kl:17,33 23|01|2012 Sawtalkurd
لا يوحي استعداد الحكومة الأردنية لتسلم قطعة أرض كبيرة سيقام عليها رسميا أول مخيم للاجئين السوريين بأن إقامة هؤلاء الفارين من الجحيم السوري قصيرة، او أن الجانب الأردني قرر فعلا البقاء بعيدا ومعزولا عن السياق السوري الذي لا يزال مفتوحا على كل الاحتمالات.
ويفترض ان تتسلم السلطات الإدارية في محافظة المفرق اليوم الإثنين مقرا مجهزا بعطاء رسمي كلف ملايين الدولارات سيخصص حصريا للاجئين السوريين الفارين من درعا المجاورة لمناطق شرقي المملكة.
بذلك تنتقل قصة لجوء السوريين للأردن من الإعتبارات الأهلية والإجتماعية للاعتبارات السياسية والجيوسياسية، حيث لم تعد قصة الملاذ الأردني مرتبطة بعائلات أردنية تستقبل أقارب لها من الجانب السوري، بل ستصبح مرتبطة بمخيم عصري جدا مؤسس ليصمد أطول فترة ممكنة وبإشراف لوجستي دولي وأمني أردني وستتجهز أمكنة لاستقبال ما لا يقل عن 30 الف لاجىء سوري حسب المعطيات التي لم يتم بعد الإعلان عنها.
ويبدو حسب معلومات 'القدس العربي' ان السفارة الأمريكية في العاصمة عمان كانت دوما بين الأطراف الأساسية التي تابعت تجهيزات هذا المخيم حيث تقول السلطات رسميا ان عدد اللاجئين السوريين يبلغ في الأردن نحو 2500 فيما ترجح مؤسسات أهلية بأن عدد السوريين الفارين إلى الأردن بعد الأحداث الأخيرة في دمشق يتجاوز بقليل 30 الفا بينهم نحو 500 عسكري هربوا بعتادهم الخفيف ووضعوا في مكان خاص قرب مدينة السلط غربي العاصمة وفقا لمصادر المعارضة السورية الأمر الذي تحاول عمان عدم التحدث عنه.
وفيما تقيم عائلات سورية كاملة في مدينتي المفرق والرمثا بصفة مؤقتة بدا أن عائلات من الطبقة الوسطى تتحسس احتمالات الإقامة الطويلة في عمان تحديدا وتبحث عن خيارات تملك أو استئجار الفلل والشقق كما اكد لـ'القدس العربي' وسيط العقارات كامل قيسي، وهو يشير الى ان مكتبه تلقى إشعارات متعددة من تجار ورجال أعمال تستفسر عن الأسعار.
وحسب القيسي تقلصت كثيرا عائدات الخزينة الأردنية من رسوم بيع وشراء العقارات وتحديدا الشقق لكن حيتان السوق يتوقعون قريبا بيع الكثير لأغنياء سوريين بدأ الأردنيون يشعرون بوجودهم في الفنادق والمطاعم وتحديدا في المناطق الراقية من أبناء الطبقة الثرية السورية فيما سيستضيف مخيم المفرق الكادحين والفقراء.
لذلك يمني القيسي نفسه بفورة تنقذ قطاع العقار الأردني الكاسد منذ عامين، ويقول: نتوقع نشاطا في السوق إذا ما تطورت الأمور في سورية كما حصل معنا في أيام حرب العراق الأخيرة.
لكن الجانب الأردني الرسمي لا يقول شيئا فارقا بخصوص استراتيجية عمان في التعاطي مع الملف السوري واحتمالات تطوره خصوصا وان هذا الموضوع كان بين ثلاثة ملفات أساسية بحثت في واشنطن بين الملك عبدلله الثاني والرئيس باراك أوباما وفقا لمرافقين للملك.
والانطباع السياسي الأبرز اليوم بأن تعليقات وتصريحات العاهل الأردني بخصوص الموضوع السوري تأسست وبرمجت على مقاس الاستنتاجات التي خرج بها من عند الأمريكيين ونواياهم بالخصوص.
وتشير تسريبات رحلة واشنطن الى ان الأخيرة لم تتحدث مع الأردنيين عن أجندة عسكرية وشيكة لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد لكنها تحدثت وبتعمق عن ضرورة إضعاف هذا النظام قدر الإمكان حتى يخرج تلقائيا من الحلبة مما يعني بأن لدى واشنطن اجندة لتشديد الضغط على دمشق، وهو ما يبدو ان عمان تستعد لوجستيا وسياسيا له عندما تحتفل باستلام مقر مخيم اللاجئين الجديد من المقاول وتنفتح علنا على السياق اللوجستي في استقبال المزيد من اللاجئين في الوقت الذي يصرح فيه العاهل الأردني بأن النظام السوري إلى حد كبير قد لا يسقط بدون المجتمع الدولي.
والإستراتيجية الأردنية المقررة بالتالي هي التعامل مع كل الاحتمالات وعدم تحمل كلفة مناصبة نظام بشار العداء مع تقديم ما يلزم من تسهيلات خصوصا 'إعلامية' و'شعبية' للمعارضين السياسيين وعدم إغلاق الباب امام لجوء المزيد من العسكر والمواطنين مستقبلا.
ويفسر ذلك السماح ببث محطة فضائية ضد النظام السوري والسماح لالاف السوريين بالتجمع أسبوعيا أمام سفارة دمشق للتضامن مع الثورة السورية.
ولتكريس هذه الاستراتيجية التي لا تعادي نظام بشار لكنها لا تقدم له أي خدمات تضامنية من أي نوع يبقى الأردن سرا على اتصال بقادة الجيش الحر في تركيا، ويحافظ على هدوء الحدود قدر الإمكان ويتعاون بحماس مع أي مؤسسات دولية تريد الاستعداد لحالات نزوح كبيرة ولا يقفل الحدود أمام اللاجئين اوالفارين