02|04|2011 صوت الكورد .
النظام السوري قرر استنساخ "قوانين مكافحة الإرهاب" الأوربية والاميركية كرد استباقي على أي نقد ..
مسودة قانون الأحزاب الجديد تنص صراحة على عدم السماح بتأسيس أحزاب على أساس ديني أو عرقي ، وتحدد شروطا "صارمة" فيما يتتعلق بعدد أعضاء الهيئة التأسيسية وانتمائهم الجغرافي ـ الإداري للمحافظات السورية...
أفادت مصادر حقوقية مقربة من قيادة حزب السلطة في سوريا أن المكتب القانوني في القيادة القطرية للحزب ،وفي سياق إعداده "قانونا لمكافحة الإرهاب" كبديل عن قوانين الطوارىء النافذة ، يعمد على استنساخ القوانين الأوربية والأميركية التي صيغت بعد "غزوة نيويورك" في العام 2001. وقال أحد أعضاء مجلس نقابة المحامين في دمشق لـ" الحقيقة" إن رأي المكتب القانوني استقر على استحضار واستنساخ روح معظم نصوص القوانين الأوربية والأميركية المشار إليها بحيث تشكل "القوام الأساسي لقانون مكافحة الإرهاب" الجاري إعداده ، وذلك " كرد استباقي على أي نقد يمكن أن يوجه للنظام السوري من قبل الدول الغربية على خلفية القانون الجديد".
ومن المعلوم أن الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوربية الغربية ، لاسيما بريطانيا وفرنسا، أصدرت عددا من القوانين المقيدة للحريات عقب "غزوة بن لادن" في نيويورك ، يتضمن بعضها مواد صريحة تسمح بتعليق الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان ، بما في ذلك إمكانية الاحتجاز دون محاكمة لفترات طويلة.
على صعيد متصل ، كشف المصدر عن أن مسودة " قانون الأحزاب" التي يجري العمل عليها ، تتضمن نصا صريحا يمنع تأسيس وترخيص الأحزاب على أساس تنظيمي و / أو ايديولوجي ديني أو طائفي أو عرقي ، الأمر الذي يستبعد على نحو أوتوماتيكي الترخيص للأحزاب الكردية وجماعة " الأخوان المسلمين" . إلا أن هذا سيصطدم بإمكانية المحاججة بحقيقة أن حزب البعث نفسه ، وإن كان يضم في صفوفه أعضاء غير عرب من القوميات الموجودة في سوريا ( تركمان ، أكراد ، شركس .. إلخ)، فإن أيديولوجيته ذات طابع "عرقي" واضح لجهة ما يتعلق بـ" الأمة العربية " و " القومية العربية". ولهذا ، فإن " مشرّعي " الحزب في مكتبه القانوني يسعون إلى اجتراح نص يسمح للحزب بتفادي هذه المعضلة. وقال المصدر إن المسودة ستضع شروطا" قاسية وربما تعجيزية" في " قانون الأحزاب" العتيد تتعلق بعدد أعضاء الهيئة التأسيسية للحزب المنوي ترخيصه وبانتمائهم الجغرافي ـ الإداري . إذ إن الأفكار المتداولة الآن بهذا الخصوص في أروقة "المكتب القانوني" ، والتي أصبحت شبه محسومة، تشير إلى أن أي حزب يجب أن تضم هيئته التأسيسية ما لا يقل عن خمسمئة عضو مؤسس ينتمون إلى ثلثي عدد المحافظات السورية على الأقل ( أي إلى ثماني محافظات في الحد الأدنى). وهو ما يعني عمليا أن أيا من الأحزاب المتحالفة مع السلطة الآن فيما يعرف بـ"الجبهة الوطنية التقدمية" لن يكون بمقدوره الترخيص لنفسه ، باستثناء الحزب الشيوعي السوري ( جناح يوسف فيصل) و الحزب القومي السوري . أما بقية أحزاب الجبهة ، وطبقا لتقرير أعدته " إدارة المخابرات العامة " في العام 2005 ، وتمكنت "الحقيقة" من الاطلاع على بعض ما جاء فيه ، فيترواح عدد أعضائها ما بين 70 عضوا ( كحزب الاتحاد الاشتراكي الذي يقوده صفوان قدسي) و 300 عضوا في الحد الأقصى ، وهي حال الحزب الشيوعي السوري ـ " جناح آل بكداش"! وفي هذه الحال ـ يقول المصدر ـ لا يبقى أمام الأحزاب ذات التوجه الأيديولوجي المشابه ( شيوعية ، قومية .. إلخ) سوى الاندماج فيما بينها أو الاندثار النهائي.
وكانت دراسة "إدارة المخابرات العامة" المشار إليها رأت أن فصل حزب البعث عن الدولة ( إلغاء المادة 8 من الدستور) ستؤدي تلقائيا إلى خروج ما لا يقل عن 80 بالمئة من أعضاء حزب البعث إلى خارج صفوفه والتحاقهم بأحزاب أخرى ( في حال وجودها). كما و رأت أن ما لا يقل عن 25 بالمئة من هؤلاء سيتجهون إلى حزب / أحزاب ذات ميول وتوجهات قومية ـ ليبرالية ومثلهم إلى حزب/ أحزاب ذات ميول وتوجهات قومية ـ إسلامية ، وربما توجه عشرة بالمئة منهم إلى أحزاب ذات ميول وتوجهات اشتراكية ويسارية.
يشار إلى أن الحزب الشيوعي السوفييتي ، وفور أن أعلن بوريس يلتسين حظر نشاطه أواخر العام 1990 ( وهو ما يوازي عمليا إلغاء المادة 8 من الدستور السوري) ، خسر حوالي نصف مليون من أعضائه خلال أسبوع واحد ، وكان يشكل هؤلاء قوام " الكامريللا" أو " النومينكلاتورا" في الجمهوريات السوفييتية ( عصابة السلطة من الفاسدين في المركز والأقاليم ، أو بتعبير آخر "المخلوفية" السوفييتية التي كان يقودها عدد من زعماء عصابات المافيا كبوريس يلتسين نفسه ، وزوج ابنته ، و إيغور غايدار وفيكتور تشيرنوميردين و ستيباشين ، الذين اشتروا مؤسسات القطاع العام لأنفسهم بأثمان بخسة و / أو باعوها لشركات أجنبية!). وبعد أقل من عام على ذلك لم يبق في الحزب سوى حوالي مئة وخمسين ألف عضو من أصل تسعة عشر مليون عضو ، وهؤلاء هم من كانوا الشيوعيين الحقيقيين الذين جاؤوا إلى الحزب بسبب قناعاتهم ، وليس بسبب الارتزاق أو تأمين مظلة حماية من النظام البوليسي . وقد تكررت هذه الظاهرة ، بسنب مختلفة ، في جميع بلدان أوربا الشرقية لاحقا!