محمد رشو :
لست صفوت الزيات ولا أمين حطيط، ولكن باعتقادي المنطقة التي " ستحرر" تالياً هي ديرك وليست القامشلي كما يعتقد البعض.
فإذا راجعنا المعارك السابقة لقوات YPG نرى أنها أول ما بدأت كانت في عفرين و بالفعل استطاعوا السيطرة على المنطقة بمساعدة صمت باقي الأطراف، ثم قاموا بمحاولة فرض السلطة على الأطياف السياسية في منطقة كوباني
عبر اقتحام مكاتب الأحزاب بحجج واهية والتي تكللت بالنجاح ماعدا مقر الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا (البارتي) الذي استطاع الدفاع عن نفسه بشجاعة بعض الشباب المسلح بمبادرة ذاتية.
ثم كانت معركة سري كانيه التي انتهت باتفاقية مشبوهة أعطت الشرعية للإرهابي و جعلت منه جيشاً حراً، حتى أنها أعطته الشرعية لتحرير باقي المناطق غير المحررة بالتعاون و التنسيق مع قوات الحماية الشعبية، وايضا وسط صمت و ترقب من الوسط السياسي الكوردي.
اذا تابعنا الخريطة الجغرافية لغربي كوردستان نرى أن حزب الاتحاد الديمقراطي بدأ بعملياته العسكرية انطلاقا من غربي-غربي كوردستان كونها الجهة الأبعد عن اقليم كوردستان الذي يحسب له الحزب حسابات كبيرة، وكان تقدم قوات الـ YPG دائما باتجاه الشرق إلى أن وصلوا إلى سري كانية، و عندها تغيّرت استراتيجيتهم، فمن بديهيات التخطيط الاستراتيجي عند مقاتلة عدو ما هو أن تقطع خطوط الإمداد عنه، بالتالي دخول القامشلي الآن دون قطع خطوط الامداد من الاقليم يعتبر خطأً استراتيجيا، وهو ما تنبّهت له قيادات حزب الاتحاد الديمقراطي، فعمدت إلى تغيير خطة التوجه شرقاً و بدأت "بتحرير" مناطق محاذية للحدود العراقية بالتعاون و التنسيق مع جبهة النصرة، فتل كوجر و جل آغا و كركي لكي وحتى تربى سبي أصبحوا تحت الادارة المباشرة لقوات حماية الشعب و جبهة النصرة وذلك بعد عملية استلام و تسليم فاضحة، وبذلك يكونوا قد أغلقوا غربي القامشلي باستثناء ديرك، أما شمالها فهو مغلق من قبل الحكومة التركية وجنوبها تكثر فيه قوات الجيش الحر و جبهة النصرة، و شرقها مصدر خطر مباشر لوجود مركّز لقوات حماية الشعب الذي قاموا مؤخرا "بتحرير" سري كانيه.
اغلاق جزء كبير من الحدود المشتركة مع الاقليم قد تم ولم يبق إلا ديرك ذات الأهمية الاستراتيجية الكبرى كونها تعتبر خط أساسي لإيصال المساعدات و الدعم السياسي وربما اللوجستي العسكري لاحقاً من اقليم كوردستان العراق، و في احتلال "تحرير" ديرك سيكون حزب الاتحاد الديمقراطي قد ألحق أكبر هزيمة سياسية للأحزاب البرزانية السورية بالإضافة إلى توسيع مناطق نفوذه وتضييق الخناق على قامشلو.
ولعل ما يمهد الطريق لهم في اتمام مخططهم هو بعض التصاريح التي تهددهم من دخول القامشلي، الامر الذي قد تفهمه قوات حماية الشعب بأن باقي المناطق مباحة لهم.
معركة قامشلو ستكون آخر معارك حزب الاتحاد الديمقراطي قبل اعلان سيطرته التامة على غربي كوردستان. على سياسيونا ان يفهموا هذا الخطر المحدق بغربي كوردستان و بالقضية الكوردية عامة، وأعتقد أنه آن الأوان للكشف عن القوة العسكرية (إن وجدت) فالوضع لم يعد يحتمل الدبلوماسية السياسية التي تثبت يوماً بعد يوم عقمها في تحقيق أي مكتسب للقضية.