صوت الكورد - أوسلو : تقول صحيفة "ذي تايمز" البريطانية ان الكثيرين يعتبرون ان "جبهة النصرة" انقذت مدينة حلب من اعمال التخريب التي تعرضت لها في كانون الاول (ديسمبر) الماضي. جاء ذلك في تقرير لمراسلها انتوني لويد بعث به من حلب وقال فيه أيضا ان المجموعات الاسلامية المتشددة تعزز قاعدة سلطتها عبر شمال سوريا بنشر مفهوم معدل للحكم ينتهجه تنظيم "القاعدة" بغرض تصحيح الاخطاء التي ارتكبها في العراق. وهنا نص التقرير:
"تقوم حركة "جبهة النصرة" السورية التي اعلنت ولاءها لرئيس تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري الشهر الماضي، بادوار رئيسية في الهيئات المسيطرة حاليا في حلب.
ويمتد نفوذها الى محافظة ادلب المجاورة، متخطيا نفوذ الائتلاف الوطني السوري في المنفى الذي تدعمه الدول الغربية.
وقال احد السوريين في حلب الاسبوع الماضي: "اذا كنت تريد تنفيذ اي شيء في هذه المدينة فان عليك ان تتوجه الى جبهة النصرة لطلبه. فهم وحدهم الذين اشتهروا بانهم ينجزون الامور بسرعة وبعدالة".
وفي الحالة التي يتحدث عنها هذا الرجل الذي فضل ان يبقى اسمه مكتوما فان ذلك يعني الحصول على عقار. فمسكنه الذي حشر في المنطقة المحظورة، اصبح غير قابل للسكنى بسبب القتال. ولذا فانه توجه الى مكاتب "جبهة النصرة" التي تقع على مقربة من المحاكم الشرعية، وشرح حالته وطلب المعونة.
وقال: "وفروا لي شقة جديدة ومعهامجموعة رفوف ومقابس كهرباء وثلاجة".
ويرى كثيرون في حلب ان "جبهة النصرة انقذت المدينة من اعمال التخريب التي تعرضت لها في كانون الاول (ديسمبر)، عندما نقصت كميات الخبز والمياه والكهرباء. وقال ابو مرعي، وهو اسم مستعار اختاره مندوب "جبهة النصرة"، وهو مقاتل سابق يرأس حاليا دائرة الخدمات العامة في حلب "جبهة النصر هي التي اعادت الحياة الى المدينة.
"شاهدوا المدينة وهي تواجه الدمار والجوع في فصل الشتاء. فقاموا بتنظيم اعادة ربط المناطق بالكهرباء والماء، وهم الذين احضروا الطحين الى المخابز، وهم الذين قدموا لنا الدعم بالمال والرجال والشاحنات".
ومن الامور المهمة الاخرى اقامة "المحاكم الشرعية" في حلب. وقامت بتشكيلها كتائب اسلامية في كانون الثاني (يناير)، وهي الهيئة التشريعة والقضائية الرئيسية في المنطقة التي يسيطر عليها الثوار في الشمال. وتعمل يدا بيد مع دائرة الخدمات العامة.
قال ابو مرعي (35)، الذي لم يكشف عن اسمه الحقيقي، وهو مهندس ملتح بكثافة ومحافظ اسلامي "نحن اساس الدولة الاسلامية الجديدة". وقال انه يؤمن في اقامة دولة اسلامية في سوريا، وانه شارك في القتال في صفوف الكتائب الاسلامية.
ويرأس المحاكم الشرعية في حلب اربعة رجال، كل واحد منهم قائد رئيسي في كتيبة اسلامية، ولاحدهم صوت مرجح.
ومن الملاحظ انه يمثل "جبهة النصرة"، التي نبعت من المجموعة الثورية الرئيسية وهي الجيش السوري الحر، ولكن لا علاقة لها بالائتلاف الوطني السوري الذي يلقى الدعم من الدول الغربية.
ومن المعتقد ان لدى "جبهة النصرة" التي وسمتها الولايات المتحدة العام الماضي بانها منظمة ارهابية، ما بين 5 آلاف و 7 آلاف مقاتل على ارض المعركة، يعتبرون افضل تنظيما وتمويلاً وتجهيزا من الجيش السوري الحر.
وقد اصبحت الجبهة الاختيار الشائعفي اوساط المجندين الاجانب الذين يتدفقون متطوعين بالآلاف من العالم الاسلامي للانضمام الى الثورة السورية. وتمثل حلقة وصل للافكار الراديكالية والسلاح والرجال من حيث انها تمثل اشد التهديدات الارهابية المحتملة للغرب منذ انشاء تنظيم "القاعدة" ذاته في افغانستان في تسعينات القرن الماضي.
ويمثل المقاتلون الاجانب اليوم جزءا رئيسيا من الحياة اليومية في المناطق التي تخضع لسيطرة الثوار. وهم في الغالب من عرب شمال افريقيا والخليج، وان كان هناك تدفق كبير من المسلمين الاوروبيين، اضافة الى المقاتلين من مناطق ابعد مثل تركمنستان واستراليا.
ومعظمهم انضم الى احدى الكتائب الاسلامية الاربع الرئيسية في سوريا. وفي ما يتعلق بـ"جبهة النصرة" فانهم يعملون في مجموعات مختلطة مع المقاتلين السوريين او في وحدات منفصلة.
وفي العراق، حيث عمل زعيم "جبهة النصرة" ابو محمد الجولاني ورفاقه من كبار الجهاديين، ضد الائتلاف الاميركي، اثار تنظيم "القاعدة" نفور القبائل السنية بتطبيقه المتشدد لاحكام الشريعة.
لكن التنظيم في سوريا يحاول اعادة تنظيم نفسه بتفسيرات مرنة مستمدة من بلاد الشام، وبالتركيز على الحكم الرشيد وتوفير المرافق المدنية والقضاء كأمور مميزة له.
وقد لا يجد قادة الغرب عزاء يذكر في هذه الصورة الجديدة، ذلك ان "جبهة النصرة" جادة في نيتها انشاء دولة اسلامية. واذا هي نجحت ولو جزئيا، فان تنظيم "القاعدة" سيكون في اراض متاخمة لحدود اسرائيل وتركيا والعراق – وهو كابوس استراتيجي بالنسبة الى قادة الامن الاقليميين والغربيين.