عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

كوردي سوري يروي تفاصيل الحياة في معسكرات اللاجئين


Kl:11,19  30 |09|2012  Dengê kurd

كادت الابنة الكبرى (7 أعوام) أن تأتي على بقايا “المصاصة” التي أهداها لها موظف تقديم طلبات اللجوء في برلين، عندما وصلت برفقة والدها الكردي الهارب من الحرب

الأهلية في سوريا وأمها وشقيقتها الصغرى (عام واحد)، إلى بوابة معسكر اللاجئين في “آيزن هوتن شتادت” (124 كم شرق برلين) بمقاطعة براندنبورغ بألمانيا الشرقية سابقا.
سألت والدها بحسها الطفولي، وهي تنظر إلى صورة النسر الأسود على جدار المكتب الفدرالي للاجئين، بمنقاره ولسانه الحمراوين ومخالبه المنقضة وجناحيه المرفوعين تهديدا ووعيدا، “هل توجد ألعاب هنا؟”
سالار، الوالد الذي قرر موقع “العربية.نت” متابعة رحلته في سلسلة تقارير عن معسكرات اللاجئين السوريين في ألمانيا، أجابها بلهجة يائسة “لا تنقصنا إلا الألعاب هنا!” نادباً على حظه السيء بعد فرزه من قبل دائرة اللجوء في برلين إلى مدينة Eisenhüttenstadt التي بناها ستالين عام 1950 نموذجا للاشتراكية بعد انتصاره في الحرب العالمية الثانية وتقسيم ألمانيا إلى غربية وشرقية.
المخاوف التي حملها سالار في قلبه وهو في طريقه من برلين إلى المعسكر، بدأت تهدأ. إذ لم يصادف “نازيين جددا” خلال رحلته التي طالت ساعة ونصف بالقطار.

الموظفون الألمان

إلا أن “عنصرية الألمان”، كما قالها، بدت له جلية أكثر. فالشبك الحديدي المحيط بالمعسكر، ورجال الأمن الواقفين أمام البوابة بزيهم الأزرق الغامق وملامحهم الباردة، وكاميرات المراقبة ومنظر بعض اللاجئين داخل المعسكر بملابسهم الباهتة، ذكره بكلام صديقه له مازحاً “معسكر هتلر ينتظرك”.
استقبال الموظفين الألمان للأسرة الهاربة من الحرب الأهلية في سوريا، لم يكن مرحباً. ولم يكن غاضباً أيضا. علق سالار المحب لكرة القدم “موظفون آلات يعملون من دون مشاعر. الآن بدأت أدرك لماذا يسمون المنتخب الألماني مانشافت”.
الموظفة الألمانية نادت “أسرة سالار”، وبيدها كاميرا كبيرة تطبع الصور بتقنية “بلوتوث”. خلال دقائق بدأت الصور تظهر. جلست الموظفة إلى مكتبها أمام شاشة كمبيوتر كبيرة تعود إلى القرن الماضي، لإدخال المعلومات. يهمس سالار لزوجته بالكردية “إذا رأى هؤلاء الموظفون كمبيوتري المحمول لن يمنحونا اللجوء”.
ويقول “الكثير من السوريين قبل الثورة كانوا يفضلون اقتناء الأجهزة الحديثة على صرف المال على الأكل. يبدو أن الألمان ليسوا مهووسون مثلنا بالتقنية الحديثة”.
استلم سالار من الموظفة رزمة أوراق وبطاقات تخوله استلام غرفة لأسرته وبطانيات وشراشف قديمة ولكن نظيفة، والدخول إلى المطعم الذي يقدم ثلاث وجبات يوميا، وثياب وراتب أسبوعي مقداره 35 يورو للراشد ونحو 20 يورو لكل طفل.

قصص المعسكر

يعد معسكر “آيزن هوتن شتادت” الذي يتألف من مبنيين للاجئين: واحد للعازبين وآخر للعائلات، و3 مباني أخرى للموظفين، مركزا كبيرا يضم المئات من اللاجئين من جنسيات مختلفة، يقيمون لفترات تطول أو تقصر ليتم فرزهم إلى معسكرات دائمة بعد أخذ إفاداتهم والتأكد من حالتهم الصحية.
كهول يمشون على عكازات، وأطفال معاقون وآخرون يركضون في الممرات ونساء مشغولات بغسل الثياب وإعداد الوجبات لأزواجهن الذين لا يفضلون أكل المطعم، وفتيات جميلات يبحثن عن قصص الحب بين ممرات البناء والأشجار المحيطة بالمعسكر.
يعلق سالار على منظر المسنين والشباب المعاقين الذين يسيرون على عجلات “لا أعلم كيف ستسفيد ألمانيا من هؤلاء غير صرف الأموال عليهم؟”
هؤلاء يأتون من كافة أصقاع العالم. وتعد ألمانيا والسويد من أكثر الدول الأوروبية التي تتلقى طلبات اللجوء، وبلغ عدد اللاجئين في ألمانيا وحدها عام 2011 أكثر من 50 ألف لاجئ.
داخل المعسكر، الجميع مشغولون بقصص عمليات الفرز وأخبار المعسكرات الأخرى، ومنح الإقامات أو رفض طلبات اللجوء.
كل ذلك وسط عمليات تنظيف محدودة يقوم بها لاجئون مقابل 2 يورو لساعة عمل واحدة، الأمر الذي يترك البناء والحمامات المشتركة قذرة.
القائمون على المعسكر يحملون اللاجئين مسؤولية القذارة، ومعظم اللاجئين يسكتون عن الأمر ولا يشكون كي تبقى “ملفاتهم نظيفة” لدى السلطات الألمانية.

مسجد وحشيش وخمور وأديان مختلفة

سالار تفاجئ بوجود مسجد في أحد ممرات البناء ويتصدره آية قرآنية وقد كتب على الباب: انزع حذائك خارج المسجد، بينما في الجهة المقابلة ثمة حفلة أقامها إيرانيون بمناسبة فرزهم إلى معسكرات دائمة، يشربون الخمر ويرقصون على أنغام الموسيقى الصاخبة.
ويقول “سمعت أنهم يرفعون الآذان هنا خمس مرات في اليوم. أتمنى أن يتعايش أبناء بلدي سوريا في يوم ما مثل هؤلاء. لا أحد يقترب من المسجد من غير المسلمين، ولا المسلمون يتدخلون في شؤون غيرهم”.
إلا أن المعسكر لا يخلو من المشاكل. تحدث احتكاكات لا بسبب الديانات واختلاف الثقافات، بل بسبب الضجيج في الليل الذي يصدره شباب تمكنوا من تمرير لفافات من “الحشيش” إلى داخل المعسكر، أو بسبب التحرش بالفتيات أو خلافات حول الدور في طوابير الانتظار.
يقول سالار “رجال الأمن لا يتدخلون في المشاكل التي تحدث بين اللاجئين، ويعتبر معظم اللاجئين أن الألمان يتبعون مبدأ: فخّار يكسّر بعضه.”
ويضيف “لدى حدوث مشكلة، الأمن الألماني يكون الشاهد والمتفرج، بينما تتكاتف كل جالية مع أبناء جلدتها: الصربيون والسود والشيشان والإيرانيون والشرق أوسطيون والأكراد المسلمون والإيزيديون.”
ويختم بقوله “رغم أننا نتعايش معا بطريقة أو بأخرى، ولكن آمل أن تنتهي هذه المحنة قريباً”.


العنوان الأصلي للمادة..سوري كردي يروي تفاصيل الحياة في معسكرات اللاجئين



جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان