
kl:15,17 11|05|2012 Sawtalkurd
في أنطاكيا، وفي منطقة "جبل سمان ضاغ" ذات الغالبية العلوية، التي تستقبل اللاجئين السوريين الفارين من العنف ورصاص الجيش السوري، يتحدث الأهالي عن "مؤامرة كونية" ضد الرئيس بشار الأسد.
لا يخفي هؤلاء إيمانهم بالروايات القائلة إن جذور عائلة الأسد تمتد إلى سمان ضاغ وأن جد قائد الأركان السوري حسن تركماني ولد فيها أيضاً، وعادة ما يتحول الحديث عما يحدث في سوريا إلى سجال بين "رجالنا ورجالهم، جماعتنا وجماعتهم" وتكتشف أن "رجالنا وجماعتنا" لا تعني النظام السوري بل عائلة الأسد تحديداً.
أهالي سمان ضاغ بينهم من يقول ان النظام في سوريا يجب أن يتحول الى الديموقراطية، ويعتبر أن ما ينفذه الأسد من إصلاحات أمر جيد لأن "الديموقراطية لا تتحقق في يوم وليلة". ويرى أن من الخطأ تدخل تركيا في ما يحصل في سوريا لأنه "شأن داخلي".
يتشعب الحديث ويتشابك ليصل الى شك بعضهم في نظرة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى العلويين عموماً، فيقول أحدهم "ألم يطلب أردوغان من الناخبين عدم التصويت لغريمه المعارض كمال كيليجدار أوغلو لأنه علوي؟"
لا ينتهي المشهد في قرى مدينة أنطاكيا الحدودية التي يتقاسم العلويون والسنّة والمسيحيون تركيبتها السكانية، بل يمتد الى المحافظ المتهم بعدم التعاون الكامل مع اللاجئين على رغم قرارات الحكومة التركية الحازمة في هذا الشأن، وهو يعبر بذلك عن انزعاج الطائفة العلوية في المدينة من سياسة الحكومة التركية في هذه الأزمة ومن تدهور العلاقات بين البلدين.
لاجئون سوريون يصلون إلى مخيم أنطاكيا
كيليس
الاحتكاكات على الخلفية الطائفية بين اللاجئين السوريين وأقربائهم الأتراك الذين استقبلوهم في أنطاكيا من جهة، وبين علويي المدينة من جهة أخرى، دفعت السلطات إلى بناء مخيم كبير للاجئين في مدينة كيليس شرقاً ونقل معظمهم إليه للفصل بينهم وبين العلويين.
بعيداً من أنطاكيا بنحو 160 كيلومتراً، زوّد مخيم كيليس للاجئين السوريين بكل ما يمكن من وسائل العيش والإغاثة من مرافق، ولم تبخل حكومة أردوغان في الإنفاق لتسهيل حياة ضيوفه السوريين.
لكن حياة المخيم تبقى حياة لجوء ونزوح كما يقول ساكنوه الذين يعبّرون عن امتنانهم للحكومة التركية. وفي المخيم تُروى قصص الرعب في كل مكان عما ارتكبه الأمن السوري من خطف وتعذيب وقتل، وعن القصف العشوائي للجيش.
مترجمون علويون
ضباط "الجيش الحر" يقيمون في مخيم خاص وسط حراسة، ولا يخرجون إلا بحماية الأمن والمخابرات التركية وفي حدود ضيقة جداً، خوفاً من وجود عملاء للنظام السوري.
عناصر من الجيش الحر يصلون مخيم أنطاكيا
أحد هؤلاء يقول إن تركيا تقف الى جانب الشعب السوري ولم تقصر في إغاثته، لكنه يسترسل في طرح تساؤلات تحيّره ولا يجد إجابة عنها "انهم يتعاملون معنا من خلال مترجمين علويين، وهؤلاء يضمرون الشر لنا ويحاولون تحريف الترجمة أحياناً. نبلغ المسؤولين الاتراك لكنهم لا يفعلون شيئاً."
ويمضي بالقول "يعدّون علينا أنفاسنا. قبل شهرين اعتقلوا ضابطاً منشقاً أثناء عبوره الحدود الى تركيا ومعه مسدسه الخاص، وحتى الآن لم نفلح في إطلاقه. الحكومة التركية تتعامل معنا بلطف وكرم، لكن بعض البيروقراطيين لا يسمعون منا ونفاجأ بتصرفاتهم، وبيننا من بدأ يتساءل: لماذا نحن هنا طالما حركتنا مقيدة في هذا الشكل؟"
الأسد يشتري علويي تركيا
واضح أن آمال الضابط وأحلامه بالدور التركي تحطمت على صخرة الواقع عندما خطا أولى خطواته إلى أنطاكيا "نقول للمخابرات التركية إن رجال الأسد يصولون ويجولون في انطاكيا ويشترون الأراضي بأسماء العلويين الأتراك ويجنّدون رجالاً لهم، لكن الحكومة التركية لا تحرك ساكناً بينما يزرع نظام الأسد الألغام البشرية بين العلويين الأتراك في انطاكيا".
ولدى إجابته بأن هؤلاء مواطنون أتراك، والدولة التركية لا تتعامل مع مواطنيها على أساس انتمائهم الطائفي، ردّ الضابط غاضباً "لكنهم يوالون نظاماً في دولة أخرى يعادي حكومة بلدهم".
يشير هذا الضابط في "الجيش السوري الحر" من دون أن يعرف الى الانقسام بين "الحكومة التركية" و "الدولة التركية" على الأزمة السورية.
بين "الحكومة" التي حسمت قرارها بضرورة رحيل الأسد ونظامه، وبين "الدولة" وأجهزتها التي تتمسك بضرورة عدم انزلاق سوريا إلى دوامة الفوضى والحرب الأهلية، وضرورة عدم تفجير الملفين الكردي والعلوي في تركيا، نتيجة تداعيات الأزمة في سوريا.
المصدر الحياة اللندنية