Kl:23,32 14|10|2012 Dengê kurd
في العاصمة دمشق، ورغم أصوات الرصاص والقذائف، من وقت لآخر، ورغم أنباء الموت القادمة من مختلف مناطق سوريا، لم تتوقف أوساط رموز المعارضة الداخلية في عن طرح تساؤل يومي حول مصير الدكتور عبد العزيز الخيّر
القيادي في هيئة التنسيق الوطنية المعارضة الذي أكدت الهيئة اعتقاله من قبل السلطات السورية فيما صدر بيان عن وزارة الإعلام السورية ينفي ذلك دون المزيد من التوضيحات من جانبها، إلا أن الهيئة عادت وأكدت اعتقاله، كما أصدر مثقفون لبنانيون من التيار اليساري وكذلك القومي العربي بيانا طالب السلطات بإطلاق سراح الخيّر ورفاقه (إياس عيّاش وماهر طحّان) ولكن لم يصدر تعليق من جانب الحكومة السورية على هذا البيان.
وأشار عدد من قيادات التنسيق إلى استغرابهم من الاقدام على خطوة اعتقال الدكتور الخير خاصة أنه من رموز المعارضة السورية التي رفعت شعار رفض العنف والتدخل الأجنبي والطائفية، كذلك في الوقت الذي أعطت فيه موسكو ضمانات بحصول مؤتمر هيئة التنسيق في العاصمة دون اعتقالات، إلا أن المؤتمر انعقد وغاب عنه الخير وشخصيات أخرى من الهيئة بسبب اعتقالهم.
ويرى مراقبون للشأن السوري أن قضية عبد العزيز الخير تمثل المعارضة السورية التاريخية التي احتجت على سياسات النظام منذ سبعينات القرن الماضي، ولم تكن معارضته ناتجة عن الاحتجاجات التي اندلعت في مارس/آذار 2011 ، وهو جزء من الشخصيات السياسية السورية التي قضت شبابها في السجون عندما لم تكن هناك وسائل اعلام الكترونية أو محطات فضائية تغطي أوضاعهم أو تتحدث عنهم.
ويضيف هؤلاء المراقبون أن الخط الذي اختاره عبد العزيز الخير ورفاقه من شخصيات المعارضة التاريخية في الداخل مثل رفض العنف والطائفية والتدخل الأجنبي جعلهم هدفا دائما لبعض أطراف المعارضة وصل إلى حد ضربهم ورشقهم بالبيض في الحادثة الشهيرة في القاهرة واتهامهم بأنهم عملاء للنظام.
يقول معارض سوري بارز لـ"سيريا بوليتيك": هناك شخصيات عملت في كنف السلطة واستفادت منها على مدار العقود الماضية إلا أنها تخلت عن السلطة بعد اندلاع الاحتجاجات في 2011 وهناك شخصيات كانت صامتة طوال العقود الماضية، والآن كلاهما يتهمان من قضى زهرة شبابه في السجون خلال العقود الماضية بأنه عميل للسلطة، والأغرب من ذلك أن بعض الإعلام يصدقهم ويذهب معهم في هذه الاتهامات. إن لحظة شجاعة في الثمانينات والتسعينات عندما لم يكن المواطن السوري يتجرأ أن يذكر اسم شخصية معينة في النظام تعادل سنة كاملة من الشجاعة في الزمن الذي تم فيه كسر الخوف وتوفرت فيه وسائل الاعلام والفضائيات لتحول كل تصريح وكلمة إلى خبر عاجل. وأنا هنا أتحدث تحديدا عن طبقة الصامتين أو المستفيدين خلال الحقبة الماضية، وهم الآن يوزعون صكوك الغفران، ولا أتحدث عن عامة الناس.
ويضيف المعارض: لقد شنوا هجوما على الدكتور الخير وضربوه في القاهرة ورشقوه البيض واتهموه بأنه عميل للسلطة، والآن هو معتقل لدى السلطات، ومع ذلك الاتهامات مستمرة، علما أن عبد العزيز الذي يطالب بالتغيير الجذري ورحيل النظام، مع الحفاظ على الدولة، والقيادي الآن في هيئة التنسيق، هو نفسه عبد العزيز الذي طالب برحيل النظام وإجراء تغيير جذري في سبعينات القرن الماضي عندما كان قياديا في حزب العمل الشيوعي، ومن بين الشخصيات – التي صمتت على اعتقاله هو وآلاف السجناء السياسيين خلال العقود الماضية – نفسها تتهمه الآن بأنه مع السلطة.
![]() |
ضرب الدكتور عبد العزيز الخير في القاهرة من قبل "بعض المعارضين"
|
وقضى الخير سنوات طويلة متخيفا وملاحقا من قبل السلطات حتى تم اعتقاله وسجنة 14 عاما، وخلال فترات ملاحقته الصعبة لم يتوقف عن متابعة طباعة وإصدار نشرات ومجلات حزب العمل الشيوعي.
وينحدر عبد العزيز من عائلة "الخيّر" البارزة في اللاذقية، والتي تتنوع فيها الاتجاهات السياسية بين مؤيدة ومعارضة للنظام، وهو حال معظم العائلات في الساحل السوري، التي عرفت تنوعا سياسيا فخرجت من العائلة الواحدة اتجاهات سياسية عديدة، فمثلا عرفت عائلة "جديد" اللواء الراحل صلاح جديد (البعث) وشقيقه المقدم غسان جديد (الحزب القومي السوري).
ودرس عبد العزيز الخير الطب في جامعة دمشق في سبعينات القرن الماضي على مقعد واحد مع صديقه ورفيقه هيثم مناع، عندما تم إنشاء أول نواة لحزب العمل الشيوعي الذي أسسه طلبة وكتاب وشعراء ومثقفون من مختلف الطوائف والقوميات في سوريا.
اعتقل عبدالعزيز الخير عام 1992 بعد ملاحقته 11 عاما ، وفي أغسطس/ آب من العام 1995 , أصدرت محكمة أمن الدولة العليا حكما بسجنه لمدة 22 عاما مع الأشغال الشاقة وقد أدين بـ "الانتماء لجمعية سياسية محظورة" هي (حزب العمل الشيوعي) و" القيام بأنشطة مناهضة للنظام الاشتراكي للدولة" و"نشر أخبار كاذبة من شأنها زعزعة ثقة الجماهير بالثورة والنظام الاشتراكي" و"مناهضة أهداف الثورة". أطلق سراحه في نوفمبر 2005.
![]() |
أبو فراس الحمداني .. وعبد العزيز الخيّر
|
أحد المراقبين قال: حال عبد العزيز في هذه الصورة قد يشبه إلى حد بعيد حال الشاعر أبو فراس الحمداني الذي كان معتقلا خاصة عندما كتب قصيدته الشهيرة بعد أن حطت حمامة على غصن شجرة قريبة من سجنه:
أقُولُ وَقَدْ نَاحَتْ بِقُرْبي حمامَةٌ:
أيَا جَارَتَا، هَلْ تَشعُرِينَ بِحَالي؟
أيَا جَارتَا، ما أنْصَفَ الدّهْرُ بَينَنا!
تَعَالَيْ أُقَاسِمْكِ الهُمُومَ، تَعَالِي!
![]() |
أخر صورة للدكتور الخيّر
|
المصدر سيريا بوليتيك