاد" (فقد حياته على قمم جبال كردستان)، كي يجدد وعده لابنه، على أنه لا زال مصرّاً على مواصلة ما بدأه من نضال، حتّى تتحقق أهداف وطموحات شعبه السوري في الحريّة والديمقراطيّة والعدالة والمساواة. ما يحزّ في النفس ويبعث فيها الألم والأسى، أن حسن صالح وعيسى حسّو، لن يستطيعا قراءة هذه الكلمات والاطلاع على هذه الآراء المتواضعة. وكلّي أملٌ أن يصل صداها لهما.
من المؤلم والمخزي جدّاً، أننا، الأحرار، خارج السجون، والفارّين من بطش الاعتقال، والمتناثرين في المهاجر وبلاد الغربة، لم نستطع أن نقوم بأيّ شيء يُذكر، على صعيد تدويل قضايا عيسى حسّو وحسن صالح ومشعل التمّو، وكل رفاقهم من السجناء السياسيين، عرباً وكرداً، حتّى الآن، في مسعى خلق حالة ضغط دبلوماسي على النظام السوري!. ويبقى القول: إن هؤلاء المناضلون، هم أكثر شجاعة، وأكثر نبلاً، وأكثر وطنيّة، وأكثر كرديّةً، وأكثر سوريّة، وأكثر حريّةً...، منّاً جميعاً، نحن المتواجدون خارج السجون الصغيرة، وخارج السجن الكبير، الذي صار يسمّى سورية الأسد.



16/12/2010

بروكسل

جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان