نزار عيسى :
أن انتشار ثقافة التخويين بشكل مخيف في أوساط جيل مطلقي ثورات الربيع العربي باتت تهدد وبشكل خطير وخيف حالة التآلف والتواصل المجتمعي بين صفوف هذه الشريحة الشبابية و التي من المفترض أن يُعول عليها الشي الكثير في أنجاح مشروع التغييرالمنشود وفي رسم ملامح المستقبل المأمول لبلدانها
ان هذه الثقافة المدمرة ما هي
إلا نتيجة حتمية لعملية انتقال الصراع الفكري والسياسي من جيل الآباء جيل الأبيض والأسود الى جيل كل ألوان الطيف و الذي كنا نصبو و نمني النفس والخاطر ان يكون هذا الجيل المفعم بالنشاط والحيوية أبعد ما يكون عن بؤر الشقاق المختلفة والمفرقة التي تحصر مكنوناتهم في حلقة متكررة مقزمة للجهد المجتمعي الشبابي والنخبوي بحيث تُهدِر فيه الطاقات الكامنة والجبارة دون أية مكاسب حقيقية ملموسة في بنية المجتمع
ان إبقاء الطاقات الشبابية في حالة من التشرزم والتشتت هو الضامن الأساسي والوحيد لقدرة القوى الرجعية التقليدية وكذلك قدرة النظام المغتصب للسلطة على إيقاف عجلة ثورات الحرية والكرامة في بلدان الربيع العربي وكبح جماحها عن تحقيق أهدافها وتطلعات مطلقيها والتهيء لخلق البيئة المناسبة والملائمة لإعادة ترتيب مواقعهم وتنظيم جهودهم واستجماع قواهم المشتتة بما يضمن لهم استلام زمام المبادرة وحسن إدارة شؤون البلاد خلال الحقبة القادمة ولو نجحت تلك القوى الظلامية و المتربصة في سعيها عبر سياسة فرق تسد من خلال نشر ثقافة التشكيك والتخوين ونظرية المؤامرة في عقول جيل الشباب سيكون الأمر كارثيا ً ومحبطا ً لأمال وتطلعات هذا الجيل والأجيال القادمة لذلك لا تألوا هذه القوى الظلامية جهدا ً من اجل طغيان حالة الانقسام والتناحر بين أبناء هذا لجيل و التي تتسع الهوة بينها بشكل يدعو للذعر ويخلق جو من التشاؤم الأقرب إلى حالة من الأحباط واليأس بحيث يظهر للعيان مدى تلقف هؤلاء الشباب الطعم بشكل غريب وسريع والسقوط في الشرك المنصوب لها من قبل تلك القوى الشريرة والعفنة عبر أدواتها الصغيرة .
بكل الأحوال إن تجاوز الفكر التخويني وثقافة كيل التهم الجاهزة لأي من أ طراف من المجتمع الشبابي الثوري هي اللبنة الأولى المفصلية والمهمة على خطى صياغة ميثاق شرف لجيل الثورة البيضاء مع كل أطراف المعارضة الوطنية بكل شفافية والتي يفترض أن تتضمن برنامجها واهدافها ومطالبها وأدواتها وأحداثها وتوضيح ماهية التغيير المأمول و المنشود والعمل بوحي من ضمير وإخلاص للوصول إلى الهدف الذي من أجله أوقدت شعلة الثورة وقدمت لها خيرة القرابين .
وتحقيق كل ذلك مرتبط بمدى الوعي التام للكتلة الشبابية بماهية واجباتها ومسؤلياتها التاريخية تجاه كل التضحيات التي قُدمت والأهداف التي رسمت صورة الوطن المأمول
ولذلك لابد من ان يكونوا أكثر حرصا وأكثر قوةً بل اكثر تلاحما ً وأكثر قدرة على حصر خلافاتهم وإلغاء الفكر التخويني تلك الآفة الفتاكة والمدمرة واغناء رؤاهم بما يعود بالخير على البشر والوطن... .