kl:08,41 12|04|2012 Sawtalkurd

تحت هذا العنوان نشرت صحيفة "روداو"، إقليم كردستان العراق، تحقيقا الأربعاء 11 أبريل/نيسان حول مقتل الناشط الكردي جوان القطنة قبل نحو أسبوعين في مدينة الدرباسية.
ونحن نورد هنا النص كاملاً:
مَنْ قتل جوان القطنة؟
أربيل – سيروان حاج بركو
عقارب الساعة تشير إلى 7:35 دقيقة من مساء الأحد 25 مارس/آذار 2012. ستة نشطاء من تنسيقية "أحرار الدرباسية"، المدينة ذات الغالبية كردية في أقصى شمال شرق سوريا، مجتمعون في أحد البيوت ويعدون العدة لتنظيم مظاهرة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد في اليوم التالي.
فجأة، ومن دون سابق إنذار، يقتحم 4 ملثمين مدججين بالمسدسات ورشاشات الكلاشنكوف، يتجهون بأنظارهم نحو ناشط من بين المجتمعين الستة. أحد الملثمين المسلحين يبدأ الحديث موجهاً كلامه إلى جوان، بلهجة منطقة كوباني أو عفرين، وكأنه يعرفه من قبل "جوان، لقد شتمت القائد آبو!"
وسط ذهول جوان ورفاقه الخمسة يرد أحد الناشطين "أخي، نحن جميعا أكراد ولم يوجه أحد الشتائم للقائد أوجلان…"، إلا أن الإجابة تبدو غير مرضية للمسلحين الملثمين الأربعة. ثم يمسكوا بجوان ويقتادوه معهم عنوةً مرددين "فقط نريد أن نقول لك كلمتين".
جوان، شاب في مقتبل ربيع العمر (22 سنة)، معروف بهدوء وحيائه، وشخص مؤدب جدأ، كما يصفه أحد أقاربه. مع بدء الثورة في مارس/آذار من العام المنصرم، ترك جوان مقاعد الدراسة في جامعة حلب حيث كان يدرس، وتوجه إلى مدينة الدرباسية لينظم مع نشطاء آخرين من تنسيقية "أحرار الدرباسية" المظاهرات المناهضة لنظام الأسد. كانت وظيفة جوان التقاط الصور وتصوير مشاهد فيديو ونشرها عبر الإنترت وإرسالها إلى المحطات الإعلامية. جوان ينتمي إلى عائلة ثرية ومن وجهاء المنطقة، لذا أطلق عليه أصدقاؤه "أغا الثورة".
لم يقتصر عمل جوان على تقديم المساعدة المادية للنشطاء بل كان يلعب دورا في بث المظاهرات المنطلقة في مدينته على شاشات المحطات الفضائية، وكان أحد أكثر النشطاء فعالية في الدرباسية، لذا كان الجميع يعرفه ويحبه عدا ضيوفه مساء الأحد.
لم يكتف المسلحون باقتياد جوان معهم، بل أخذوا مفاتيح السيارة من عم الشاب، وخطفوا بها جوان.
يتصل عم جوان، خلوف القطنة، مع شخص يدعى عبد الإله عربو ويقول له: جوان يجب أن يكون بين عائلته خلال نصف ساعة. إلا أن عبد الإله، مسؤول حزب الاتحاد الديمقراطي في الدرباسية، فرع حزب العمال الكردستاني في سوريا، يرد عليه نافياً ضلوع حزبه في عملية خطف ابن أخيه قائلا "لا دخل لنا بخطف جوان، الخاطفين ليسوا من رفاقنا ولا نعرفهم".
خلوف القطنة يتصل، إثر ذلك، بفروع الأمن طالبا منهم عودة ابن أخيه "إن لم يعد جوان خلال أقل من نصف ساعة سنحرق الدرباسية".
في هذه الأثناء انهمكت عائلة جوان وأصدقاؤه وأصحابه في البحث عنه في كل مكان.
بعد مضي ساعتين، تشن دورية مشتركة من قوات الأمن الجوي والأمن العسكري على السيارة التي تقل الأشخاص الخمسة، في قرية قطينة (تبعد 10 كم عن الدرباسية)، ليلقى اثنان منهم مصرعهما ويجرح اثنان آخران. أخذت قوات الأمن الشخص القتيل والثلاثة الآخرين معهم تاركين القتيل الآخر في السيارة، إنه جوان القطنة".
إضافة إلى آثار تسع طلقات، تظهر أثار طعنات سكاكين وآلالات حادة على جسد جوان القطنة. قبل أن يُقتل جوان في السيارة يتعرض لتعذيب وحشي، وكُسرت ساعده اليمنى، تلك التي كان جوان يلتقط بها صوراً في المظاهرات.
اتهم دارين، ناشط من تنسيقية أحرار الدرباسية، خشي من ذكر اسمه، حزب الاتحاد الديمقراطي، فرع حزب العمال الكردستاني في سوريا، باختطاف وتعذيب جوان "توجد محكمة خاصة بحزب "PYD" (الاتحاد الديمقراطي) في ضيعة قطينة. لقد خطفوا جوان على خلفية تنظيمه للمظاهرات ضد النظام، وقاموا بمحاسبته وتعذيبه بوحشية."
تجددت المشاكل مرة أخرى بين نشطاء حزب الاتحاد الديمقراطي ونشطاء "تنسيقية أحرار الدرباسية" قبل اختطاف جوان بيوم واحد، يستذكر زاغروس، ناشط آخر من نشطاء تنسيقية أحرار الدرباسية، تلك الأيام قائلا "كوادر PYD غاضبة منا لأننا نطالب بإسقاط النظام. وكوننا نرفع علم كردستان بدؤوا يزعجوننا مرددين أن هذا العلم ليس علم كردستان، إنه علم إقليم كردستان".
ويضيف "كان أعداد المشاركين في المظاهرات التي ننظمها كبيرة بعكس مظاهراتهم مما جعلهم يوجهون الشتائم إلينا. إلا أن الأمر تجاوز حدود إطلاق الشتائم والتهديدات". وأكد أنهم تلقوا تهديدات من كوادر "PYD أكثر من مرة. كما أن جوان أيضا كان قد تلقى تهديدات منهم عدة مرات".
"PYD يتحرك بمنطق: أنا ولست أنا"
إثر انتشار خبر مقتل جوان القطنة، أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي في بيان رسمي عن مقتل أحد كوادره، كمال أحمد حسين، واعتقال 3 أعضاء آخرين من قبل قوى الأمن السوري، متهما النظام السوري بعملية اختطاف جوان القطنة ومقتله ومقتل كادره كمال أحمد حسين. وأوضح البيان الصادر عن الحزب، أن كوادر الحزب الأربعة خرجوا لنجدة جوان وتحريره من الخاطفين.
إلا أن عائلة جوان وأصدقائه والأحزاب الكردية وناشطو حقوق الإنسان لا يصدقون رواية الحزب ويشككون في مصداقيتها، لكنهم يتهمون النظام بقتل الشاب قطنة.
يقول شخص من عائلة جوان لصحيفة "رووداو": "كائنا من كان وراء مقتل جوان فإن ذلك كان بأمر من النظام."
وشيع موكب جوان القطنة وكمال أحمد حسين، كلاهما من الدرباسية، في موكبين منفصلين ولم تسمح عائلة جوان وأصدقاؤه حزب الاتحاد الديمقراطي من إلقاء كلمة لهم في خيمة عزاءه، الأمر الذي يشير إلى وجود شكوك لدى الجميع أن حزب الاتحاد الديمقراطي يتحمل مسؤولية مقتل جوان، لكن لا أحد يجرؤا على قولها جهاراً.
يقول ناشط مدني من مدينة الدرباسية، يشترط عدم ذكر اسمه "لدينا معلومات مؤكدة أن كوادر من حزب الاتحاد الديمقراطي اختطفت جوان وعذبته، قبل أن تقتله قوات الأمن".
هذا الناشط الذي كشفت منظمته في السنين الأخيرة عن انتهاكات حقوق الإنسان ومقتل الجنود الأكراد أثناء تأديتهم الخدمة الإلزامية في الجيش السوري في ظل ظروف غامضة دون رادع أو خوف من الاعتقال من قبل النظام، يخشى الآن على حياته. ويقول "نحن نخشى من الاغتيال السياسي، لقد بلغ سخط الناس من ممارسات PYD حدا لم يعد يُطاق، PYD يعمل وفق منطق: أنا ولست أنا."
يعم الخوف المناطق ذات التواجد الكردي، بعد اغتيال مشعل التمو و نصر الدين برهك ود. شيرزاد حاج رشيد واختطاف الكثير من النشطاء وتهديد آخرين. لم تتوفر الأدلة الدامغة التي تثبت مسؤولية أعضاء وكوادر حزب الاتحاد الديمقراطي عن ذلك. إلا أن منتقدي الحزب يشيرون إلى وجود تنسيق بين الحزب والنظام السوري بهدف وأد حركة الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد في المناطق الكردية.
في هذا السياق، يعلق ناشط مدني من القامشلي "هناك تنسيق بين PYD والنظام السوري؛ الناس تخشى PYD أكثر من النظام السوري، الأحزاب الكردية لا تستطيع حماية نفسها وحماية الناس، لذا لايمكننا الإفصاح عن هويتنا وتوجيه هذه الاتهامات لحزب الاتحاد الديمقراطي علنا."
ناشط آخر يكتب عبر "فيسبوك" لـ"روداو"، راجيا عدم ذكر اسمه "من فضلك لا تكتب اسمي إنهم (أي PYD ) يقومون بأعمال إرهابية".
من جانبه ينفي آلدار خليل، قيادي بارز في حركة مجتمع غربي كردستان، هذه الاتهامات "لم نقدم على خطف أحد ولم نقتل أحداً، وليست لدينا محاكم. ذات مرة ألقى رفاقنا القبض على لص وقاموا بمحاسبته. نحن تنظيم سياسي وقتل الناس ليس من سلوكياتنا."
أما المجلس الوطني الكردي الذي وقع على وثيقة تفاهم مع PYD في وقت سابق، وكان جوان القطنة أحد أعضائه، فقد سئم من ممارسات حزب الاتحاد الديمقراطي. لذا من المقرر إرسال وفد من قبل المجلس الوطني الكردي إلى جبال قنديل، حيث يتركز معقل حزب العمال الكردستاني، "لتعزيز وثيقة التفاهم مع حزب الاتحاد الديمقراطي والتشاور حول الوضع السياسي والسلم الأهلي في المدن الكردية"، بحسب أحمد سليمان رئيس المجلس الوطني الكردي.
عضو قيادي في المجلس الوطني الكردي، طالبا عدم الكشف عن هويته، يقول "بعد مقتل النشطاء الكرد مؤخرا وتهديد الكثير من النشطاء الآخرين، وجدنا من الضروري الاجتماع بقيادة حزب العمال الكردستاني، فممارسات حزب الاتحاد الديمقراطي بلغت حداً لم تعد يُحتمل."
روداو