سليمان حسن :
بعد هرولته المسرعة تجاه ايجاد منفذ يحقق ادنى شروط نجاح مهمته, تخبط السيد الابراهيمي عند اول درجة نزول الى مستنقع النظام , الذي سبقه فيه اسلافه كل من الدابي وعنان, والذين قضوا نحبهم فيه من ما شاهدوا من
فظاعات هذا النظام تجاه شعبه المسالم , والذي حاول الدابي ترقيعه بعدة جهات خدمة لنظام الاسد ,و لكن دون جدوى.
واليوم يحاول الابراهيمي جاهدا بعد زيارات كثيرة للعديد من العواصم العربية والدولية , ايقاف نزيف الدم السوري , الذي استبشر خيرا فيه , من خلال مبادرته التي طرحها في عيد الاضحى المبارك , و التي فشلت فشلا ذريعا في ساعاتها الاولى , كون النظام الذي اضطر على الموافقة , يدرك جيدا ما هية ايقاف قصفه على المدن السورية , وكبح جناح شبيحته , الامر الذي سيؤثر ايجابيا على الحراك الثوري السلمي ,ولعل الاخير/ النظام السوري / قد ادرك جيدا تداعيات هذه المبادرة ومدى تأثيرها على حراك الشارع , فبادر فورا الى خرق هذه المبادرة في ساعاتها الاولى وتلتها خروقات لا تعد ولا تحصى, الامر الذي لم يترك امام الابراهيمي سوى التأسف والتعبير عن قلقه تجاه منحى سير الازمة في سوريا , في كل من الصين و روسيا.
ولم تتحرك الدول الغربية او العربية للضغط على هذا النظام كي تجبره على الالتزام بهذه المبادرة لانقاذ ما تبقى من السوريين, وهذا يفسر ادراك الجميع بأنه ليست هناك اية خطوات عملية تجاه سوريا , الا بعد الانتخابات الامريكية , ومراقبة ما ستؤول اليه الامور الرئاسية فيها ,وكيف سيؤثر الرئيس المقبل على السياسة الخارجية الامريكية , وكي لا تبقى الاسرة الدولية الكريمة مكتوفة الايدي وصامتة تجاه تلك المجازر الوحشية التي ستبقى وصمة عار على جبينها ,قامت بأيفاد الابراهيمي كبديل للسيد عنان ., كي تظهر للعالم بأننا لا زلنا نعمل على ايجاد منفذ سلمي للازمة السورية ,وانه لا يمكن الوقوف متفرجا تجاه تلك الافعال الهمجية من قبل النظام .
وهكذا استمر المسلسل المكسيكي الدولي في سوريا التي جسد بطولتها الشعب السوري ,الذي لا زال حتة اللحظة صامدا في ساحات النضال , يسطر كل يوم المئات من الملحمات البطولية , و هو يؤمن بأن النصر قريب وان الشعب هو الذي يبقى ويخلد وبأن الانظمة زائلة مهما طال جبروتها .
ان ما يؤلم حقا هو هذا الخزلان الدولي والاسلامي والعربي تجاه هذا الشعب ,الذي كان ذنبه الوحيد بأنه نادى بحريته واستعادة كرامته التي تكفلها المواثيق والقوانين الدولية ,الذي يبدوا بانه حرام عليهم ممارسة هذا الحق في ظل هذه الانظمة التي باتت تنظر الى دول الشرق الاوسط كمختبرات تجارب , لا بشر , لهم كرامتهم وعزتهم , التي دفعوا ثمنها مئات الالاف من الشهداء ومثلهم من المعتقلين والمهجرين ,فبعد هذا الثمن الباهظ ,توفد الاسرة الدولية بمبعوث تلوا الاخر ,كي يتمخض عنها فشلا بعد اخر,واخرها الابراهيمي , الذي قبع في صمته بعد فشل مبادرته الاولى , والتي يبدوا بأنها ستكون الاخيرة, اذا لم تتواجد العوامل الدولية التي تجبر النظام على التعامل الايجابي معها والتي سترغمه عليها في حال وجود خيار عسكري بديل اذا لم يلتزم بها, وليس ذاك الغزل الدولي الذي سيجعل النظام مرغما على القبول بها,فألى ما بعد الانتخابات الامريكية , لن يكون للسوريين سوى الصبر والصلات.
Selemanhasan@hotmail.com
سليمان حسن
بلجيكا
تم النشر في 02,09 05"11|2012