عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

القانون الدولي العام وأهمية الهيئة الكوردية العليا

kl:20,00 05|06|2013 Sawtalkurd
ورقة بحث قانونية للرأي العام الكوردي

المحامي : هيثم عزت خلف 
دراسات عليا في العلاقات الدولية السياسية والدبلوماسية 
عضو مركز ياسا الكوردي للدراسات والإستشارات القانونية 

- المقدمة : 

في ظل الظروف الراهنة التي تمر على الدولة السورية والمرحلة الدموية الخطيرة التي وصلت إليها معضلتها الحالية بشكل عام , وحساسية هذه الظروف والمرحلة والأخطار المتربصة بحق الشعب الكوردي وقضيته واقليمه الملحق بالجغرافيا السياسية للدولة السورية بشكل خاص , وفي ظل ما يتم تداوله بين الحين والآخر من جدل ونقاشات متعلقة بالهيئة الكوردية العليا نتيجة لبعض التجاذبات السياسية الخاطئة والغير مسؤولة من بعض الشخصيات والقوى والحركات وممثلي الأحزاب السياسية الكوردية والتي تنم عن عدم ادراك مدى خطورة المرحلة وحساسيتها على الشعب الكوردي بشكل عام وبخصوص الهيئة الكوردية العليا بشكل خاص .
أمام هذه الحيثيات كان لا بد من التصدي لتبيان الأهمية القانونية والأسترتيجية للهيئة الكوردية العليا كممثل للشعب الكوردي من وجهة نظر المجتمع والقانون الدولي ووضعها برسم الشعب الكوردي بكافة توجهاته وإيديولوجياته وكذلك برسم القوى والحركات والأحزاب السياسية الكوردية لوضعها أمام مسؤولياتها التاريخية , الحالية والمستقبلية , وتحمل نتائج ما يصدر عنها من تناحرات وتجاذبات خارجة عن دائرة الحالة الصحية لإختلاف وتعدد وجهات النظر والإستراتيجيات ( إن وُجدت ) والضارة بحق قضية الشعب الكوردي وهيئته الممثلة له ولمستقبله وإقليمه وأرضه التاريخية , وعليه كان لابد من التقدم بهذه الورقة القانونية كبحث ودراسة قانونية واستراتيجية مقتضبة لأهمية وجود الهيئة الكوردية العليا وضرورتها الواقعية والعملية من منظار القانون الدولي العام والحراك الإستراتيجي للمجتمين السوري والدولي في ظل المرحلة الدموية التي وصلت إليها المعضلة السورية الحالية وأبعادها الداخلية والإقليمية والدولية . 

القانون الدولي العام وحالة الحرب والنزاعات المسلحة : 

يعتبر قانون الحرب فرعاً من فروع القانون الدولي العام وجد بصفة رئيسية لتحديد القواعد والأحداثيات القانونية لأي حرب واقعة فعلياً أو قد تقع بين دولتين مستقلتين ذات سيادة أو أكثر , وقد شهد القانون الدولي العام تطوراً تاريخياً نتج عنه مجموعة من القوانين الدولية الخاصة وبخاصةً منها القانون الدولي الإنساني بما يشمله من اتفاقيات ومواثيق وعهود دولية مرتبط بشرعة حقوق الإنسان ولعل أبرزها في هذا الصدد اتفاقيات جنيف الأربع الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة بتاريخ 12 / 8 / 1949 والملحقان الإضافيان لهذه الإتفاقيات والصادران أيضاً عن الأمم المتحدة في العام 1977 بهدف تحديث وإكمال هذه الإتفاقيات الأربع الأمر الذي أدى إلى توسيع مفهوم الحرب كمصطلح قانوني لتشمل إضافةً إلى حالة الحرب بين الدول المستقلة ذات السيادة حالات النزاعات والحروب المسلحة التي قد تحدث بين أطراف متنازعة داخل الدولة السياسية الواحدة , وبالأخص الملحق الثاني الذي تناول حماية ضحايا الحروب والنزاعات المسلحة الواقعة بين أطراف متعددة في الدولة الواحدة وبالتالي أصبحت الأفعال الواقعة بمخالفة ميثاق وتنظيم وقواعد وعادات الحرب الحاصلة في حالة النزاعات والحروب الداخلية تُغطى من قبل هذه الإتفاقيات والأعراف الدولية المتعلقة بمفهوم الحرب وحماية ضحاياها.

الأهمية القانونية لدور الهيئات الممثلة لأطراف الحروب والنزاعات المسلحة الداخلية : 

في حالة الحروب الواقعة بين الدول المستقلة لا تثور أية صعوبات عند الحديث عن الحلول المقترحة لإيقافها , فهذه الدول تتمثل بحكوماتها في المفاوضات المتعلقة بهذا الشأن , وإنما تثور الصعوبات في حالات النزاعات والحروب الداخلية , ففي خضم هذه الحروب والنزاعات الداخلية وما يرافقها من تداخلات وتشعبات وحيثيات تظهر أهمية وقوة وتأثير الأطراف المتنازعة عند الحديث عن الحلول المطروحة لهذه النزاعات من خلال من يمثلها من أحزاب أو تنظيمات أو هيئات سياسية لها تواجدها الفعلي والعملي وقاعدتها الجماهيرية الشعبية والعسكرية على مساحة إقليم جغرافي معين من الجغرافيا السياسية للدولة التي تشهد هذه النزاعات وبالتحديد في الحالات التي تفقد فيها السلطة الحاكمة سيطرتها الفعلية على كامل أو أجزاء من التراب السياسي لهذه الدولة وتبدأ سلطاتها المركزية بالإنحسار لمصلحة بقية أطراف النزاع المناطقية منها أوالإقليمية من جغرافية الدولة السياسية العامة .

وقد شهد التطور التاريخي للمجتمع الدولي تجارب وحالات عديدة لهذه النزاعات , سواءٌ منها تلك الحروب والنزاعات الحاصلة بين دول متعددة مستقلة ذات سيادة أو تلك التي وقعت بين أطراف متعددة داخل الدولة الواحدة , وقد كان لوجود مثل هذه الهيئات أو التنظيمات الممثلة لأطراف الحروب أو النزاعات تأثيراتها العملية الفعلية ونتائجها القانونية على صعيد العلاقات الدولية والقانون الدولي , حيث ظهرت دول فعلية جديدة على خارطة المجتمع الدولي كما هو الحال مع الدول التي استقلت عن جمهورية يوغسلافيا السابقة كصربيا والبوسنة وكوسوفو أو مع دولة جنوب السودان بعد أن مُنحت شعوب هذه الدول حقوقها في تقرير مصيرها السياسي وانضمت رسمياً فيما بعد إلى هيئة الأمم المتحدة , كما ظهرت بعض الدويلات والأقاليم التي أخذت نوعاً من استقلالية الحكم الذاتي وإدارة أمور دويلاتها وأقاليمها الداخلية ولو أنها بقيت تحت صيغ قانونية معينة تابعة لدولة أو مملكة مركزية كما هو الحال مع كل من اسكتلند وايرلندا وويلز هذه الدول التي حصلت على استقلاليتها كدول كاملة العضوية في هيئة الأمم المتحدة لكنها ظلت مرتبطة عملياً ضمن صيغ معينة بولائها للملكة المتحدة ( بريطانيا العظمى ) أو كما هو الحال بالنسبة لإقليم كوردستان الفيدرالي الملحق بالجغرافيا السياسية للجمهورية العراقية المركزية سابقاً الفيدرالية حالياً ( وهنا الحالة العضوية المثالية الأقرب على صعيد المجتمع والقانون الدوليين لحالة الإقليم الكوردي الملحق بالجغرافيا السياسية للدولة السورية والتي سنأخذها بشيء من التفصيل والمقارنة ) , أو كذلك كحالة إقليم كاتالونيا المتمتع بالحكم الذاتي والمطالب بالإستقلال عن المملكة الإسبانية , أو أخيراً بعض الحالات النادرة التي لم تتبلور فيها بعد شكل هذه التنظيمات والهيئات الممارسة لسلطاتها الفعلية والتي لها تمثيلها الواقعي كسلطة أو حكومة فعلية واضحة المعالم والأركان على إقليم جغرافي معين بصيغة قانونية محددة على صعيد المجتمع الدولي والقانون والعلاقات الدولية ( كدولة أو إقليم ) مثلما هو الحال مع السلطة الوطنية الفلسطينية , ولو أنها حاصلة على صفة تمثيل كدولة كاملة العضوية في جامعة الدول العربية . 

المعضلة السورية والحراك السياسي الكوردي :

عند إسقاط هذه المفاهيم والتجارب القانونية على صعيد القانون والمجتمع الدوليين على حالة النزاع المسلح الدائر الذي وصلت إليه الأطراف المختلفة المتحاربة والمتنازعة داخل مساحة الجغرافيا السياسية العامة للدولة السورية , وفي ضوء الحالة الدموية المرعبة التي وصل إليها النزاع المسلح في الداخل السوري وما رافقها من حالة التداخل والتشعب في لعبة المصالح الإقليمية والدولية والتي عمل النظام الحاكم على استدراجها إلى ساحة المعادلة للحفاظ على مكانته كطرف رئيسي في المعادلة والمعضلة السورية ( وهو ما نحج فيه بشكل كبير ) , وفي ظل فقدان السلطة المركزية لسيطرتها على مساحات واسعة من تراب الدولة السورية السياسي لمصلحة الشكيلات العسكرية الأخرى المتحاربة معها وظهور بعض الهيئات والمجالس والإئتلافات السياسية التي تدّعي تمثيلها لهذه التشكيلات العسكرية , وفي ظل ما يتم تداوله ( عن غير عبث ) على فترات زمنية متعددة من توجه السلطة الحاكمة نحو تعزيز قدراتها وامكاناتها ( ولا تزال ) في الأقليم الساحلي المنظور له كدولة علوية مستقبلية ( الفرضية والحلم الهادئ الذي لا يتم الحديث عنه بشكل عملي كثيراً ) إذا ما وصلت الأمور إلى حالة محاصرة النظام في الزاوية الخانقة من المعادلة والمعضلة السورية , كل هذه الحالة التي أوصلت إلى صعوبة واستحالة إيجاد حلول داخلية لهذه المعضلة السورية بمعزل عن منظومة المجتمعين الإقليمي والدولي وتكتلاتها وتحالفاتها السياسية والعسكرية ولعبة المصالح المتحكمة بها , بغض النظر عن الحالة المزرية التي يعيشها المجتمع الداخلي السوري إقتصادياً واجتماعياً وسياسياً , وخاصة في ظل ما يتم تداوله مؤخراً من حديث في أروقة الإستقطابات الدولية من توجه نحو ضرورة إيجاد حلول سياسية لهذه المعضلة من خلال إجراء حوارات ومؤتمرات بين ممثلي الأطراف المتنازعة والمتحاربة في الداخل السوري وبالتالي هنا تبرز اهمية دور الهيئات والتنظيمات والمجالس الممثلة لأطراف النزاع الجاري في سوريا بشكل عام وأهمية دور الهيئة الكوردية العليا كممثل لقضية الشعب الكوردي واقليمه التاريخي بشكل خاص .

أمام كل هذه الحيثيات لم يكن الإقليم الكوردي الملحق بالجغرافيا السياسية السورية بمعزل عن هذه المعطيات , وخاصةً في ظل سياسة غض النظر النسبية التي اتبعها النظام السوري الحاكم تجاه هذا الأقليم في بداية الأحداث نتيجة حيثيات وحسابات واسترتيجيات معينة أتبعها النظام داخلياً وكذلك توجيهات اقليمية ( ايرانية ) ودولية ( روسية ) معينة , حيث تغيير النفس السياسي للحركات والأحزاب السياسية الكوردية التي كانت متواجدة فعلياً منذ ما قبل بدء الأحداث الثورية ولكن بشكلها العملي الركيك ( نتيجة للحالة القمعية العامة والممنهجة التي كان النظام يتبعها بحق الشعب الكوردي واقليمه من جهة والتناحرات والتجاذبات الشكلية الشخصية والحزبية والفئوية بين هذه الحركات والأحزاب من جهة أخرى ) وكذلك برزت ظاهرة الحراك الثوري الشبابي الكوردي المتمثل بالتنسيقيات الثورية الشبابية الكوردية ( التي بدأت بشكل وحالة صحية سليمة في بداية الأحداث الثورية ولكنها أخذت فيما بعد بُعداً ومنحً آخر غير صحي , بعلم أو بدون علم – بقصد أو بدون قصد , الحراك الشبابي , وهذا موضوع يطول الحديث في بحد ذاته عملياً وقانونياً ) , وقد تمخض عن هذا النفس الجديد للحراك السياسي الكوردي ظهور مجلسين رئيسيين , المجلس الوطني الكوردي الذي ضم في صفوفه غالبية الأحزاب السياسية الملموسة ( كالبارتي والتقدمي ويكيتي بتفرعاتها ؟؟؟ ) ومجلس الشعب لغربي كوردستان ؟؟ الممثل لحزب الإتحاد الديمقراطي , وكانت باكورة هذا الحراك عندما توصل هذين المجلسين , برغم بقاء حالة الإستقطابات والتجاذبات والتناحرات الحالية والمستقبلية التي ستحدث , الى توقيع اتفاقية هولير وبرعاية إقليم كوردستان المحرر ( اللاعب والرقم الكوردي المؤثر بصلاته وعلاقاته السياسية والإقتصادية بعدد من القضايا والملفات الإقليمية والدولية ومنها ملف مفاوضات السلام الحالية الأخيرة بين منظومة حزب العمال الكوردستاني والحكومة التركية الحالية ) , ونتج عن هذه الإتفاقية الإعلان عن تشكيل الهيئة الكوردية العليا التي خرج الشعب الكوردي معبراً عن تفاؤله بها بصريح عبارة : الهيئة الكوردية العليا تمثلنا , ووجدنا فيها نحن معشر القانونيين , المختصين , من أهم الخطوات القانونية العملية التي حققتها القوى والأحزاب السياسية في سبيل ايجاد ممثل شرعي ووحيد ( ويجب أن يبقى ) للشعب الكوردي وقضيته العادلة وإقليمه وأرضه التاريخية من وجهة نظر المجتمع والقانون الدولي في ضوء النزاع المسلح الدائر الذي وصل إليه الداخل السياسي السوري وذلك تشبيهاً بحالة إقليم كوردستان الملحق بالجغرافيا السياسية للجمهورية العراقية المركزية سابقاً الإتحادية حالياً .

إقليم كوردستان ( العراق ) والهيئة الكوردية العليا , دراسة مقارنة : 

لا بد من أجل تبيان الأهمية القانونية العملية للهيئة الكوردية العليا كممثل للشعب الكوردي وقضيته ضمن المعادلة السورية من مقارنتها مع حالة الإدارة في إقليم كوردستان الملحق بالدولة العراقية عبر مرحلتي ما قبل حرب العراق في العام 2003 وما بعدها وصولاً إلى الحالة القانونية الدستورية التي يعيشها الأقليم حالياً كأقليم كوردستاني فيدرالي مع دولة العراق الإتحادية الحالية , ومع الأخذ بعين الإعتبار بعض الأختلافات الموضوعية والعملية التي كانت تميز الأقليم الكوردستاني الفيدرالي عنها في حالة الأقليم الكوردي الملحق بالجغرافيا السياسية السورية حالياً ومن أبرزها الإنفتاح والنفس السياسي الطارئ مؤخراً للحركة السياسية الكوردية في الدولة السياسية السورية وما رافقها من ضعف الأداء السياسي وتشتت الرؤى والأفكار والإستراتيجيات ؟ إن وجدت ؟ والإنتماءات الحزبية والفئوية , بالإضافة إلى العامل المستجد والأكثر أهمية والمتمثل بالحالة العسكرية الكوردية الجديدة المواكبة للحراك السياسي الكوردي ( بأهميتها وتشعبها الإستراتيجي على مساحة الأقليم الكوردي وتعقيداته الجيوسياسية والديمغرافية عامةً وشوائبها السلبية المتعددة خاصةً ), ناهيك عن حالة عدم وضوح الرؤى من قبل أطراف النزاع الأخرى في سوريا وتربصهم تجاه القضية الكوردية بشكل عام وعدم وجود ارتباطات وتحالفات وأرضية مشتركة بينها وبين القوى السياسية الكوردية بشكل خاص . 

فمعلوم ما كان يعيشه إقليم كوردستان الذي أٌلحق بجغرافية الدولة العراقية من الحالة غير الصحية التي كانت متواجدة في الإقليم من خلال إدارتي أربيل والسليمانية وما رافقها من حالة التشنج والتوتر وصولاً إلى حالة الإحتراب ( وليس الحرب ) الأخوي بين الإدارتين , على أن النقطة الجوهرية والهامة من منظور القانون الدولي والعلاقات الدولية كانت أن كلتا الإدارتين كانتا تمارسان الإدارة الفعلية الكاملة كسلطة واقعية عملية محددة المعالم , بعيدة عن سلطة الحكومية العراقية المركزية وعلى مساحة الإقليم الكوردي الجغرافية السياسية التي تحددت آنذاك بموجب اعتبارات داخلية ودولية معينة كان من أهمها القرار الأممي الصادر عن مجلس الأمن المتضمن حظر الطيران في أجواء الأقليم الكوردي شمال الدولة العراقية في مرحلة ما بعد الإجتياح العراقي للكويت .
ونتيجة التداعيات التي اعقبت غزو العراق للكويت وتفاعلاتها وتأثيراتها القانونية الدولية العملية على الداخل العراقي وما تبعها بعد ذلك في مرحلتي ما قبل وما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك وتفاعلاتها على الصعيد الدولي عامة وفي منطقة الشرق الأوسط خاصةً تمكنت إدارتا أربيل والسليمانية من لملمة أوراقهما والتوحد في إدارة واحدة مشتركة تمتعت بمرور الوقت بوضوح المعالم التنفيذية والتشريعية والقضائية وتميزت بخصائص الوضوح والإستمرارية المستقرة الهادئة في إدارة أمور وشؤون الإقليم كسلطة أو حكومة واقعية عملية تمارس مهامها هذه فعلياً على أرض الواقع وبشكل مستقل عن حكومة الدولة العراقية المركزية , وهو الأمر والواقع القانوني الجوهري الذي دفع أغلب دول المنطقة والعالم , الصديقة منها بدايةً والمناوئة منها فيما بعد , إلى التعامل مع سلطات الإقليم وإدارته كحكومة أو سلطة أمر واقع قانونية وهو الركيزة الأساسية ( كصيغة قانونية من وجهة نظر القانون الدولي ) التي اكسبت الأقليم القوة العملية الفعلية من أجل تعزيز وترسيخ البُنى التحتية المعززة لسلطات وقدرات الأقليم وصولاً إلى الحالة الواقعية الحالية من الأستقلالية شبه التامة كأقليم كوردستاني فيدرالي مستند على أسس قانونية دستورية في دولة العراق الإتحادية الحالية ومتمع بعلاقات نديّة على صعيد علاقات الإقليم مع الحكومة العراقية الإتحادية من جهة وعلى صعيد علاقاتها مع المجتمع والعلاقات الدولية والقانون الدولي العام من جهة أخرى ( وهو الأهم ) . 

الهيئة الكوردية العليا كمحصلة قانونية :

من كل ما سبق ذكره من شرح مبادئ وحقائق ووقائع قانونية وعملية لأهمية الدور العملي والواقعي والقانوني للهيئات والتنظيمات الممثلة لأطراف النزاعات الداخلة في حروب ونزاعات مسلحة داخل الدولة السياسية الواحدة على الصعيدين الداخلي والدولي , وفي ظل المرحلة الدموية المرعبة التي وصلت إليها حالة النزاع المسلح بين الأطراف المختلفة والمتعددة المتحاربة ضمن الجغرافيا السياسية للدولة السورية وما نتج عنها من حالة داخلية مزرية اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وغياب منظومة القانون الضعيفة والغائبة أصلا ً .

وفي ظل تداخل لعبة المصالح والتقاطعات الإقليمية والدولية على ساحة الدولة السورية الداخلية وما نتج عنها من عجز في تفعيل منظومة القانون الدولي العام عامةً والقانون الدولي الإنساني عامةً لملاحقة كافة أنواع الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب البشعة والمروعة التي ترتكب يومياً من قبل الأطراف المتنازعة والمتحاربة .
مع كل هذا أصبح جلياً وواضحاً صعوبة إيجاد حلول داخلية لهذه المعضلة السورية بمعزل عن هذه التداخلات والتشعبات الإقليمية والدولية على ساحة المجتمع والقانون الدوليين ولعبة المصالح المتحكمة بها ودون النظر والإلتفات إلى معاناة المجتمع الداخلي السوري , وخاصةً في ظل ما يتم تداوله في الآونة الأخيرة في أروقة المجتمع الدولي وتجاذبات أقطاب القرار الدولي من ضرورة عقد مؤتمرات وحوارات بين ممثلي الأطراف المتحاربة في النزاع المسلح الدائر في سوريا .
أنطلاقاً من كل هذا الواقع التاريخي السوري المفصلي بشكل عام , وفي ظل كافة التحديات الداخلية والخارجية والأخطار المحدقة حالياً والمتربصة مستقبلاً بقضية الشعب الكوردي ( كقضية أرض وأقليم وشعب ) بشكل خاص , تظهر أهمية وضرورة وجود الهيئة الكوردية العليا كممثل وحيد ( ويجب أن يبقى ) لهذا الشعب المتواجد على أرضه التاريخية , وانطلاقاً من هذه الضرورة توجب التصدي لتبيان هذه الحقيقة والضرورة القانونية والعملية لها لتكون على طاولة الشعب الكوردي عامةً والحركة السياسية الكوردية خاصةً .

إن الإعلان عن تشكيل الهيئة الكوردية العليا , كخطوة قانونية عملية , من قبل الحركة السياسية الكوردية وبرعاية حكيمة ومشكورة من قبل إقليم كوردستان ( العراق ) ليس هو الإنجاز بحد ذاته , وإنما تكمن الأهمية العملية والعلمية القانونية الأعظم في ضرورة الحفاظ عليها وتفعيلها وتمكين سلطاتها وتعزيزها للوصول إلى حالة السلطة الواقعية العملية التي تمارس مهامها وسلطاتها الفعلية واقعياً على كامل مساحة الأقليم الكوردستاني الذي أُلحق بالجغرافيا السياسية السورية ( بعيداً عن إرادة شعبها ) وبعد التواصل مع المكونات الأصيلة الأخرى المتواجدة في الأقليم الكوردستاني للوصول إلى صيغة تعايش سلمي وديمقراطي في هذا الأقليم ( ضمن إرادة شعبها ) .
وأخيراً يبقى من التوضيح ما يجب أن يُوجه للحركة السياسية الكوردية التي ليس لديها سوى هذا الخيار الأوحد العليا الذي لا ثاني له والمتمثل بالتمسك بالهيئة الكوردية العليا كمكسب قومي كوردي وضرورة تفعيلها وتعزيز سلطاتها ولجانها بشكل فعلي وواقعي , وهذا الخيار الوحيد إما أن تؤديه هذه الحركة مجتمعةً أو أن تتحمل تبعات فشلها التاريخي ونتائجها الكارثية الخطيرة التي ستدون كوصمة عار لها مجتمعةً في سجل التاريخ الكوردي المرير والأليم .

إن على الحركة السياسية الكوردية , شخصياتٍ وحركاتٍ وأحزابٍ ( القويةُ منها والمؤثرة قبل الضعيفةُ والصغيرة ) ومجالسَ ومستقلينَ وشباباً ومثقفين وجميع الكورد الغيارى , أن يدركوا ويعلموا أن الهيئة الكوردية العليا , قبل أن تكون ضرورة قانونية استرتيجية واقعية وعملية على المستويات الداخلية والأقليمية والدولية في معادلة المعضلة السورية الراهنة , هي ضرورة وحاجة أخلاقية قومية كوردية نابعة من الوجود والشعور والوجدان والضمير القومي للشعب الكوردي وقضيته التاريخية العادلة , إضافة إلى ضرورتها وأهميتها القانونية والإستراتيجية الثورية , كممثل شرعي ووحيد , مستقل بحد ذاته عملياً , كهيئة سياسية كوردية إعتبارية , واقعية وفعلية , ممثلة للشعب الكوردي وقضيته العادلة , كقضية أرض وإقليم وشعب , ضمن أي معادلة حلول مستقبلية للمعضلة السورية كجغرافيا سياسية , وهنا يتعين على الحركة السياسية الكوردية في ظل هذه الظروف التاريخية العصيبة والمفصلية في تاريخ قضية الشعب الكوردي أن تقف أمام مسؤولياتها القومية التاريخية المصيرية وواجبها الأخلاقي تجاه الشعب الكوردي في ضرورة الحفاظ على الهيئة الكوردية العليا وتفعيلها أدائها وتواجدها الفعلي الواقعي العملي بعيداً عن كافة أشكال التناحرات والتجاذبات والمراهقات السياسية الشخصية والحزبية والفئوية الخارجة عن دائرة الحالة الصحية للجدل والتعاطي السياسي , وتعزيز دورهذه الهيئة كسلطة أو حكومة أمر واقع قانونية فعلية , لها تمثيلها الشعبي الجماهيري والعسكري , متواجدة كطرف مستقل بعينه عن أي من أطراف المعادلة السورية الداخلية الأخرى من جهة وأمام المجتمعين الإقليمي والدولي من جهة أخرى






جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان