صوت الكورد - أوسلو - بيروت : اتخذ الرئيس السوري بشار الاسد موقفا حازما في حديثه المتلفز الاربعاء، باعلان تصميمه على متابعة القتال حتى "النصر"، ومقفلا الباب امام اي حل قائم على حوار مع المعارضة يضع حدا للنزاع المستمر منذ عامين.
وتقول ريم علاف، الخبيرة في الشؤون السورية في "تشاتام هاوس" الذي يتخذ من لندن مقرا، ان الحديث الاخير للاسد "مستفز جدا، وهو اكثر تصميما من ذي قبل"، في اشارة الى اللقاء مع قناة "الاخبارية" السورية الذي بث ليل الاربعاء.
وتضيف "قال للمجتمع الدولي 'نحن مستمرون في القيام بكل ما علينا القيام به للبقاء في السلطة، في حين انكم 'الغربيون' لا تقومون سوى بخلق المشاكل في المنطقة'"، معتبرة ان الرئيس السوري "يقوم بجس نبض الرأي العام الدولي ليرى كيف سيتعامل مع الموضوع".
وافاد الاسد من اعلان جبهة النصرة الناشطة ضد قواته مبايتعها الاسبوع الماضي لزعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري، ليوجه انتقادات الى الغرب الذي يرى انه يساعدها بطريقة غير مباشرة، معتبرا ان تعاونها مع مقاتلي المعارضة يفقد هذه الاخيرة صدقيتها.
وقال الاسد ان الغرب "لا يعرف ان هذا الارهاب سيعود اليه"، مشيرا الى انه "يحاربها 'القاعدة' في مالي ويدعمها في سوريا وفي ليبيا" متحدثا عن "ازدواجية المعايير".
واعتبر ان "مصطلح المقاتلين المعتدلين هو مصطلح اميركي للتبرير امام شعوبهم"، منتقدا بشدة اي تعاون بين الجيش السوري الحر الذي يشكل مظلة لغالبية المقاتلين المعارضين في سوريا، والمجموعات الاسلامية المقاتلة الفاعلة على الارض.
ومن ابرز هذه المجموعات جبهة النصرة التي يقول الخبراء انها ليست الاكبر حجما على الارض برغم كونها الاكثر شهرة. كما ان العديد من المجموعات المقاتلة هي ذات توجه اسلامي، في حين يتألف الجيش الحر في غالبيته من جنود منشقين ومدنيين حملوا السلاح.
وتعتبر علاف ان الاسد "تحدث بكثير من الثقة. اعتقد انه حصل قبل هذا اللقاء على دعم من حلفائه، لا سيما الروس والايرانيون. هو واثق من انه يمكنه الاعتماد على كامل الدعم منهم، ومدرك بان الولايات المتحدة والآخرين غير متأكدين بعد مما يجدر القيام به".
وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري اعاد التاكيد في اسطنبول الاربعاء ان "ايام الاسد باتت معدودة"، مبديا ثقته "بانه سيرحل (...) الهدف الاساسي هو التأسيس لانتقال سلمي يحافظ على مؤسسات الدولة".
لكن الرئيس السوري بدا راسخا في مواجهة خصومه، لا سيما لجهة الربط بين مصيره ومستقبل بلاده، وذلك بقوله "لا يوجد خيار لدينا سوى الانتصار. ان لم ننتصر، فسوريا ستنتهي، ولا اعتقد ان هذا الخيار مقبول بالنسبة الى اي مواطن في سوريا".
وترك الاسد المجال مفتوحا امام ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة بعد انتهاء ولايته في العام 2014. كما انتقد المعارضة في الخارج، مشككا في "وطنيتها" ومتهما اياها بتقاضي الاموال، سائلا "كيف يكون (الشخص) وطنيا اذا كان هناك من يدفع له؟".
ويعتبر يزيد صايغ، الخبير في الشؤون السورية لدى مركز كارنيغي للشرق الاوسط، ان الاسد سعى الى طمأنة السوريين الموالين له ورفع معنويات قواته النظامية.
ويقول "الرسالة التي اراد ايصالها خلال المقابلة هي تأكيد نيته بالبقاء رئيسا (...) الى حين موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة". ويضيف "هي رسالة لمنح السوريين الثقة".
ويعتبر الخبير في "مجموعة الازمات الدولية" بيتر هارلينغ ان "النظام يريد ان يقنع الشعب انه في مقدوره ان يكون اكثر تمثيلا لمختلف مكونات المجتمع السوري، مما هي عليه المعارضة".
ويشير هذا الخبير الى انه، وخلال عامين من النزاع الذي بدأ منذ منتصف آذار/مارس 2011، "لم يتغير خطاب النظام، لكن الامور التي حصلت على الارض هي التي توافقت مع ما كان النظام يقوله" لجهة انه يحارب تنظيم القاعدة.
ومنذ بدء النزاع، اعتمد النظام السوري عبارة "ارهابيين" للاشارة الى مقاتلي المعارضة، مشددا على ارتباطهم بتنظيم القاعدة.
والاربعاء قال الاسد في حديثه ان "القاعدة هي الحالة الطاغية في سوريا"، مؤكدا ان بلاده لا تقوم بعملية "تحرير للاراضي السورية"، بل بـ"القضاء على الارهابيين".