عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء
مصنف ضمن:

الدولة الكوردية حق مسلوب ، لم الخوف من المطالبة بها ؟!



kl:12,07 21|07|2012 Sawtalkurd




جرت في الاونة الاخيرة وعلى الساحتين الكوردستانية والعراقية الكثير من السجالات السياسية حول مشروع الدولة الكوردية الذي طرحه الرئيس البارزاني كحق مشروع للشعب الكوردي اسوة بشعوب كوكبنا نتقاسمه العيش ، فجاءت هذه السجالات متباينة في الاتجاه مختلفة في الرؤى (انعكست على الشارع الكوردي ليبدو احيانا وكانه منقسم على نفسه بين مؤيد ومتحفظ ومعارض كل حسب قراءته للموقف والظروف والاسباب التي تتحكم به) بل ان شريحة من مجتمعنا الكوردي ااصبحت تعيش نوعا من الازدواجية والتردد في الاختيار متأثرة في ذلك بالحضر السياسي والثقافي المفروض من السلطات الشوفينية وتقيدها ذهنيا ونفسيا في دائرة ضيقة تتصارع فيها من اجل البقاء والحياة فقط منذ عشرات السنين ، لتلقى بضلالها على سايكولوجيتها وآليات تفكيرها ، ولسان حالها يقول ان المطالبة بدولة كوردية اصبحت تابوا وضربا من ضروب الخيال ! لتعيش تلك الشريحة مترددة بين الشك والريبة حيال المطالبة بما يحق لها ، والواقع فان هذه القضية تحمل في طياتها الكثير للمناقشة والتحليل والاسهاب ، على خلفية اسباب وعوامل استمرارها كقضية جعلها اعداء الكورد بعبعاً ياتي على كل من يمني النفس بتحقيقها ، حتى بدت امراً واقعاص وسمة من سمات الشخصية الكوردية التي جبلت على رفض الظلم لتصبح بذلك من مفارقاتها ايضا.

لطبيعة القضية وتعقيداتها التي افتعلتها وفرضتها السلطات المتعاقبة ، فانها تاخذ في اكثر الاحيان ابعاداً متباينة في الرؤى ، واختلافا في التعليل ، فالقلة التي لا تؤيد طرحها في الوقت الراهن، تتذرع بمسألة التوقيت ، اي انها رغم تاييدها لهذه القضية المصيرية ، فانها ترى من الصواب تأجيل طرحها في هذا الوقت وتركها (ربما القدر) دون ان تحدد زمناص بديلا في حين ان منطق التاريخ يرفض هذا النمط من التفكير ويذكرنا بالماضي ويقول لاصحاب هذا الرأي بان الاوضاع الراهنة التي استجدت في المنطقة ملائمة للمطالبة بحق الكورد في الاختيار.

ويحذر من تسببه الى ما لا نهاية خاصة اذ علمنا بان لا احد يضمن تكرار هذه الفرصة ثانية والتي استغرقت قرنا من العذاب والحرمان .

فالظروف السياسية في المنطقة اليوم لا تختلف كثيرا عن حالها في بداية عشرينيات القرن الماضي ، يوم غدرت القوى الكبرى بالامة الكوردية وقسمتها حصصا بين الدول نزيفاً لم يتوقف حتى اليوم علينا اذن وكما يفعل الاخرون ان نجانب الخجل ونخرج من شرنقة الخوف والتردد في المطالبة بهذا الحق الذي تقره شرائع السماء والارض (عدا قوانين الشوفينيين) ولنعلنها للملا وبصريح العبارة ان دعوة الكورد لانشاء دولتهم (او بالاحرى اعادة انشائها) على ارض آبائهم واجدادهم لاتخرج عن المألوف  باي وجه من الوجوه ولن تتجاوز على حقوق الغير .. وعندما نعيد تاريخ المنطقة الى ما قبل تاسيس الدولة العراقية ونقف على العوامل التي انبثقت بسببها دولا على حساب دول اخرى اي الى ما بعد الحرب العالمية الاولى مباشرة فاننا سنجد ان فرصة انشاء دولة كوردية في ذلك الوقت كانت مساوية ، ان لم تكن متفوقة على الفرصة التي انشئت فيها دولة العراق العربي.

ومن يتصفح تاريخ تلك المرحلة سيقف على المتغيرات التي حكمتها المصالح الدولية وتمخضت عنها انشاء دول وفناء  دول وكيانات فكان من حظ الكورد وقدرهم ان تجانبهم تلك المتغيرات الحاسمة ليس هذا فحسب بل ان من حقه المطالبة بتعويض منصف عن معاناة ومآسي  السنين التي سرقت فيها حياته وحقوقه ، وحرمته من اسباب التقدم والتطور والغريب ان البعض يتشدق على وضع الكورد في العراق الجديد ويستكثر عليهم حقوقهم !

وهذه العقلية تفرض علينا ان نطرح سؤالا: ماذا لو لم يقدم الكورد هذا الكم من التضحيات ؟ هل ان ما حصل عليه اليوم لك يكن سيتحقق ؟ او انه لم يكن يستحقه ؟! اي اننا اما حقيقة مفادها ان  الكورد دفعوا سلفا ثمن حقوقهم ولكن الا يحق لنا ان نسال ايضا: اذا كان كل حق للكورد بثمن  فاين حقهم اذن كشعب له لغته وارضه وتاريخه وتقاليده التي تميزه وتتواصل معه لمئات السنين ؟ هل كتب عليهم ان لا ينالوا حقا الا بثمن باهض يستوفونه بدمائهم وارواحهم ؟ ان ما قدمه الشعب الكوردي من تضحيات كانت من اجل اعادة حق مسلوب وليس من اجل مجموعة امتيازات ما زال البعض ينظر لها وكأنها منحة قدمت لو لوجه الله، في حين ان ما حصل عليه الكورد من حقوق يمكن لاي شعب من شعوب الدول والاقطار المتمدنة الحصول عليها بمجرد تظاهرة او اثنتين وربما بنشر عدة مقالات تثير الراي العام او الحكومات ليس لنيل حقوق على غرار حقوق الكورد فحسب ، وانما لتأسيس دولة مستقلة وكما جرت قبل سنوات في مقاطعة كيوبيك الكندية على سبيل المثال وليس الحصر ، فأمرها معروف للجميع .

وقد يتذرع البعض الاخر في تخيله عن اثارة قضية الدولة الكوردية بضعف البنى التحتية في كوردستان باعتبارها ناقصة وغير مكتملة ولا تساعد على طرح المشروع في الوقت الحاضر !

والواقع ان هذه الرؤية تدفعنا وتدفع المسألة الى الاسهاب والاستطراد والانجرار (بالضرورة ) نحو مسائل لا نرغب الخوض فيها فاسباب تخلفنا عن الركب في هذه الناحية معروفة وواضحة للجميع نتجنب اثارتها في هذا الوقت.

قد يتصور البعض اننا في هذه القراءة المتواضعة اغلفنا تاثير وتداعيات الاوضاع السياسية والتاريخية والجغرافية المتشابكة التي تحيط بمنطقتنا ، او اننا لانعي ردود افعال اعداء مشروع الدولة الكوردية لا ابدا فهي واضحة وليست بخافية على احد ولكن مع الاقرار بوجودها فانه لايجوز الاستسلام الى ما فرضه الشوفينيون فنفرط بحق تاريخي مشروع لا سيما ونحن نعيش العقلية البائدة في رؤيتها لمسألة حق الكورد في الحرية والحياة والاختيار ويمكن التعامل معها وترويضها بناء على خلفيتها التي نالت ايضا حصتها من الحرمان والتنكيل هذا مع اقرارنا بوجود النعرة الاستفزازية لدى بعض عناصرها ، وفوق هذا وذاك على جميع الاطراف ان تعي وتدرك آثار وتداعيات المتغيرات الدولية الحاسمة التي ماتزال تعصف بالمنطقة العربية والشرق الاوسط ، فهي لن تتوقف ما لم تضع بصماتها وتقلب العديد من الموازين ، اهمها تساقط الانظمة الشمولية وعقليلتها العقيمة التي كانت تتحكم بمقدرات شعوبها طوال عقود.

تصوروا لو ان نظامي صدام والقذافي وغيرهما من الانظمة الاستبدادية كانت ما تزال تحكم بقبضتها الحديدية ، وتعيش عصر المزايدات السياسية وجنوب السودان تعلن استقلالها وتنفصل عن شمالها ! تصوروا ، كم من الجيوش والدوائر والمؤسسات العسكرية والمدنية عليها ان تعلن النفير العام؟ وكم من ابناء الوطن عليهم ترك اعمالهم وعوائلهم والالتحاق بالجيش فوراً ؟ وكم من الطائرات والدبابات ستتزود بالقنابل والصواريخ ؟ كم من رؤساء  العرب ممن لا يلفون لفهم سيتهمون بالخيانة العظمى ؟ كم ساعة في اليوم تفرض علينا سماع الخطب النارية والداعية الى الحرب والدمار ؟ ولكن كل ما ذكرناه لم يحدث ومرت بسلام ، لان الظروف الجديدة التي تلقي بضلالها على سماء المنطقة اختلفت تماما عن سابقتها ، واختلفت معها الرؤية السياسية وقراءة الاحداث وغلب منطق العقل القوة والعاطفة واصبحت الشعوب هي صاحبة قراراتها المصيرية ، وليس الحكام المستبدون .

فالشعوب ابدا لا تفرط بالسلام ان لم تكن مجبرة .. لذلك انبثقت دولة جنوب السودان الجديدة وانفصلت بارادة حرة دون زوبعة من اي طرف ،وانتهت معها سنوات الاقتتال التي انهكت جميع الاطراف الا الحكام واعوانهم الانتهازيون رغم وجود بعض الخلافات بشأن الحدود.

اذن لماذا لا نفكر بتكرر التجربة السودانية هنا في العراق بين الاقليم والمركز ونعيدها بصورة اكثر عقلانية وحضارية ؟ رغم الاختلاف بين المشهدين لماذ لا تحدد حكومتي الاقليم والمركز منذ اليوم عاما للاستفتاء (على ان لا يتجاوز 1016) ليقرر شعب كوردستان مصيره ؟ جربوا ذلك فسترونه اسهل مما تتصورون ... انا كفرد كوردستاني عندما افكر بالاستقلال ينتابني شعور بان الكورد سيزدادزن تشبثاً بالاخوة العربية الكوردية لو انفصلوا عن المركز، ويقتربان الى بعضهما اكثر من ذي قبل .. كيف لا والعلاقات التاريخية التي تربطهما ضربت بجذورها في عمق التاريخ ، ورابطة المصاهرة والقرابة بينهما تعود لمئات السنين وتحملوا معاً مرارة الحرمان والويلات والحروب .. وكل ما اصاب الكورد من مكروه الكرام بمجرد استقلال الكورد؟ نحن لا نعتقد ذلك ابداً بل يراودني منذ الان تصور مفاده ان الكورد بعد انفصالهم عن المركز قد يعودون بعد ثلاثين او اربعين سنة ويقترحون على بغداد انشاء دولة اتحادية تميلها المصلحة المشتركة للطرفين بحيث تلاءم ظروف تلك المرحلة من يدري .. نحن لا نستبعد ذلك.

واخيرا فان ما طرحه البارزاني ليس الا امنية كل كوردي ويناضل من اجل تحقيقها ، ومن الواجب ان يقدر المركز هذه الحقيقة .. والا فان قراءتها للموضوع لا تاتي الا مخالفة لمصلحة جميع الاطراف فالدولة الكوردية حق مشروع لا ينكره حتى العنصريون ، نامل ونتمنى ان ترى النور بمساعدة وتعاون وموافقة بغداد وكواجب اخلاقي قبل اي واجب آخر.

فاملنا ببغداد بعد التغيير كبير وكبير جداً وانا متفائل رغم التشنجات متفائل لدرجة  وكانني استمع الى برقيات التهاني وهي تطير من بغداد قبل اي عاصمة ... بغداد الرشيد .. بغداد السلام .


عزيز ياور - نقلا عن التآخي
المصدر آلا آزادي




جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان