ان بدء العملية السلمية بين حزب العمال الكوردستاني وتركيا خطوة أولى في الاتجاه الصحيح وهي تستحق الدعم والتأييد،بعد سنوات طويلة من الحرب التي أودت بحياة 40 الف انسان معظمهم من الكورد وتدمير البنية التحتية التي تحتاج الى امكانيات اقتصادية هائلة لاعادة البناء. فالحوار السلمي هو دون شك لغة الشجعان والقادة الحكماء الحريصين على مصلحة شعوبهم،لبناء مستقبل سلمي،ديمقراطي وتعددي،يتم فيه الاعتراف بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكوردستاني وفق مبادئ القانون الدولي وحقوق الانسان وفي مقدمتها:حق تقرير المصير مع ضمانات دستورية وعقود مكتوبة وليس مجرد وعود شفهية يمكن التنصل منها في اي وقت.بدأت مرحلة أخرى من النضال وفق قواعد الديمقراطية-البرلمانية وهذا ينسجم مع روح وجوهر العصر والظروف التاريخية التي تمر بها حركة شعب كوردستان التحررية. قرار وقف اطلاق النار بناء على دعوة سكرتير العمال الكوردستاني عبد الله أوجلان منذ 21 آذار الماضي والبدء بسحب قوات الأنصار الكوردية حلقة في سلسلة تدابير بناء جسور الثقة بين الطرفين حسب تقييم القيادة العامة لقوات الدفاع الشعبي الكوردستاني التي تعهدت بانجاح هذه العملية في بيانها الصادر بالأمس 07.05.2013.
ترحيب الرأي العام العالمي ولاسيما الأوربي بالاتفاق كان كبيرا وعمليا ولاسيما قرار البرلمان الأوربي قبل فترة: شطب اسم العمال الكوردستاني من قائمة الارهاب واعتبار مقاتليه : مكافحين ومناضلين من أجل الحرية وهذا ينسجم تماما مع اتفاقيات جنيف لعام 1949 بشأن : Combattantsأي مقاتلين ومكافحين من أجل الحرية،حيث كان مقاتلي الحزب دائما هكذا ولم يكن لهم اية علاقة بالارهاب من وجهة نظر القانون الدولي،بل ان الدولة التركية مارست على الدوام سياسة ارهاب الدولة ضد الشعب الكوردي وجرى ادانتها من قبل المحكمة الأوربية لحقوق الانسانية مرارا وحتى تغريمها.
وفيما يتعلق بمسألة انسحاب المقاتلين الكورد الى خارج تركيا، لدينا موقف واضح بصفتنا جمعية حقوقية كوردية،مستقلة،دون أجندة حزبية،تدافع منذ سنوات طويلة،عن حقوق الشعب الكوردي في المحافل الدولية وهي تتلخص في الآتي:
1- قوات الانصار الكوردية قامت وعلى مدى السنوات الماضية بواجبها في الدفاع عن الشعب الكوردي في شمال كوردستان وحمايته من هجمات قوات الاحتلال التركية،المعتدية وفق مبادئ القانون الدولي الانساني ولاسيما معاهدات جنيف لعام 1949 وعاملت الاسرى من الجيش التركي وفق تلك المبادىء وعلى عكس الدولة التركية تماما.
2- لايعرف القانون الدولي سابقة تاريخية،سواء فيما يخص الجناح العسكري لحزب المؤتمر الوطني الافريقي الذي ناضل ضد نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا بقيادة نيلسون مانديلا أو مقاتلي الجيش الجمهوري الايرلندي التي قاتلت لسنوات طويلة القوات البريطانية،او غيرها من البقاع الساخنة في الكرة الارضية، ان انسحبت من بلادها، بل جرى اعادة تأهيلها ودمجها في الحياة المدنية والسلمية.
3- الى أين سيذهب المقاتلون الكورد بعد تكملة عملية الانسحاب؟ ولماذا لايبقون في وطنهم؟ ماهو مصير المعتقلين الكورد سواء من شمال أو غربي كوردستان في السجون التركية؟؟؟
4- ليس هناك اي عقد مكتوب، سواء تحت رعاية الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوربي في ضمان تنفيذ الحكومة التركية لتعهداتها فيما يخص المسائل التالية:
أ- التعويض لسكان أكثر من 3 آلاف قرية كوردية مدمرة بسبب استعمال الدولة التركية العنف المفرط وسياسة الأرض المحروقة في شمال كوردستان.
ب- التعويض لذوي 40 ألف ضحية معظمهم من الكورد،الذين فقدوا كل شيء واصبحوا مشردين في شتى البقاع.
ت- اطلاق سراح الأسرى والمعتقلين الكورد في سجون الاستعمار التركي،تعويض الأشخاص الذين تعرضوا للتعذيب الشديد في اقبية وسجون استخبارات النظام التركي العنصري وكذا المفقودين والمختطفين.
ث- اطلاق سراح مجموعة كبيرة من الأطفال الكورد دون السن القانونية من السجون التركية وتعويضهم وفتح المجال امامهم وعلى حساب الدولة التركية لتلقي التعليم والاختصاص.
ج- ليست هناك اية ضمانات من قبل الدولة التركية ولاسيما البرلمان أو رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء بشأن حقوق الشعب الكوردي القومية وطبيعتها التي ناضل من أجلها المقاتلون الكورد كل هذه السنوات وقدموا ضحايا ودماء عزيزة للحصول عليها.
ح- لتحقيق سلام واستقرار دائم أو طويل الأمد،يتوقف على ارادة طرفين وليس طرف واحد فقط وعلى شكل اتفاقات مكتوبة وبرعاية دولية تضمن عملية الانتقال السلمي وتنفيذ الالتزامات الواردة فيها.
تأمل الجمعية الكوردية للدفاع عن حقوق الانسان في النمسا، بنجاح عملية الانتقال الى الحياة السلمية،الديمقراطية والنضال وفق قواعد اللعبة البرلمانية لانتزاع حقوق الشعب الكوردي الانسانية وحرياته الأساسية،عاهدين بذل كل الجهود لدعم المسيرة السلمية التي تتجاوب مع مصالح الطرفين والاستقرار في هذه المنطقة الهامة اقليميا وعالميا.
اللجنة الادارية.08.05.2013