عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

أحمــــد قاســـــم : أفخاخ اللعبة القذرة



أحمــــــــد قاســــــــم : 

بدون أي أدنى شك, أن الكورد هو من أحد أهم مكونات الشعب السوري, كونه يشارك الشعب السوري بمكون بشري وجغرافي أصيل. وأن أي تغيير في سوريا يعني الكورد كما يعني بقية المكونات, وأن الثورة السورية الآن هي ثورة كل الشعب السوري ولجميع مكوناته دون تفريق أو تمييز.

منذ بداية الثورة السورية تحرك الشارع الكوردي بدون تردد لمناصرة الثورة والإلتحاق بها, كونها ثورة الحرية والكرامة, والتي كان الشعب الكوردي وحركته السياسية تناضل من أجل التغيير الديموقراطي في سوريا, وبالتالي الحصول من خلال ذلك على الحقوق القومية للشعب الكوردي وفقاً للمواثيق الدولية. لقد كان الكورد وحركته السياسية الجزء المكون لإعلان دمشق من خلال التحالف الديموقراطي الكوردي والجبهة الكوردية. أي أن, كان الكورد متفهماً حول مشروع وطني وقومي لمستقبل سوريا من خلال قرائته الواقعية والموضوعية لوضع سوريا وموقعها الجيوبولوتيكي المتميز. وبالتالي حاولت الحركة الكوردية التجنب للسياسات الانعزالية طوال خمسين عام من نضالاتها الشاقة والصعبة وسط حالة من القحط السياسي الذي فرض البعث الحاكم على الشعب السوري بكافة مكوناته, بالإضافة إلى تهميش الكورد ووجوده عن الحياة السياسية والثقافية والإقتصادية من خلال إتباع سياسة شوفينية وعنصرية قلت نظيرها في عالمنا المعاصر. حيث كانت مرحلة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي اصعب مرحلة مرت بها الحركة الكوردية في سوريا من خلال تفاهمات أمنية بين الحزب العمال الكوردستاني والأجهزة الأمنية الفاعلة للنظام السوري, من خلال دعم هذه الأجهزة نشاطات ب ك ك بين المجتمع الكوردي في سوريا بالضد من الحركة السياسية الكوردية, وكذلك حربه ضد انشطة الجيش التركي في كوردستان تركيا ليكون ورقة ضغط للنظام السوري يستعملها في اللحظة التي يناسبه في تعاملاته مع الدولة التركية. وجراء تلك العلاقات والسياسات عانت الحركة السياسية الكوردية أمرَين, من جهة حاولت الأجهزة الأمنية تعميق الهوة بين حركتنا السياسية والحزب العمال الكوردستاني, ومن جهة أخرى تجنيد كافة عملائها والبعثيين من الكورد لصالح ب ك ك للعمل ضد الحركة الكوردية في سوريا لشل حركتها وإنهاء نضالاتها. في حينها كانت قرائات الحركة لأسباب الحالة واقعية وتجنبت الإصطدام مع استفزازات ب ك ك المستمرة وحربه الإعلامي الغير مبرر ضد مصلحة الشعب الكوردي في سوريا, وهناك المئات من الأحداث التي تؤكد على أن ب ك ك استوظف من قبل النظام السوري ضد حركتنا السياسية في سوريا. وهذا ما جعل أن تتوسع قاعدة هذا الحزب على حساب قواعد الأحزاب الكوردية العاملة في سوريا وبدعم غير محدود من قبل الأمن السوري. وليكون للبيان, أنني لن أعادي ب ك ك من خلال سرد هذه المعلومات التي هي في متناول اي كوردي سوري, لكن الذي أصبو إليه هي إعادة الذاكرة وربط ما كان بما نحن فيه وماذا سيكون فيما بعد.

كنت أئكد مراراً على أن إقامة توافق بين ب ي د الجناح الكوردي السوري ل ب ك ك والأحزاب الكوردية الأخرى قد يكون مستحيلاً لأسباب بسيطة جداً, في حال الذي نحن فيه, حيث أنه بات من الواضح موقع حزب الإتحاد الديمقراطي ب ي د من الثورة السورية وعلاقاته مع اطراف النزاع على المستويين الداخلي والإقليمي ومحاولاته الجادة لعزل الكورد عن الثورة والمعارضة السورية, في حين تحاول الحركة السياسية الكوردية المتمثلة الآن بأحزاب المجلس الوطني الكوردي أن تكون جزءاً من الحالة الثورية السورية. وهذا يعني أن أي إقتراب بين الطرفين يعني إغتراب أحدهم على حساب الآخر, وأن أية إتفاقية لن تكون لها الحياة في ظل الأوضاع الراهنة ما دام الإتجاهين متعاكسين تماماً. لقد أكدت ذلك في مقالات عدة وفي أكثر من مناسبة, وخصوصاً قبيل إنعقاد مؤتمر قامشلو من أجل إنبثاق مجلس كردي ليكون مرجعية شرعية لحركتنا ولشعبنا الكوردي في سوريا, حينها أكدت أن ب ي د سوف لن يشارك في المؤتمر لأن ذلك سوف يضعه في خانة الإلتزام بقرارات تشل من حراكه لتنفيذ سياسات بعكس ما أوكل إليه من قبل الجبهة الأخرى. بل ذهب أكثر من ذلك للقيام بعملية إنتخاب مجلس شعب لغرب كوردستان ليزيد عمق الهوة بينه وبين الأحزاب الأخرى تنفيذاً لمشروع أعتقد أنه سيسيء إلى مستقبل شعبنا وحقوقه القومية. من المؤكد أن ما أوضحته بخصوص ب ي د لا يعفينا عن ذكر ماهية التعقيدات التي تواجه أحزاب المجلس وخلافاتهم التحزبية التي تعيق العمل من أجل إتخاذ قرارات مصيرية, حيث انهم يشكلون فيما بينهم تكتلات مشبوهة وغير حميدة, وهذا ما يستغله ب ي د بذكاء ودهاء ليستفرد بالشعب والأرض تنفيذاً لسياساته التي تعارض واقعية وموضوعية ومصلحة شعبنا الكوردي في سوريا. من هنا أعتقد أننا نحن الكورد وقعنا بين الأمرًين, أحلاهما مرٌ. أن نواجه ب ي د لنجعل مناطقناً ساحة حرب بين الأخوة أم نؤجل ذلك الى بعد حين, ليتبلور المشهد السوري أكثر وضوحاً في الوقت الذي تعاني الثورة هي الأخرى من عدم شفافية رؤيتها لمستقبل سوريا؟

نحن أمام لعبة قذرة قد بدأت ملامحها من خلال افتعال الأحداث في حي الأشرفية بحلب والتي راحت ضحيتها العشرات من ابناء شعبنا, كانت محل شجب واستنكار من قبل ابناء شعبنا الكوردي وحركته السياسية. وكذلك الهجمات الغير مبررة من قبل عناصر ب ي د على مقرات ومكاتب أحزاب المجلس الوطني الكوردي في مدينة كوباني. وهذا ليس فعلاً فريداً بل تتكرر الأحداث تباعاً من قبل حزب الإتحاد الديمقراطي ضد الأحزاب هم شركاء له في إتفاقية هولير وكذلك في الهيئة الكردية العليا. وفي مقابل ذلك لم نرى أي فعل من أي طرف كوردي آخر تسيء إلى صفوة العلاقة بين أطراف المجلس وحزب ب ي د. وهذا مما يعني, أن ب ي د لا يرضى بشركاء له في حكم المناطق الكوردية, مستغلاً وجوده المسلح على الأرض ليهدد الآخر بين الحين وحين من أجل شل قدرة الاحزاب الأخرى وتكبيله, وبالتالي تنفيذ سياساته بقوة الحديد والنار. وأن كل المبررات التي تصنعه ب ي د لا تعفيه من الإدانة لما يقوم به ضد نشطاء وقيادات وأحزاب أخرى. ومن أجل أن ندير المرحلة بعقلانية وأن لاننجر وراء مخطط قذر قد يشعل المنطقة الكوردية برمتها, علينا التحلي بالصبر وتحمل ما يرتكبه حزب ب ي د من أخطاء أعتقد جازماً بأنها مقصودة, خير من أن نواجه الحديد بالحديد والنار بالنار, فليكن ثورتنا سلمية ونحافظ على أمن وسلامة مناطقنا بدماء قد تسيل هنا وهناك بقصد او بغير قصد من أجل أن ننأى بأنفسنا وشعبنا من منزلقات مدمرة يخطط لها النظام وله أجندات سوف تعمل جاهدة لتنفيذها, وأن إفشال مثل تلك المخططات أكبر إنتصار لشعبنا وللثورة السورية. وأن ما يريده ب ي د من حركتنا السياسية لا تنجلي على أحد وبات الأمر واضحاً ومكشوفاً, فالبدايات تنعكس على النهايات , وأن بين أحزابنا و حزب ب ي د واقع مرير أرجو أن لا يصل إلى إقتتال بين الأخوة من خلال تنفيذ لعبة قذرة ليس لنا فيها ناقة ولا جمل.

أحمــــــــد قاســــــــم
الكاتب والسياسي الكوردي السوري    29\10\2012
تم النشر في 12,16 29|10|2012




جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان