عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

نص"اتفاق أضنة " بين سوريا وتركيا مع ملاحقه السرية لـ عمال الكوردستاني


Kl:02,39 22|10|2012  Dengê kurd

في تشرين الأول / أكتوبر من العام 1998 ، وعلى نحو لم يسبق له مثيل منذ عهد حكومة عدنان مندريس الذي حشد قواته على الحدود السورية في العام 1958 بأوامر واشنطن ( للضغط على نظام عبد الناصر / دولة الوحدة)، تصاعد التوتر بين تركيا وسوريا ووصل حافة الحرب بعد أن حشدت الأولى قوات عسكرية كبيرة على حدود الثانية ، وهددت باجتياح سوريا وصولا إلى حلب، بذريعة الدعم الذي يتلقاه حزب العمال الكردستاني من قبل النظام السوري.

قبل ذلك، وخلال النصف الثاني من التسعينيات على وجه الخصوص، شهدت مناطق سورية عديدة موجة من التفجيرات الإرهابية طالت دمشق (البرامكة) وريف دمشق ( الغوطة الشرقية / قرب معسكر حزب العمال الكردستاني الذي كان يعقد مؤتمره هناك ) والساحل ( اللاذقية وطرطوس). وقد تبين لاحقا أن المخابرات التركية هي التي وقفت وراءها، اعتمادا على أبناء القومية التركمانية في سوريا. وسقط في موجة التفجيرات تلك مئات الشهداء والجرحى من الأبرياء المدنيين، خصوصا في "البرامكة" التي استخدمت فيها المخابرات التركية قنابل تحتوي على غازات سامة ، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الإصابات. وبالنظر لتكتم الإعلام الرسمي على هذه الأعمال الإجرامية ، ولعدم وجود إعلام فضائي وجماهيري مثلما عليه الحال الآن ، فقد ظل صدى هذه الأعمال الإرهابية حبيسا في الدوائر الضيقة، وفي أوساط أبناء هذه المناطق بطبيعة الحال.

صحيح أن قضية دعم النظام السوري لحزب العمال ، الذي كان زعيمه يقيم في دمشق ( أوتستراد المزة خصوصا)، هي التي ظهرت كعنوان وخلفية للسعار التركي، إلا أنه لا يمكن فصل ذلك التوتر عن الإطار الإقليمي وتطوراته آنذاك. ففي مطلع العام 1996 ، وقعت تركيا اتفاقية "متعددة الأهداف" للتعاون الاستراتيجي مع إسرائيل ، تتضمن "إطارا للتعاون والتنسيق الإقليمي العسكري والأمني والسياسي". ورغم أن الاتفاقية ظلت سرية ، ولم يعرف مضمونها على وجه الدقة، إلا أن العديد من مراكز الأبحاث الأميركية نشرت الكثير من مضامينها. وكان واضحا أن الاتفاقية أقرب إلى " تحالف إقليمي ـ أمني عسكري" بين الطرفين تحت قبة الحلف الأطلسي الذي يضم تركيا رسميا وإسرائيل على نحو غير رسمي . وجاءت اتفاقيات التعاون العسكري التنفيذية اللاحقة بين الطرفين ، سواء على مستوى تزويد تركيا بالأسلحة والمعدات الإسرائيلية والخبرات التدريبية، أو على مستوى التنسيق الاستخباري، لتكشف حقيقة ما وقعه الطرفان في العام 1996. علما بان اتفاقية العام المذكور لا تزال سارية المفعول حتى وقتنا الراهن، رغم كل "البعبعة" التي أطلقها أردوغان ضد إسرائيل منذ "المواجهة الاستعراضية" بينه وبين شمعون بيريز في "مؤتمر ديفوس" الاقتصادي بسويسرا، وبعد المجزرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي على متن سفينة "مرمرة"، والتي أكدت أن أردوغان ليس سوى نصاب دولي كبير تعامل مع العرب بوصفهم قطعانا من البهائم التي تحركها غرائزها الطائفية والمذهبية و يمكن ـ بالتالي ـ الاحتيال عليهم بمواقف استعراضية يستطيع من خلالها أن يأكل  رؤوسهم قبل قلوبهم! وهذا ما حصل، ولم ينج من ذلك حتى النظام السوري الذي فتح له البلاد على مصراعيها ، من بابها إلى محرابها، فتحولت سوريا إلى بلد محتل اقتصاديا من قبل تركيا بقوة الأمر الواقع نتيجة الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية الإجرامية ـ الخيانية التي وقعها النظام الأسدي ، في عهديه، مع أنقرة، والتي دفع الشعب السوري ثمنها باهظا جدا، ولا يزال يدفع وسيبقى كذلك إلى أمد طويل!

اتفاقية أضنة

مع انفجار الموقف بين سوريا وتركيا خريف العام 1998 ، تحرك النظام المصري على خط الأزمة ، سواء من خلال وزير خارجيته عمرو موسى أو من خلال رأسه، حسني مبارك، مباشرة. كما وتحركت إيران من خلال رئيسها سيد محمد خاتمي ، الذي أجرى اتصالات مع دمشق وأنقرة وأوفد وزير خارجيته كمال خرازي إلى العاصمتين بهدف بلورة حل سلمي للأزمة . وقد توج هذا التحرك بزيارة مبارك إلى أنقرة بتاريخ 4 تشرين الأول / أكتوبر 1998 على رأس وفد أمني وسياسي كبير للاجتماع مع الرئيس التركي سليمان ديميريل ،ورئيس وزرائه بولاند إيجويد ، حاملا معه "عقد إذعان" سوريا ، بالمعني الدقيق لكلمة"إذعان" ، يتضمن موافقة النظام السوري على المطالب التركية كلها ، بما في ذلك تنازل دمشق عن مطالبتها بلواء اسكندرون .وكانت أنقرة تستشعر "خطر" ما يقوم به النظام السوري فيه لجهة إعادة ربط أهله بوطنهم، سواء من خلال "الشبكات الأمنية ـ الاستخبارية" أو "الشبكات الاجتماعية ـ الطائفية والمالية" التي وجدت تعبيرها الأبرز في أنشطة جميل الأسد ورموز المافيا السورية الرسمية، وليس عبر برنامج وطني حقيقي يكفل "إعادة إحياء" عروبة أهلنا في اللواء وسوريتهم ، وهي ـ على أي حال ـ لم تمت في أي يوم من الأيام ،  رغم عنصرية وبربرية التتريك، كما اكتشفنا وتأكدنا خلال الأزمة الراهنة ، حيث برهن أهالي "اللواء" أن حبلهم السري لا يزال مربوطا بقوة إلى رحم أمهم في دمشق، رغم عملية البتر الإجرامية التي قامت بها فرنسا في العام 1939.

انتهت زيارة مبارك إلى أنقرة بصياغة مسودة للاتفاقية مع أربعة ملاحق سرية صغيرة تضمنت جوانب أمنية وسياسية تشكل وصمة عار في جبين النظام السوري ، وكارثة وطنية حقيقية سيكون على السوريين التضحية كثيرا في المستقبل من أجل إلغاء مفاعيلها ، رغم أن القوة الأكبر في المعارضة ، جماعة الأخوان المسلمين، وصلت في درك انحطاطها وعهرها مستوى لم يتجرأ حتى النظام السوري نفسه على مقاربته. فإذا كان النظام تنازل عن مطالبته باللواء تحت ضغط ظروف إقليمية قاهرة، وهذا لا يبرر له فعلته على أي حال، فإن عهر وفجور ودناءة المراقب العام للجماعة ، الإرهابي المجرم رياض الشقفة، وصلت به حد نكران حتى عروبة أهالي اللواء وسوريتهم ، كما عبر عن ذلك صراحة في مقابلته مع "قناة دبي" في حزيران / يونيو الماضي.

والواقع إن الحكومة التركية لم تكتف بمطالبها التي حمل مبارك موافقة دمشق عليها، بل راحت تملي مطالب جديدة بعد أن دخل الوفدان السوري والتركي إلى القاعة لتوقيع الاتفاق. فقد اكتشفت حكومة ديميريل ـ أجويد أن النظام السوري في مأزق ، وبالتالي يمكن اعتصاره والحصول منه على كل ما تريده في هذه اللحظة التي قد لا تتكرر في المستقبل. ويقول مصدر ديبلوماسي بريطاني لـ"الحقيقة" كان في تركيا خلال تلك الفترة، وهو المصدر نفسه الذي مكننا من الحصول على النص الكامل للاتفاقية، إن رئيس الوفد السوري اللواء عدنان بدر حسن، رئيس شعبة الأمن السياسي في وزارة الداخلية السورية ، "كان يتصل بالرئيس حافظ الأسد كل بضع دقائق ليبلغه بمطالب جديدة للأتراك، فكان الأسد يجيبه بأن يعطيهم ما يريدونه دون تردد، لأن وضعه الصحي كان بدأ يتردى، وكان يريد أن ينجز حل ملفين كبيرين بالنسبة له ، ملف الجولان وملف الأزمة مع تركيا، كي لا يورثهما لابنه الذي كان قد أصبح يلعب دور رئيس تحت التدريب في ذلك الوقت".

* العنوان الأصلي للتقرير :
في الذكرى 14 لتوقيعه:"الحقيقة" تنشر نص"اتفاق أضنة " بين سوريا وتركيا مع ملاحقه السرية
المصدر الحقيقة 


جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان