
kl:19,00 22|05|2012 Sawtalkurd
تضارب الأنباء عن منفذي تفجير القزاز بـ دمشق يشتت الشارع السوري و العالمي بشكلٍ عام ففي تقريرٍ تم نشره بتاريخ 10|05|2012 على إنه إحتفت المنتديات والمواقع التي تصف نفسها بالمواقع "الجهادية" بالعملية الانتحارية، وكان ذلك واضحا في شبكة " أنصار المجاهدين " التي كتبت حرفيا " نسأل الله أن يسدد رمي المجاهدين". إلى أن اليوم نتفاجئ بمصدر إعلامي تركي قام بإتهام المخابرات التركية تقف وراء ذاك التفجير .
أكد مصدر إعلامي تركي مطلع في استانبول أن التفجير المزدوج الذي حصل في دمشق في العاشر من الشهر الجاري، والذي استهدف مجمع الاستخبارات العسكرية على طريق مطار دمشق الدولي(مفرق حي "القزاز" و"السيدة زينب") ، تقف وراءه المخابرات التركية وليس "جبهة النصرة" التي تبنت التفجيرات السابقة واللاحقة عليه. وقال المصدر في حديث مع "الحقيقة" يوم أمس في استانبول إن لديه "معلومات من مصدر رسمي موثوق جدا" تشير إلى أن الاستخبارات التركية "هي التي خططت ونفذت التفجير بالتعاون مع مواطنين سوريين تركمان من حي ساروجة في دمشق ، ومن منطقة الحجر الأسود في ريف دمشق الجنوبي الشرقي". وقال المصدر " رغم أن السوريين التركمان ، خصوصا منهم النازحين من الجولان السوري المحتل ، يشكلون العصب الرئيسي لتنظيم "جبهة النصرة"، إلا أن التنظيم لا علاقة مباشرة له بالتفجير". وأكد المصدر أن التفجير" لم يكن انتحاريا، وإنما بواسطة سيارتين مفخختين جرى وضعهما في مكان الانفجار ، وجرى تفجيرهما عن بعد بفارق حوالي دقيقة". وأكد المصدر"أن عناصر المخابرات التركية الذين خططوا وأداروا ونفذوا العملية تلقوا دعما لوجستيا كبيرا من مواطنين تركمان في المنطقتين المذكورتين، وبشكل خاص فيما يتعلق بتأمين السيارتين المستخدمتين في التفجير، و إتمام عملية شحنهما بمادة الـ RDX التي جرى إدخالها من تركيا بواسطة سيارات نقل تجارية عابرة أنزلتها في حي الحجر الأسود قبل أن تتابع طريقها إلى الأردن والسعودية"، مشيرا إلى أن عناصر من الأمن العام والجمارك السورية في نقطة باب الهوى الحدودية "سهلوا عملية إدخال السيارات لقاء عمولات مالية دون أن يعرفوا طبيعة الحمولة، إذ جرى التعامل معها كما لو أنها عملية تهريب عادية من النوع الذي يجري يوميا وباستمرار ، رغم التشدد الأمني الذي فرضته السلطات السورية بعد انفجار أزمتها مع حكومة أردوغان".
هذه المعلومات تدعمها واقعة لافتة حصلت خلال اليومين الماضيين دون أن تحظى بأي اهتمام من حيث مغزاها. فقد جرى تلفيق بيان باسم "جبهة النصرة" ادعى أنها هي المسؤولة عن التفجير، وكان تلفيقه بائسا جدا. وقد سارعت المنظمة المذكورة
إلى نفي صحة البيان واتهام "فرع فلسطين" بتزوير البيان ، وهو اتهام منطقي من حيث المبدأ. وأول أمس أصدرت المنظمة بيانا ، حمل الرقم 9 في سلسلة "صدق الوعد ـ القصف بالنسف" ، تبنت فيه تفجير دير الزور الإرهابي الذي وقع صباح السبت الماضي واستهدف فرع "مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية" في المنطقة الشرقية. أي أن تبني التفجير حصل بعد تنفيذه بيوم واحد فقط ، بخلاف ما جرت عليه العادة حيث يتأخر التنظيم في تبني تفجيراته. وهو ما يطرح التساؤل التالي : لماذا كانت المنظمة قادرة لوجستيا على الاتصال بكوادرها الميدانيين والحصول منهم على معلومات سمحت لها بتبني تفجير وقع قبل يوم واحد فقط ، بينما لا تزال تتجاهل تفجير "القزاز" الذي وقع قبله بعشرة أيام بذريعة أنه لم تصلها حتى الآن أية معلومات ميدانية تسمح لها بتبني المسؤولية عن تفجير"القزاز" ، كما ذكرت في بيان النفي المشار إليه؟
عن هذا السؤال يجيب المصدر بالقول" لسبب بسيط ، هو أنها ليست مسؤولة عن التفجير الأول ( تفجير القزاز). مع أني أرجح أن تقوم بتبني هذا التفجير لاحقا بطلب من المخابرات التركية ، بعد أن ينتشر اتهامنا لهذه الأخيرة بالوقوف وراءه. فالتنظيم المذكور، وهذا أصبح مؤكدا لنا تماما الآن ، يعمل بتوجيهات الاستخبارات التركية وشركائها ، أو على الأقل مخترق في العمق من قبلها. ولن يتردد في تبني التفجير لاحقا إذا ما طلب منه مشغلوه الأتراك ذلك ، من أجل إبعاد شبهة الضلوع في الإرهاب عن الحكومة التركية".
هنا أعاد المصدر إلى الأذهان عمليات التفجير الممثالة التي نفذتها المخابرات التركية في دمشق ومدن سورية أخرى في العام 1996 وما بعد بذريعة اغتيال عبد الله أوجلان. فمن المعلوم أن ملف التحقيقات التي جرت في العام 2008 في تركيا ، على خلفية قضية "عصابة أرغنكون" المرتبطة بجهاز "المخابرات القومية التركية"، أظهر تورط هذه الأخيرة بخمس عمليات تفجير على الأقل في سوريا أواسط التسعينيات الماضية. فقد اعترف محمد إيمور ، الرئيس الأسبق لغرفة مكافحة الإرهاب في الجهاز المذكور، والذي تقاعد في العام 1998، أن جهازه ، وبتوجيهات مباشرة من رئيسة الوزراء التركية آنذاك تانسو تشيلر، أرسل آنذاك حوالي طن من المتفجرات من نوع C4 ( يشكل المركب الأساسي لمتفجرات RDX ) إلى دمشق ، حيث جرى وضعها في سيارة شاحنة قبل تفجيرها في غوطة دمشق الشرقية ، قريبا من مطار دمشق الدولي، حيث كان المقر الرئيسي لـ"حزب العمال الكردستاني". ولكن العملية ، التي نفذت مساء 6 أيار / مايو 1996، فشلت في تنفيذ مهمة اغتيال عبد الله أوجلان وقيادات حزبه الذي كان يعقد مؤتمره هناك ، بسبب وضع السيارة في مكان غير مناسب. كما وأظهرت التحقيقات نفسها أن انفجارات مشابهة نفذت لاحقا في حلب واللاذقية ( مات في هذا الأخير أحد مساعدي جميل الأسد) ، ثم في حي البرامكة بدمشق أيضا حيث جرى استخدام مادة حمضية لم يجر استخدامها سابقا، ما أدى إلى قتل الكثير من الأبرياء، ثم في حلب مرة ثانية. وفي جميع هذه العمليات لعب مواطنون سوريون من الأصول التركمانية دورا محوريا في تنفيذ هذه العمليات الإرهابية!